في اليوم العالمي للمرأة نفكر بالرجل العربي أيضا!

سبت, 03/11/2017 - 13:43

 غادة السمان

احتفل العالم قبل ثلاثة أيام باليوم العالمي للمرأة وحريتها.. المرأة العربية الليبية تلقت هدية (رائعة) بالمناسبة قبل أسبوعين من حلولها وهي إصدار الحاكم العسكري للمنطقة الممتدة ما بين «بن جواد» غرباً ومدينة «درنة» شرقاً اللواء عبد الرزاق الناظوري، والهدية هي إصداره القرار بمنع أي امرأة ليبية دون سن 60 من السفر ما لم يكن معها محرم!

وكم (ابتهجت) للخبر لأنه على الأقل لا يكذب على المرأة العربية ويكتفي (بالاستخفاف بها) بلا أكاذيب ولا اقنعة، ويقول ضمناً وببساطة: كل امرأة مشروع خطيئة إلا بوجود (ذكر محرم) يمنعها من ذلك، اما تاريخ انتهاء (صلاحيتها) لارتكاب الفواحش فمدموغ على جمجمتها وهو 60 سنة، فكيف لم نلحظ ذلك من قبل؟

وكيف نطالب بحرية المرأة في السفر، لمتابعة دراستها في الغرب مثلاً، او لحضور مؤتمر علمي او لمجرد السياحة في بلاد الله الواسعة كأي مواطن آخر في عالم عام 2017 لا قبل التاريخ؟

كيف يرمي البعض بالمسؤولية على الدين الإسلامي الحنيف، وروح تعاليمه صرخة تطالب بانصاف المرأة وهو الذي منع العادة الجاهلية التي كانت تقتلها موؤدة في رمال الصحراء وها هي الموؤدة العصرية تسأل بأي ذنبٍ تحرم من السفر لمجرد انها ولدت أنثى؟

 

دعونا نتصارح ونخلع الأقنعة

 

وبعد (تحية) إلى الحاكم العسكري الليبي الناظوري الذي خلع القناع وأعلن ما يضمره بعض (الذكور) العرب!!

قراره (يغلي) ضمناً باحتقار المرأة العربية عامة وطاقاتها الفكرية وقدراتها العلمية وحقوقها الإنسانية.

وتحية (مختلفة) إلى الباحثة الليبية نجوى بن شتوان التي تصارح الجميع بقولها: إن وجود النساء في حكومتي طبرق وطرابلس هو مجرد (ديكور)… وان المشهد الليبي أكثر من «ذكوري».

وأعترف بأن ذلك لا يحدث في ليبيا وحدها بل في الكثير من أقطارنا العربية.

ومن المحزن ان نرى في الوقت ذاته المرأة الإسرائيلية مجندة تقاتل مع بقية رجال الاحتلال.

أحاول فقط ان أفهم سبب استغناء البعض عن طاقات الملايين من النساء العربيات لأسباب (هلامية) موروثة لا تريد إعادة النظر في (المسلمات) التقليدية، وما أكثرها..

«الربيع العربي» الذي شاركت المرأة في تحقيقه لم يزهر على اشجارها ايضاً. وكان شتاء من الزوابع على حقوقها في غير قطر.. وقرار اعلان فريق ليبي بمنع المرأة من السفر قبل انتهاء «تاريخ صلاحيتها» جنسيًا يعبر عن المشاعر السرية للكثيرين للأسف.. وعن النظرة إلى المرأة كإناء للإنجاب واللذة وعدم صلاحيتها لغير ذلك.

 

«شبيك لبيك» عبدتك بين يديك!

 

أتساءل باستمرار: لماذا حين يصل بعض (الثوار) إلى الحكم يبدأ عهدهم بقوانين حول مواصفات ثياب المرأة وحريتها في التنقل أي الانشغال بوضع جسدها في (قمقم) الجني الذي لا يغادره إلا ليقول للرجل: «شبيك لبيك عبدتك بين يديك وأمرك مطاع»..

ماذا عن بحار من الاحزان العربية: الفقر.. الأمية.. الجوع إلى الاستقرار.. الحاجة للحس بالأمان ـ شهوة الانتخابات الديمقراطية (الكلمة المحرمة الملعونة) والقائمة تطول..

لماذا جسد المرأة هو الهاجس وليس جسد الأرض؟ كيف استطعنا ان ننسى فلسطين هكذا وكانت قضية العرب المركزية التي توحدنا؟ ما هو نبع الجنون الذي شرب منه الكثيرون واطاح بصوابهم القومي؟ ولماذا يتحول البعض إلى (مصممي أزياء) للمرأة ولخرائط جسدها بدلاً من الاهتمام بخرائط الوطن العربي؟

 

تزويج الضحية من القاتل

 

على الرغم من الظلمات كلها التي تحيط بحياة المرأة العربية كتزويج القاصر الطفلة بالمغتصب (أي باغتصاب يومي لها تحت ستار القانون)، على الرغم من كل ما تقدم تنجح المرأة العربية في انتزاع بعض الحقوق وها هي اللبنانية (الأكثر تحرراً عربياً بالمعنى النسبي جداً) تنتزع انتصاراً في محله وهو إلغاء مادة قانونية كانت تجنب العقوبة للمغتصب اذا تزوج من الضحية!! (ويا له من زواج بائس حيث لا يغتصب المجرم جسدها فحسب بل وحقها في الاختيار) وأتضامن بلا تحفظ مع «علياء عواضة» مسؤولة الحملات في جمعية «ابعاد» التي تقود حملة داعمة لإلغاء المادة 522 من قانون العقوبات، السابق ذكره.

الرجل ليس عدواً مطلقاً في فكر المرأة الواعية، إنه ضحية أخرى. ثم ان البعض كالمرأة يحلم لمجتمعنا العربي بوضع حضاري. أي ثمة العاقل وثمة الذي يستقوي بالمتوارث.. ويكاد يقتنع بفوقيته.

 

في يوم المرأة نفكر بالرجل بمودة!

 

عن المرأة في عيدها نتحدث دائماً عن الأم والأخت والزوجة، وننسى مثلاً «المطلقة» التي تعتبرها مجتمعاتنا العربية (سراً) مستهلكة كالسيارة (سكند هاند) المستعملة الأقل (ثمناً) من الجديدة، اما إنسانيتها فليست في (الميزان).

ورغم انحياز الكثير من القوانين للذكور العرب، أقول ببساطة ان المرأة العربية لم تفقد رشدها يوماً في تحركاتها التحررية.. ولم تطالب يوماً بالمساواة الخرقاء بل بالتكامل لا بالتماثل.

وقياساً إلى ما يدور تبدو تحركات تحرير المرأة العربية كلها عاقلة ومتزنة وغير متطرفة، فهي تقلق ايضاً على الرجل العربي الذي يُقتل هنا وهناك في حروب عربية أهلية عبثية تجعل العدو الإسرائيلي يرقص طرباً.

الرجل الواعي العقلاني هو حليف هموم المرأة العربية بقدر ما هي حليفته، ويعترف بحقها في الحياة في الإطار الفكري والإنساني الحر مثله.

 

الفيديو

تابعونا على الفيس