أصدرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وثيقتها الجديدة في أيار مايو الماضي التي جاءت كبديل أو تحديث لميثاقها الصادر سنة 1988من القرن الماضي.
وقد نصت الوثيقة الجديدة على أن حركة المقاومة الإسلامية “حماس” حركة فلسطينية وطنية مقاومة ذات مرجعية إسلامية تهدف إلى مواجهة المشروع الصهيوني وتحرير فلسطين أرض الشعب الفلسطيني الأرض العربية الإسلامية التي حددت الحركة حدودها الشرقية بنهر الأردن والغربية بالبحر المتوسط ومن رأس الناقورة شمالا إلى أم الرشراش جنوبا وهي وحدة إقليمية لا تتجزّأ كما في الوثيقة.
وقد ركزت الحركة على العديد من النقاط الجوهرية التي تبرهن على فهم عميق لمجريات الأحداث على الساحة الفلسطينية والظروف المحيطة بها إقليميا ودوليا والتطورات المتلاحقة التي يمر بها العالم العربي بعد ما عرف بأحداث الربيع العربي .
و سنقف بشيء من التجاوز ودون ترتيب مع بعض النقاط التي وردت في الوثيقة:
ـ التمسك بالقدس عاصمة لدولة الفلسطينية.
ـ التأكيد على حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ورفض كل محاولات الرامية إلى تصفية قضيتهم.
ـ التأكيد على عدوانية المشروع الصهيوني وأداته المتمثلة في الكيان الاسرائلي وخطره عل الأمة العربية والإسلامية وعلى السلم والأمن الدوليين.
ـ التأكيد على جوهرية الصراع مع المشروع الصهيوني المحتل وليس مع اليهود بسبب ديانتهم.
ـ التأكيد على حق تقرير المصير .
ـ عدم الاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني وعدم التنازل عن أي جزء من أرض فلسطين.
ـ القبول بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس على حدود الرابع حزيران يونيو1967 مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم.
ـ رفض جميع الاتفاقات والمبادرات ومشروعات التسوية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية.
ـ التمسك بخيار المقاومة كحق مشروع تكفله جميع الأعراف والشرائع السماوية والقوانين الدولية.
ـ التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية كإطار وطني جامع للشعب الفلسطيني.
ـ التأكيد على استقلالية القرار الفلسطيني وعدم ارتهانه لأي جهة خارجية .
ـ التأكيد على دور المرأة الفلسطينية.
ـ تبني سياسة الانفتاح على مختلف دول العالم.
ـ الاستعداد للتعاون مع جميع الدول الداعمة للشعب الفلسطيني.
ـ رفض محاولات الهيمنة على الأمة العربية والإسلامية وعلى سائر الأمم والشعوب.
ـ إدانة جميع أشكال الاستعمار والاحتلال والتمييز والظلم والعدوان في العالم.
لكن ما لجديد في الوثيقة؟
سنحاول تتبع بعض المسائل الشكلية والجوهرية التي أعطت للوثيقة بعض التميز عن الميثاق ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
1ـ خلو الوثيقة من الاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية
ومن الاستشهاد بآراء حسن البنا.
2ـ فك الارتباط بالإخوان المسلمين:
وقد نصت المادة 2 من الميثاق على أن حركة المقاومة الإسلامية جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين وحركة الإخوان المسلمين تنظيم عالمي وهي كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث…
وهي “حلقة من حلقات الجهاد في مواجهة الغزوة الصهيونية ـ كما في المادة7 من الميثاق ـ تتصل وترتبط بانطلاقة الشهيد عز الدين القسام وإخوانه المجاهدين من الإخوان المسلمين عام 1936وتمضي لتتصل وترتبط بجهاد الفلسطينيين وجهود وجهاد الإخوان المسلمين في حرب1948 ومابعده”.
3ـ حذف الشعار:
“الله غايتها الرسول قدوتها القرآن دستورها الجهاد في سبيل الله طريقها والموت في سبيل الله أسمى أمانيها” الذي نصت عليه المادة8 من الميثاق.
4ـ القبول بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 4حزيران:
وذلك كصيغة توافقية وطنية تقضي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على خطوط الرابع حزيران يونيو 1967 مع عودة اللاجئين.
وقد نصت المادة 13 من الميثاق على تعارض المبادرات وما يسمى الحلول السلمية والمؤتمرات الدولية لحل القضية الفلسطينية مع عقيدة حركة المقاومة الإسلامية فالتفريط في أي جزء من فلسطين تفريط في جزء من الدين فوطنية حركة المقاومة الإسلامية جزء من دينها على ذلك تربي أفرادها ولرفع راية الله فوق وطنهم يجاهدون.
