الصراع القطري – السعودي … حرب خليجية رابعة على الابواب

جمعة, 06/09/2017 - 16:20

 

 

د. صادق كاظم

بالتأكيد لن يقف القطريون مكتوفي الأيدي وهم يشاهدون خصومهم يتحشدون ضدهم ويلوحون بغزو عسكر ي قريب لقطر للإطاحة بحاكمها وسط حماس اماراتي مصري يعززه إرادة سعودية بتصفية الأسرة الحاكمة في قطر وإلغاء وجودها السياسي وضم قطر لاحقا إلى الفضاء السعودي .

قطر لا تملك جيشا ضخما ومرعبا يمكن ان يقنع السعوديين وحلفائهم بالعدول عن هذه الفكرة والتراجع عنها وهي بالتأكيد ستلجأ إلى اقرب الحلفاء والأصدقاء وهم الأتراك والإيرانيين لحمايتها وهو أمر مبرر لها لا سيما وان السعودية والإمارات تستعينان أيضا بقوات أمريكية وفرنسية لحماية أراضيهم .

الاشتباك القطري مع السعودية وحلفائها إن حدث سيكون بمثابة حرب خليج رابعة ستشعل المنطقة من جديد وسيكون الأسطول الأمريكي شاهدا على وقائعها . سينتقم السعوديون بشدة من منشات النفط والغاز القطرية وسيعيد  سلاح الجو السعودي والإماراتي استخدام سيناريو القصف الجوي في اليمن لتدمير المنشات والمواقع الحساسة  القطرية لضعضعة الوضع الداخلي وإقناع الجيش والشعب القطري على الاستسلام سريعا وعدم المقاومة من اجل ضمان نجاح خطة الغزو والاقتحام للدوحة .

الأوضاع في المنطقة  تسير نحو الحررب وهي تشبه حاليا الوضع الذي كانت عليه اوروبا قبل الحرب العالمية الأولى ,حيث كانت منقسمة إلى معسكرين متصارعين انتظرت حادثة اغتيال الارشيدوق النمساوي لتشتعل شرارة الحرب العالمية  التي فتكت بعشرات الملايين من البشر وغيرت الكثير من الخرائط الجغرافية في العالم بضمنها المنطقة العربية .

هناك عوامل تشجع فكرة غزو قطر من قبل السعودية وحلفائها منها ترسانة السلاح الضخمة ووجود غطاء سياسي إقليمي ودولي يشجع فكرة الغزو في مقابل تواضع القوة العسكرية القطرية والتي من المؤكد إنها ستلجأ الى فتح أراضيها امام القوات الإيرانية والتركية وعناصر حركة حماس وأية ميليشيات اخرى تدافع عن اراضيها .

  وصول الخلاف السعودي المدعوم بحرينيا واماراتيا  الى هذا المستوى من التصعيد والتصادم الى حد اخراج قطر من البيت الخليجي ومحاصرتها بهذا الشكل المفرط  انما يعكس وجود ازمة خطيرة  في النظام السياسي الخليجي والعربي  ومحاولة السعودية  الانفراد بزعامة هذا النظام التي استغلت زيارة ترامب والفاتورة الضخمة التي دفعتها له لمباركة هذا الدور القيادي والاعتراف به وكانت الدوحة اول الضحايا .

الاتهامات التي وجهت الى قطر واعتبرتها الرياض تهديدا خطيرا لها ليست جديدة وتعلم الرياض بها منذ فترة وهي لا تمس امن الرياض وحلفائها بشيء ,بل ان قسما من هذه الاتهامات تنطبق على الرياض نفسها فهي اول من تنافس مع القطريين على دعم الحركات الراديكالية المتطرفة في ليبيا وسويا وحرص كل منهما على ان يحجز له  دورا ضاغطا ومؤثرا عبر هذه الجماعات في مواقع الازمة تلك .

