ضمن سلسلة اللقاءات التي يتحف بها جمهوره؛ نظم المشروع الوطني مساء أمس الأحد ٢٦ مارس ٢٠١٧ اللقاء الثقافي الوطني الأول في قاعة العروض بالمتحف الوطني.
وأحيى هذه الأمسية الدكتور محمدو ولد احظانا رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين بمحاضرة تحت عنوان:
إشكالات العمل الثقافي في موريتانيا
استهل ولد احظانا قائلا إن الرحم الذي تشكل فيه المثقف الموريتاني رحم قاس.. رحم دافع ؛ موضحا أن المجتمع التقليدي كان هو الحاضن الأول لهذا المثقف
( حتى الأمي منه ) .
وبعد تأسيس الدولة الحديثة - يضيف الدكتور- أصبح المثقف قلقا يعاني ضياعا وتهميشا من لدن الدولة التي تتوجس خيفة من ذات المثقف .
ويرجع المحاضر أسباب ذلك إلى أن بؤر نشاط المثقفين تتمثل في أحياء الفقر المدقع ( الكبه.. حلة شرويطه) حيث كانت ترتفع صيحات المواطن الضعيف لذا حسبها النظام ٱنذاك صوت المواطن المعارض لتتسع بذلك الهوة بين المثقف والجهات الوصية على الثقافة.
فبعد الاختلاط القسري " الجفاف" اندمج في المدينة مثقفوها المتفرنسون مع المثقفين التقليديين .
لتتسم العلاقة بين الثقافة والدولة بالقلق.
وعرج ولد احظانا على دور المراكز الثقافية ( المصري - العراقي- السوري) الموازية للمركز الثقافي الفرنسي وكذا دور السينما وقاعتي المتحف ودار الشباب التي ظهرت في السبعينات حيث كانت هذه المرافق تحتضن التجارب الإبداعية ليظهر المثقف بكل تجلياته إلا أن الدولة- يقول ولد احظانا- كانت له بالمرصاد حيث لعبت دور المراقب للمشهد .
وأسهب ولد احظانا في تناول المشروع الثقافي تاريخيا وعمليا .. ذهنيا وفكريا داعيا إلى تنمية المهارات الثقافية (الثقافة المهارية) وتساءل عن وظيفة الثقافة وهل ثقافتنا إسلامية أم حركية ..ثقافة تقليد وتراث ..أم ثقافة إدارة ..وهل الثقافة تخدم نفسها!!
ويؤكد أننا لم نتفق بعدُ على تعريف موحد للتراث؛ هل هو إسلامي أم محلي .. عربي أم إفريقي!!
وأكد أن الإجابة على هذه التساؤلات مازالت عالقة لحد الٱن .
يقول ولد احظانا باختصار إننا لم نُفَهًمْ ثقافتَنا ..
وعدد المحاضر إشكالات العمل الثقافي مركزا على العملية منها والتنموية والمعاصرة وإشكالات الإحتضان بشكل أساسي.
وأضاف أن العائق المعرفي وهو عائق ابستمولوجي يمنع الإبداع ويقف في طريقه ؛ فمسارب النقد غير سابكة يقول الدكتور.
جاء ختام المحاضرة موضحا أن الأفكار هي أربح تجارة في العالم، إلا أن رأس المال لا يزال تقليديا؛ فلا أموال تنفق لرعاية الأعمال الثقافية .
وحدد الدكتور مسؤولية المثقف في أن ينتج ثقافة تتأقلم مع ذاته بحيث يكون صادقا مع ذاته.. لا يخدع نفسه.. لا يخدع المتلقي .. لا يخدع المجتمع.
وحرصا من المشروع الوطني على إشراك المواطن في كل المشاهد فتح -كعادته- مجالا لمداخلات الحضور .
بدأ الدكتور الشيخ سيدي عبدالله بالتأكيد على أن نتفق على تعريف موحد للثقافة، داعيا إلى أن نعترف بأن هناك نكوصا وتراجعا في المجال الثقافي منذ ١٩٧٨
حيث أننا لم ننتج بعد تلك الفترة لا ثقافة ولا إبداعا حسب قوله.
