العرب والكتابة التاريخية.. مأزق المنهج والموضوع / سعيد مبارك

أربعاء, 05/17/2017 - 10:04

خصصت مجلة "ذوات" الثقافية العربية الإلكترونية الشهرية، الصادرة عن مؤسسة "مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث"، ملف عددها السادس والثلاثين (شهر مايو 2017) لموضوع "العرب والكتابة التاريخية: مأزق المنهج والموضوع".

ويسلط الملف الضوء على العديد من الإشكالات التي يعاني منها البحث التاريخي في العالم العربي، والكشف عن أوجه القصور التي تعرفها الكتابة التاريخية،

 والمتمثلة أساسا في المصادر والوثائق، والأرشيف، وغياب التنسيق بين الجامعات والمراكز العربية

وينطلق اختيار موضوع العدد من التطور الذي تشهده   الكتابة التاريخية العربية، منذ عشرينيات القرن الماضي، نهضة اتسمت باستخدام مناهج البحث العلمي التاريخي الحديث، ساهم فيها بالتدريج باحثون ومؤرخون عرب درسوا في الجامعات الغربية، فتمكنوا من إرساء مناهج وطرائق حديثة للدرس التاريخي العربي، والكتابة التاريخية، التي قطعت أشواطا مهمة وعرفت مدارس متنوعة حققت نوعا من الإشعاع، ورغم ذلك، ما تزال الكتابة التاريخية العربية في مهدها إذا ما قورنت بالكتابات التاريخية الغربية، التي تجاوزت الكثير من الإشكالات والعوائق، التي مازالت الكتابة التاريخية العربية تتخبط فيها، وعلى رأسها مأزقا المنهج والموضوع، واستمرار الشكل التقليدي للكتابة التاريخية العربية المعتمد على السرد والإسناد، وتواصل النظرة التقديسية للماضي.

ولا أدل على ذلك من الملاحظات "القاسية"، التي أطلقها العديد من الباحثين والمؤرخين العرب، ومن بينهم الباحث والمؤرخ المصري رؤوف عباس، الذي وسم البحث التاريخي العربي بـ "العقم والإفلاس المنهجي"، والباحث والمؤرخ المغربي محمد حبيدة الذي وصفه بـ "البؤس"، وهو تعبير قاس يؤشر على التراجع الكبير الذي يعرفه البحث التاريخي العربي، وضعف التكوين وغياب التجديد، ما حدا بالمؤرخ التونسي الطاهر المنصوري إلى الدعوة إلى تطوير الممارسة التاريخية في الوطن العربي وتحديثها، والتأكيد أن تطورها رهين بتطور البنية الاقتصادية في العالم العربي بشكل أعم، وبإصلاح الاختلالات التي تعرفها المنظومة التعليمية، والدفع نحو مزيد من الديمقراطية، والحرية، والانفتاح والتنوير.

ونظرا لأهمية الكتابة التاريخية، ودورها الفاعل في رقي المجتمعات وتطورها، خصصت مجلة "ذوات" الثقافية العربية الإلكترونية الشهرية، الصادرة عن مؤسسة "مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث"، ملف عددها السادس والثلاثين (شهر مايو/ أيار 2017) لموضوع "العرب والكتابة التاريخية: مأزق المنهج والموضوع"، لتسليط الضوء على العديد من الإشكالات التي يعاني منها البحث التاريخي في الوطن العربي، والكشف عن أوجه القصور التي تعرفها الكتابة التاريخية، والمتمثلة، في المصادر، والوثائق، والمناهج، والأرشيف، وغياب التنسيق بين الجامعات والمراكز العربية...

وهكذا، جاء ملف العدد (36) من مجلة ذوات، والذي أعده الباحث الجزائري المتخصص في التاريخ، شرقي عبد الباسط، وقدم له بمقال بعنوان "التاريخ والمؤرخ: نحو تأسيس مدرسة تاريخية عربية"، متضمنا لأربعة مقالات؛ الأول للباحث اليمني فيصل الدودحي المعنون بـ "التاريخ والحداثة: مقاربة لتلقي المثقف العربي لخطاب الحداثة بين التقليد والتجديد: (عبد الله العروي أنموذجاً)"، والثاني للأكاديمي الجزائري محمد بن ساعو الموسوم بـ "مسيرة الكتابة التاريخية في الجزائر بين أثقال التقديس ونزعات التسييس وترسبات الكولونيالية"، والثالث للباحث الكويتي أحمد ناصر السميط، بعنوان "جدلية العلاقة بين التاريخ والتنمية"، والرابع للباحث والأكاديمي الأردني جمال مقابلة، والذي تناول فيه "إشكاليّة تأريخ الأدب العربي". أما حوار الملف، فكان مع الباحث المغربي حسن بودلال، الذي تناول فيه تطور الكتابة التاريخية بالوطن العربي، وإشكالاتها ومعيقاتها، وأسباب تراجعها، وغياب مدرسة تاريخية عربية واضحة المعالم.

وبالإضافة إلى الملف، يتضمن العدد 36 من مجلة "ذوات" أبوابا أخرى، منها باب "رأي ذوات"، ويضم ثلاثة مقالات: "بؤس التاريخ" للأكاديمي المغربي محمد حبيدة، و"إشكالية الهوية بين التنامي الإعلامي وتحديات العولمة" للباحث المصري محمود كيشانه، و"صناعة الإرهاب في العالم العربي" للباحث المغربي المقيم بفرنسا يونس بلفلاح؛ ويشتمل باب "ثقافة وفنون" على مقالين: الأول للكاتبة والناقدة المصرية شيرين أبو النجا بعنوان: "مواطنات وسبايا ثم ناجيات: الجسد الأيزيدي"، والثاني للناقد والأكاديمي الجزائري محمد الأمين بحري بعنوان "مغامرة السرد الارتحالي في رواية "كاماراد" للصديق حاج أحمد الزيواني".

ويقدم باب "حوار ذوات" لقاء مع الروائية السودانية آن الصافي، أنجزه الكاتب المغربي عبد الله المتقي، يتناول أعمالها الروائية ومشروعها المبتكر الذي سمته "الكتابة للمستقبل"، ويقترح "بورتريه ذوات" لهذا العدد صورة للمفكر التونسي هشام جعيط صاحب الثلاثية المعروفة في السيرة النبوية، والعديد من الأعمال الفكرية والمقاربات التاريخية، الداعية إلى تجديد الاشتغال بالتاريخ والتراث. البورتريه من إنجاز الكاتب والإعلامي التونسي عيسى جابلي. وفي باب "سؤال ذوات"، يسائل الكاتب والإعلامي الفلسطيني أوس داوود يعقوب مجموعة من المترجمين حول واقع وإشكاليات الترجمة في الفضاء العربي، فيما يقدم الكاتب والباحث التربوي المغربي محمد حمدي في باب "تربية وتعليم"، مقالا بعنوان: "قلة الاهتمام بالتعلم من قبل الطفل المتعلم".

ويقدم الباحث المغربي حسام هاب قراءة في كتاب "في نقد العقل السلفي" للباحث المغربي منتصر حمادة، وذلك في باب "كتب"، والذي يتضمن أيضاً تقديماً لبعض الإصدارات الجديدة لمؤسسة "مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث"، إضافة إلى لغة الأرقام، التي تقدم مجموعة من الأرقام الدالة لتقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي التابع لمنظمة الأمم المتحدة (UNDP) لعام 2016.

الفيديو

تابعونا على الفيس