
عندما اخترنا تلك العبارة كنا ندرك أنها تترك لدى القارئ مساحة من الترقب .
تركنا ذلك السؤال للشعب الموريتاني ، ليكرس بعض الجهد ويقف مع نفسه لحظة من التاريخ للإجابة عليه .
ماهو المشروع الوطني ؟
يعتقد الكثيرون أننا سنجيب على هذا السؤال .
لكننا في حقيقة الأمر نطرحه .
بعيدا عن التبعية الإيدولوجية والحزبية والجهوية والقبلية .
وبعيدا عن طموح المنفعة والثراء .
طرحنا السؤال لنفتح الباب أمام عجزنا أن يقتدر و يلم شتاتنا بعضه ، ونجتمع في مساحة خارج التعريفات .
علنا نستطيع الإجابة .
المشروع الوطني ، هو تعريفنا كأمة ، قبل انتماءاتنا ، وقبل خياراتنا الحزبية والفكرية والعرقية .
هو مانقدسه جميعا ونرفع أيقوناته على شرفات منازلنا وواجهات مبانينا ، دون أن يمر موريتاني لا يشاركنا الإعتزاز به .
المشروع الوطني هو اعتذارنا منا لنا .
عن عقود من التبعية لكل شيء إلا لما يوحدنا .
هو رؤية لا تحركها الولاءات ولاتشحنها الحسابات .
هو نزوع نحو اكتشافنا كشعب يريد ، ويحدد ما يريد .
نريد أن نلتقي على تعريف جامع ومطالب وطنية ، ننطلق بها نحو تحزباتنا وزوايانا المختلفة للرؤية .
المشروع الوطني ، هو هدنة من تراشق أبناء الوطن الواحد بحصى الأيديولوجيا والعرق و طموح الساسة واستثمار رجال الأعمال .
إنه رؤية وقراءة لما ألم بنا من تمزق عمودي وأفقي ، حتى أصبحت نخبنا غرفة تحليل ووقود صراع عالمي ، تسرطن فيه الوطن بالولاء للتيارات العالمية والحسابات المحلية .
الكل يشكك في الكل ، والكل يخاف الكل ، والكل يضمر للكل .
شباب مزقته تركات الماضي دون تصور للحاضر ولا ترتيب للمستقبل .
مطالب فئوية وجهوية وقبلية وشخصية وحزبية ، ولا مطالب وطنية .
حتى أصبحت حنفية ماء لقرية من آلاف القرى العطشى ، مطلبا لحزب بعينه ، وأخرى في قرية أخرى مطلبا لحزب آخر .
ومطالب لكل عرق بوكلاء حزبيين ومثقفين وإعلاميين .
ومطالب الإصلاح بضاعة تتحول بفعل الثمن إلى متحققة بفعل المشتري .
معارضات توالي مقابل مكسب أو تعيين .
وموالاة تعارض تسمينا لأدوات الضغظ وانتظارا لثمن أكبر .
لا مبادئ تحكم الفرد ولا المؤسسات .
غير التنفع والتربح .
نؤمن في المشروع الوطني أن الفساد السياسي نابع من أزمة اجتماعية أخلاقية .
ولا سبيل لعلاجه بالتباكي على منتخب ول بمناصاة منقلب.
نؤمن بأنه حيثما وجد فراشٌ فاسد ،يوجد رئيس أو وزير فاسد .
وأنه حيثما وجدت حكومات وأحزاب فاسدة ، يوجد ناطقون بالحق يننتظرون ثمن أقلامهم ونضالاتهم .
نحن جميعا يرقات فساد تنتظر فرصة شق شرنقتها ، ولكل منا ثمنه في سوق تنخيس المبادئ .
لأننا أبناء رحم واحد ، ولا ينتظر أحدنا من زوجته توبيخا حين يثرى من وظيفة لا تسد رمق حاجاته .
لأننا جميعا لا ننتظر من أطفالنا أن يخجلوا منا ونحن ندفع المليارات تحت وطأة الفضيحة .
لأننا جميعا لا نغير ولا نعدل اعتباراتنا لمن ينتهكون حرمة الأمانة والأخلاق .
في المشروع الوطني ينبغي أن لا نكون معارضة أو موالاة .
لأن قضيتنا ليست مع الطيف السياسي ، وإنما في الرحم التي أنجبته فاسدا وأنجبتنا مشاريع مفسدين .
قضيتنا مع القيم التي نصدر عنها جميعا ، وتدفع بعاطل عن العمل أن يكسر قلمه ويحط عبئ مبادئه حين يحظى من قريبه بوظيفة .
قضيتنا مع القيم التي تجعلنا نلعن الفساد وندخل أيدينا في جيوبنا لننعش اقتصاد النافذين لقاء تسريع ملف أو توقيعه .
المشروع الوطني باختصار شديد
هو لملمة لوعينا الوطني ، وتقدم نحو صناعة قيم تحتضن الاصلاح السياسي والاداري .
هو رؤية أخلاقية وطنية ، تؤمن بأن الإشكالات الوطنية أعمق من هرولة الطامحين وأنين المغلوبين على أمرهم .
نحتاج لكم دون التنازل عن توجهاتكم ولا الاستقالة من أحزابكم .
لأننا نريدكم سفراء للضمير الوطني أينما حللتم .
لهذا ، و لهذا فقط
قلنا ولا زلنا نقول أن المشروع_الوطني_املنا
و على من ينتظر أن يكون شريكا في الإجابة على سؤال ” ماهو المشروع الوطني ”
أن يتواصل معنا .
محمد أفو
أمين التعبئة والتأطير بالمشروع الوطني
المصدر : الخبر المغاربي