وأوضح ولد سيدي عبدالله النقاط المضيئة في علاقة الدولة الحديثة بالثقافة من جهة؛ وعلاقة المستعمر بالثقافة من جهة أخرى ، حيث أن الرئيس المؤسس المختار ولد داداه احتفظ بوزارة الثقافة لنفسه كما أنه فرغ المؤرخ والعلامة المختار ولد حامدن للتأليف في مجال تاريخ موريتانيا وجغرافيته .
وأضاف أيضا أن بعض المستعمرين كلف بعض مثقفينا ٱنذاك بالتأليف في مختلف المجالات؛ ورغم اختلاف الأهداف إلا أن تلك الأعمال تعتبر تدوينا حريا بالتقدير.
لم يفت الشيخ سيدي عبدالله أن يسجل مٱخذ على وزارة الثقافة حيث قال إنها تحتاج لوزير ذي منصب ثقافي وليس مجرد منصب سياسي فقط مردفا أن الدولة حاليا هي العائق الوحيد للثقافة متسائلا عن الجهات الممولة للنشاطات الثقافية.
وكان السؤال الختامي للناقد عن النقد نفسه :
لماذا توجد عندنا عقدة مع الناقد..ولماذا يصنف النقد كنمط سلبي؟!!
…..
الامير محمد ولد إدومو كان أهم إشكال من منظوره هو انعدام تمويل العمل الثقافي، ومحدودية المؤسسات الثقافية .
وأوضح أنه خلال تجربته في العمل الثقافي الخاص - وعمرها ١٦ عاما- لم يستطع خلق علاقة ودية بين الجهات الرسمية والعمل الخصوصي؛ بل على العكس أصبحت ندية من خلال زاوية الجهات الرسمية التي تنظر بها للموضوع وهي نظرة خاطئة يقول ولد إدومو.
فالحكومة حسب رأيه لم تذهب هي ولا المستقلون إلى الطريق الصواب .
ودعا ولد إدومو إلى الاستثمار في مجال العمل الثقافي.
…..
الكاتب الصحفي الولي ولد سيدي هيبه قال إن البلد لا يثمن ثقافاته.
ودعا إلى احتضان الثقافات غير العربية المنحدرة من مكونات مجتمعنا المعروفة.
…..
لم يكن أساطين المسرح ورعاته غائبين عن حلبة المداخلات حيث وضح نجم المسرح بونه ولد اميده أن الإشكالات الحقيقية تتلخص في وجود وزارة للثقافة ليس بها متخصص واحد في المسرح ومع ذلك نتطلع إلى احتضان المسرح وترسيخ ثقافته وتبني رسالته النبيلة.
عشرون عاما من العمل المسرحي - يقول ولد اميده- لم أسجل خلالها اي دعم لوزارة الثقافة لأي نشاط مسرحي رغم ان ميزانيتها تربو على المليار ونصف المليار أوقية.
وعن الإشكالات المعنوية يقول إن التسمية تسيء الى المجال بشكل كبير كأن يدعى مسرحي دخيل يروج للحفاظات بالنجم المسرحي .
وكذا الشويعر التافه بالشاعر الكبير.
وحين يساء إلينا :شعراء ..ومسرحيون بعبارة " ماهذه إلا مجرد مسرحية" طيلة الحديث عن الديمقراطية فاعلم عزيزي المتلقي- يقول ولد اميده- أن السخرية من المجال كانت العنوان الأبرز.
……
لم يف الوقت بمجال الردود المفصلة من طرف الدكتور محمدو ولد احظانا الذي أشار أنه نًُصًب للدفاع عن الجهات الرسمية من طرف المتدخلين فقط.
وختم توصياته بنقطتين هامتين:
علينا أن ننتج ثقافة منافسة.
مسؤولية المرافق الثقافية تقع على الوزارة الوصية والاقتصاديين وكذا المجتمع المدني العامل في المجال الثقافي.
……
وأسدل المنظمون للندوة الستار بعد أن قدموا شهادة تكريم للدكتور محمدو ولد احظانا.
ووعدوا بتنظيم لقاء تنموي وطني في الٱجال القريبة.
….
أم الخير بنت أحمد ولد عبدالله