محمد الصناعي:مؤهلات خص الله بها العرب

أربعاء, 07/10/2024 - 11:20

حينما كان الأعاجم قياصرة وكياسرة يتنافسون على حكم الأرض، كان العرب رعاة وشعراء يتفاخرون بالأنساب.
وفي هذا الحين، شاء الله أنّ يهبط جبريل إلى الأرض حاملًا رسالته العالميّة، فما هبط بها في بلاد الأعاجم حيث يصنع القرار العالمي وتتنافس الإمبراطوريات على بسط النّفوذ على العالم..
بل هبط بها في بيداء العرب، حيث المؤهلات الحضاريّة التي تؤهّل أصحابها لحمل الرّسالة العالميّة وإيصالها إلى العالمين شرقًا وغربا، فحملوها وفتحوا لها الأرض، فشيّد الإسلام حضارته على أنقاض الإمبراطوريات العظمى، وما كان هذا الأمر ليتم ولا يفكّر به، لو كانت مؤهلات البناء الحضاري والبقاء على الحضارة مادّية تظهر في حياة الإنسان (جيوش لا تقهر، آلة حربية فتّاكة، أسوارٌ معلّقة، مدن تناطح السّحاب، وشعوب تأكل بالشّوكة والسّكين..)، ولكنّها إنسانيّة تظهر في الإنسان ذاته (الأصالة، الأعراف، المبادئ، القيم، ومكارم الأخلاق..)، وهذه كانت في العرب ولم تكن في الأعاجم.

كانت رسالة الله عالميّة، وكان العالم يُدار من قصور فارس والرّوم، وكان جبريل يهبط برسالة العالمين إلى غار في غبراء العرب، ليسلّمها إلى راعٍ يتيم، فقير، مغمور.. ويقول «ما أنا بقارئ»!
ما أعجب هذه التناقضات!
حسب خبراء الحضارات وبناء الدّول، رجلٌ بهذه الصّفات، ليس مؤهلًا لأمر يخصّ العالم أكثر من رعي الأغنام، لكن «الله أعلم حيث يجعل رسالته»، فما بعث إلى العالمين نبيًا من الملوك الأكثر نفوذًا على العالم، ولا بعث من العلماء الأبلغ علمًا، ولا بعث من القريتين الأكثر مالًا، بل بعث من الرّعاة الأمّي الذي قال في وصفه «وإنّك لعلى خلق عظيم»، ليقول لقومه الجاهلين «إنّما بعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق»، وما أن تمت مكارم أخلاقهم، حتّى صارت لهم فارس والرّوم غنائما..