ثلاث فرضيات بعد يومين من "قانون السير "

جمعة, 05/12/2017 - 18:59

يطرح الشغب الذي عرفته أحياء الضواحي في نواكشوط الكثير من أسئلة الاستغراب بل و الاستهجان إذا علمنا أن غالبية الذين مارسوا عمليات الفوضى [النهب و السلب و الاعتداءات] المرفوضة إجمالا ، ليسوا من أصحاب السيارات و ليس لهم أي علاقة مباشرة بهذا القانون ، و إنما تحولوا إلى  ركاب موجة جاءت صدفة في وقت تعز فيه الصدف ، و على بعد أيام من التعديلات الدستورية التي أقرها رئيس على وشك أن يضعه التاريخ السياسي  للبلاد أمام أول اختبار ديمقراطي و هو احترام الآجال الدستورية و عدد المأموريتات التي ينص عليها القانون ، كما أن الفوضى التي عرفها نواكشوط أو على الأصح مناطق من نواكشوط فتحت جرحا غائرا حاول الموريتانيون تضميده خاصة بعد تيارات ذهبت بعيدا عن السكة الوطنية .

1 –

ما حصل كان تعبيرا عن ما نفوس الناس اتجاه القانون

 ما إن دخل الأول من الشهر الخامس حتى بدا على العاصمة الجفاء غير المعتاد للزحمة و زمامير السيارات ، التي أدمنت العاصمة و حتى قبل بداية سريان القانون كان السائقون قد استعدوا للتظاهر ضد هذا القانون الذي وصفه بالمجحف و الظالم سواء من حيث التوقيت أو من جهة سرعة التنفيذ ،  كما دخلت أزمة أسعار البنزين كمتغير في حالة الرفض هذه أو الحراك ضد القانون ، و هو ما جل الشارع مستعدا على غير العادة لمواجهة القانون و اعتباره تمييزا و بالتالي كان من السهل الحشد له في أوساط الحركات ذات التوجه الفئوي و "الطبيعة الحقوقية " و هو ما عكسه عدد المعتقلين من نشطاء هذه الحركات و الفاعلين فيها ، بل حتى بعض الشباب العادي الذي شارك في الرفض لهذا القانون ، كما أن المشاركة من غير السائقين في المظاهرات كانت إجابة إلى حد عن مدى تذمر العامة من وضعية النقل بالنسبة لبعض التفسيرات ، و إن لم تظهر في أي شكل من أشكالها كدعم لحركة السائقين   من أوساط عامة الشعب ، و إنما انصبت أيضا على كل ما هو ذو طابع رسمي "وطنوي" على لغة عباس أبراهام ، مما دفع الحركات إلى التصنيف في خانة العنصرية سريعا مما جعل الغمامة تنقشع بسرعة بعد ما تفرق الناس ن حولها و بعد التدخل العنيف لقوى الأمن .

2

ما حدث بسبب الفشل التنظيمي شعبيا و أمنيا

الرعب الذي أصاب الناس في الساعات الأولى من إضراب قانون النقل "الجديد"  المجمد ، ظهر في مختلف مراحل التغطية الإعلامية ،حيث طفت إلى السطح معاملات ذات طابع عنصري ، تم تناقل عبارات موجة إلى شرائح بعينها بل و تم تدمير بعض الممتلكات بسبب لون أصحابها فقط و ليس أي شيء أخر _ للأسف_ هذه التصرفات رفعت التأهب إلى أقصاه ، و دفعت بالأيادي إلى الجيوب و بحثا عن طريقة لتامين النفس و هو شيء إن لم يدرك السائقون أنهم مقبلون عليه ،فان فشلهم مضاعف ليس بقتل إضرابهم في مهده بل و ربطه بأفعال عنصرية قضت على فرصة أي تعاطف مستقبلا مع مطالبهم و مهما كانت .

في الجانب الأخر بدا تدخل الأمن أكثر عدائية و بطئا من أي وقت مضى ، مع التذكير انه من المعلوم للأمن أن العاصمة في اليوم الموالي مقبلة على إضرابات بسبب القانون المذكور و مع ذلك استمر النهب و السلب في أرجاء العاصمة  ساعات و هو فشل إن لم يكن مقصودا يطرح أسئلة خطيرة حول جاهزية قوات الأمن لحفظ النظام ، و إن كان مقصودا يكون  السؤال أكثر خبثا حول نوايا الجهات الأمنية و الرسمية ،دون نسيان متغيرات أريد لها أن تكون جانبية من قبيل ، التعديلات الدستورية و جدل التمديد ، و قضية البنك الموريتاني للتجارة الدولية ، و الشباب الزنوج الذين تشتعل المواقع الناطقة بالفرنسية بقضيتهم بين الحين الأخر على اثر مظاهرة "بى ام دى".

3

سعي من الجهات الرسمية لتمييع المظاهرات و إخراجها عن هدفها الرئيس

كان التعليق الأول من الجهات الأمنية أن غالبية من نزل الشارع أيام المظاهرات هم مجموعة من ذوي السوابق و المنحرفين و لم يعتقل فيهم إلا سائقين أو ثلاثة ، إذا كان الأمر كذلك فعدى عن سؤال ما الذي يفعله المنحرفون في الشارع و كيف لم يتم اعتقالهم في الساعات الأولى ، و لماذا لم يتم التعرف عليهم و حصر نشاطهم قبل أن يتوسع إلى هذه الدرجة ؟؟؟؟؟.

و مهما كانت الإجابة فان فرضية أن القوم قلوبهم شتى، و الرعب الذي عاشه سكان العاصمة بعد الأحاديث المهولة التي تم نقلها عن العنصرية و التآكل بين الشرائح الوطنية و الاعتداء على بعض الأفراد بسبب لونهم و السرقات الموجهة ضد شريحة بعينها و أن هذا الحراك هو حراك شريحة ضد أخرى ...الخ ، كلها نتائج إن ربط بالسياق العام للبلاد يتضح من المسؤول عن الوجهة التي سارت فيها تحركات من المفروض أن تكون سلمية بل ورمزية من خلال إيقاف سيارات النقل بعيدا عن السرقات ، و الهجمات من قبل العصابات على المحلات و سرقة حلال المسلمين نهارا جهارا ، و على مرآ ى من الأمن نفسه الذي تفرج لساعات قبل التدخل و بشكل عشوائي و بحثا عن أفراد بعينهم .

استطاع الموريتانيون اجتياز خوف يومين و ما حفلا به من الصراع بين العفوي منه و المبرمج و اتضح انه بإمكانهم إثبات أن الشعب إذا أراد الحياة فحتما سيستجيب القدر (فالقانون الآن تم توقيفه إلى اجل غير مسمى ) ، كما اثبتوا أن الشعب أكثر وحدة حول نفسه من الفزع الذي تسعى الدولة إلى نشره بينه ، حيث رفضت جميع الشرائح الأعمال العنصرية التي اتضح أنها صادرة عن أفراد لهم علاقات قوية جدا بالأمن (مجرمين سابقين و حاليين تم إطلاق سراحهم و بالصدفة المفتعلة ).

الفيديو

تابعونا على الفيس