الحساسية السعودية من دو الاخوان السياسي في المنطقة وتحفظاتهم على وجود زعمائها وقياداتها في قطر لم يقابله هذا الاستياء على الاتراك الذين يحتضنون  بدورهم العديد من زعماء الجماعة ويحتفظون بعلاقة مميزة نوعا ما مع بعض قيادات حكة حماس .ويبدوا ان السعوديين يستحضرون الماضي في تعاملاهم مع القطريين والشدة التي اظهروها في انقلابهم المفاجي على القطريين وحماستهم الشديدة في اجبار حاكم قطر على الخضوع والتنازل والالتزام بالشروط السعودية .كان لقطر ومنذ البداية شخصيتها ورأيها السياسي البعيد عن الموقف السعودي ومحاولتها لعب دور منفرد ومميز يمنحها بعضا من الخصوصية والتأثير في احداث المنطقة وهو ما جعلها تؤسس لقناة الجزيرة وتستغلها لرفع منسوب حضورها السياسي العربي وتقديم نفسها على إنها إمارة ليست تقليدية ولا تمانع في الانفتاح على الافكار والتوجهات الحديثة بعكس جارتها السعودية التي تفرض قيودا شديدة على حرية المعلومات والصحافة وتمنع المرأة  من قيادة السيارات وتتبنى نهجا فكريا متشددا خرجت من عباءته العشرات من التنظيمات الإرهابية المتطرفة .

هذا الصعود القطري خلال مدة قصيرة جعل السعوديين يشعرون بالغضب من تنامي هذا الدور على حسابهم ونجاح الدوحة في توظيف ثرواتها النفطية في صناعة هذا الحضور والدور مما جعل الرياض تؤمن بضرورة ترويض هذا الدور واحتوائه باي ثمن وهو الشعور الذي تضاعف بعد التورط السعودي في حرب اليمن وفشل السعودية في تحويل هذا التدخل الى مناسبة لتوكيد زعامتها العربية والاسلامية ,خصوصا وان العديد من الدول الاسلامية رفضت المشاركة في هذه الحرب لاسباب اخلاقية وعدم اقتناعها بالحجج السعودية لتبرير غزوها لليمن ,إضافة الى ميلها الى الحلول السلمية في إيجاد مخرج للازمة بدلا من الحرب وهو ما ترفضه السعودية .

تصريحات الشيخ تميم التي أشعلت الغضب السعودي وفجرت مكامن الغضب لديها وجعل الرياض تبدأ حربها الباردة على الدوحة والتعامل معها على انها عدو يجب تصفيته والقضاء عليه وهو ما تقوم به الرياض حاليا من خطوات ناعمة بدأت بفض الحصار الشامل برا وبحرا وجوا ,اضافة الى القطيعة الكاملة مع القطريين عبر سحب السفراء وإغلاق السفارات وحظر التعامل المالي والتجاري وصولا الى محاولة اخضاع الدوحة الى احكام البند السابع عب اصدار قرار اممي وبضوء اخض امريكي  ,فضلا عن إعادة الاتصال بعض من افراد الاسرة الحاكمة في الدوحة من الفرع الاخر لاسرة ال ثاني لترتيب انقلاب داخلي يطيح بالشيخ تميم ويستبدله بشخص اخر مقرب من السعودية وينهي دور قطر المعاند لها .

قطر لا تختلف كثيرا عن السعودية في دعم التطرف في المنطقة ومساعدته على الظهور والثبات في الأماكن التي ينتشر فيها وهي قد تورطت بعد العام 2011 في عملية إسقاط القذافي وقتله وتسببت في تحويل ليبيا الى دولة فاشلة تسيطر عليها الميليشيات وتعمها الفوضى .كما ان

لها علاقة مميزة ببعض التنظيمات المصنفة ارهابيا في  سوريا والتي تشترك معها في هدف تغيير النظام في دمشق ,وهي من وظف قناة الجزيرة لتحقيق اهدافها السياسية وفي رعاية بعض الأجندات التي تتماشى مع سياستها التدخلية في بعض الملفات في المنطقة وهو دور لم تخجل منه قطرر يوما او تراجعت عنه حتى بينما في المقابل نجد ان السعودية وباستثناء عدائها المزمن لحركة الاخوان المسلمين فانها تلتقي مع قطر في معظم ثوابت سياستها الخارجية  فهما يتحالفان مع واشنطن ويسعيان لاسترضائها باي ثمن ولا يعارضان الكيان الصهيوني ويشحنون المنطقة طائفيا .

التحذير القطري من اقتراب البوارج السعودية والاماراتية  من سواحلها يؤكد تيقن قطر من عزم السعودية وحلفائها على شن الحرب ضدها ,لكنها تراهن على الوساطات بضمنها وساطة ترامب نفسه من اجل تجنيب المنطقة حربا رابعة تنتهي بدمارها وربما باستيلاء المارينز الامريكي على حقول النفط فيها .

بغداد – العراق

الفيديو

تابعونا على الفيس