5ـ مسألة الجهاد:
فقد ورد ذكر الجهاد في الوثيقة مرة واحدة مقارنة بسبع مرات في الميثاق وجاء في المادة 15 من الميثاق “يوم يَغتصب الأعداء بعض أرض المسلمين، فالجهاد فرض عين على كل مسلم. وفي مواجهة اغتصاب اليهود لفلسطين لا بد من رفع راية الجهاد، وذلك يتطلب نشر الوعي الإسلامي في أوساط الجماهير محليًا وعربيًا وإسلاميًا، ولا بد من بث روح الجهاد في الأمة ومنازلة الأعداء والالتحاق بصفوف المجاهدين“.
وفي المادة 28 من الميثاق “والدول العربية والمحيطة بإسرائيل مطالبة بفتح حدودها أمام المجاهدين من أبناء الشعوب العربية والإسلامية، ليأخذوا دورهم ويضموا جهودهم إلى جهود إخوانهم من الإخوان المسلمين بفلسطين.
أمَّا الدول العربية والإسلامية الأخرى، فمطالبة بتسهيل تحركات المجاهدين منها وإليها، وهذا أقل القليل”.
وكبديل فيما يبدو عن لفظ الجهاد حفلت الوثيقة بذكر كلمتي المقاومة والتحرير.
6ـ العلاقة بمنظمة التحرير الفلسطينية:
فقد نصت المادة 27 من ميثاق الحركة على أن “منظمة التحرير الفلسطينية من أقرب المقربين إلى حركة المقاومة الإسلامية تبنت المنظمة فكرة الدولة العلمانية وهكذا نحسبها. والفكرة العلمانية مناقضة للفكرة الدينية مناقضة تامة، وعلى الأفكار تُبنى المواقف والتصرفات، وتتخذ القرارات.
ومن هنا مع تقديرنا لمنظمة التحرير الفلسطينية – وما يمكن أن تتطور إليه- وعدم التقليل من دورها في الصراع العربي الإسرائيلي، لا يمكننا أن نستبدل إسلامية فلسطين الحالية والمستقبلية لنتبنى الفكرة العلمانية، فإسلامية فلسطين جزء من ديننا، ومن فرّط في دينه فقد خسر”.
أما الوثيقة فقد اعتبرت “منظمة التحرير الفلسطينية إطارا وطنيا للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج يجب المحافظة عليه مع ضرورة العمل على تطويره وإعادة بنائه على أسس ديمقراطية تضمن مشاركة جميع مكونات وقوى الشعب الفلسطيني”.
وإذا كانت حماس قد قالت عن الوثيقة “بهذه الوثيقة تتعمق تجربتُنا، وتشترك أفهامُنا، وتتأسّس نظرتُنا، وتتحرك مسيرتنا على أرضيات ومنطلقات وأعمدة متينة وثوابت راسخة، تحفظ الصورة العامة، وتُبرز معالمَ الطريق، وتعزِّز أصولَ الوحدة الوطنية، والفهمَ المشترك للقضية، وترسم مبادئ العمل وحدود المرونة” فإننا ودون التجني على حماس نرى أنها حملت رسالتين أساسيتين:
إذ كانت الرسالة الأولى موجهة إلى الداخل الفلسطيني ومفادها التلاقي إلى كلمة سواء يتفق حولها أغلب الفلسطينيين كالتمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية كإطار وطني جامع للشعب الفلسطيني والتأكيد على استقلالية القرار الفلسطيني وعدم ارتهانه لأي جهة خارجية والتمسك بخيار المقاومة كحق مشروع تكفله جميع الأعراف والشرائع السماوية والقوانين الدولية.
والقبول بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس على حدود الرابع حزيران يونيو1967 مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم.
وجاءت الرسالة الثانية إلى الجوار الإقليمي والمجتمع الدولي متضمنة فك الارتباط بحركة الإخوان المسلمين والتأكيد على عدوانية المشروع الصهيوني وعدم الاعتراف بشرعيته ورفض محاولات الهيمنة على الأمة العربية والإسلامية وعلى سائر الأمم والشعوب وإدانة جميع أشكال الاستعمار والاحتلال والتمييز والظلم والعدوان في العالم و تبني سياسة الانفتاح على مختلف دول العالم والاستعداد للتعاون مع جميع الدول الداعمة للشعب الفلسطيني.
ولله الأمر من قبل ومن بعد