طريقنا للكراهية .... محمد افو

سبت, 02/25/2017 - 13:17

 

نحن جيل يحمل إرثا ثقيلا من أعباء متنوعة : 
 - مخاض الدولة وحداثتها 
- الطبقية الإجتماعية التي مازال شهود عذاباتها يحكون لأحفادهم وطأة الظلم مشحونة بقهر الطيبين المغلوبين على أمرهم .
- صراع النفوذ بين القبيلة والدولة .
- رداءة المنتج القيمي السياسي والإداري .
وبالتالي ..
- فساد إنسان مابعد التحول  .

أحبتي الشباب 
لكي نكون أمة ، لابد أن توحدنا الغايات والمطالب الأساسية .
ولكي نحقق تلك المطالب والأحلام ، يلزمنا  المسير عبر طريق غير مفروش بالرضى ولا معبد بمتطلبات الراحة ولا حتى الأمان .

يلزمنا أن نسير وكل منا ينظر للآخر متأملا روحه   المشبعة بالأمل ، لا ظله الرمادي الغامض .

علينا إخوتي الشباب أن نراعي بعضنا ، فكل منا مشحون بمفاهيم نفسية وإجتماعية ضاربة في القدم ، ونحن لحظة مخاضها المؤلمة .

لازال الحرطاني يمسح دمعة والده وهو يحكي عن ساكن بذات الحي جلده على ظهره ذات يوم أمام زوجته وأبنائه .

لايزال البيظاني غارقا في مفهوم القبيلة العائلة والفخر  .

لايزال " المعلم " غريبا بين ملايين الموريتانيين تحاصره سحنته ولعنة المفاهيم والقيم التي استعبدته بطريقتها .

ارحموا بعضكم جميعا أحبتي 
فليس هناك جرم يمكن أن نتخلص من تبعات قهره بإعدام هذا أو ذاك .
وليست هناك حسابات دقيقة يمكن أن ننتزعها بعد ويلتين من حرب أو ويلة انتقام .

إنت أيها الشاب البيظاني 
لا تقل نحن لم نستعبدكم " وال فات مات " 
لا تقزم القضية لتحصرها في غياب او ندرة حالات العبودية على امتداد الوطن .
لا تسفه مطالب تحركها شواخص مزالت ترى من  تباريح الأمس دما ودمعا  ومخيالٍ لازالت تزعجه صرخات الأمهات وهن يودعن بناتهن إلى الأبد ، مسافرات لزمهرير الشقاء  .
لا تشكك في جبروت الدموع على قلوب نساء ورجال لا يعودون من رحلة شقائهم اليومية دون أن ينغرز فيهم خنجر إهانة ، من شاب مراهق  يقض مضجع شيخ هرم ( جيبلي لباسي من عند الغسال ، او مسحلي مراية الوتة ، أو جيب لفلانة شمن " الحلوة " أو الخضار ) .
 
لا تسفه مطالب جيل لاتزال أمهاته يحملن أخوته على ظهورهن وهن يغالبن زمهرير الحر والبرد وهن يرتبن ملابسك وشنط مدارس إخوتك .

أخي أيها الشاب البيظاني  الكريم .
حين تدعو  زملاء الدراسة  للعشاء معك في بيتك ، أرجو أن تحس نكد اللحظات على صديقك الحرطاني الذي يقدم له ابن عمه " المغسل " وأنفه يقطر عرقا .
حاول أن تتجاوز الحدود داخلك إليه لتدرك مرارة أن تكون مقسم الوجدان  ، مزدوج الاحساس ، لدرجة تحول بينك وبين اقتناص لحظات سعادة بعد كل ذاك الشقاء .

حاول أن تلج لقلب الحقيقة دون أن تتذكر من أنت .
أفعل ذلك..
ومانحتاجه منك ليس دمعة شفقة وإنما أن تخطو خطوة نحو الحلم .

وأنت أخي الشاب الحرطاني الكريم
أخوك لايزال رغم مثالية الأفكار والخطاب ، يحمل في ملكوت لاوعيه زرعا لم يكتسب جرم بذره .
لاتزال القبيلة بالنسبة إليه أسرته الكبرى ( ذاته البيلوجية ) .
هو أيضا يتشظى بين نير الواقع وفسحة الأمل .
يريد أن يسمعك بقلبه دون أن تجرحه أو تنال من عمه أو خاله أو عائلته .
عليك أثناء نضالك أن تعي مايعتصر قلبه من اعتزاز بتلك العائلة التي لم يمتلك بعد سندا غيرها .
والتي بدورها قايضته رعايتها بموروثها الجاهلي من تفاخر بالنسب وتجاسر على مفاخر لم يفلح نبي الله صلى الله عليه وسلم في انتزاع شأوها وجبروت لذتها ، حتى بعد 14عقدا من سطوع نور الله في أرضه .

هو أيضا يريد تلك الدولة التي تحتضنه عند الحاجة ، وترفع طفله للعلاج حالة إفلاسه .
لكنه مثلك ، لم يجد ما يعول عليه بعد .

وانت عزيزي " المعلم " 
أدرك أن علمك وحفظك لكتاب الله وعيشك من عرق جبينك وتعاليك على نير الواقع الإجتماعي ، كل ذلك لم يفلح في إسعافك بلحظة أمل تعيش بها دون طعن في أخلاقك وقيمك .

جميع نا نعتصر الأمل ولكل منا ألمه .
لابد أن نضع أنفسنا أمام شراكة لا مناص منها ، لتجاوز هذه اللحظة المؤلمة للميلاد .

جميعنا أمام واقع يسخر منا ويسفه أحلامنا ويستصغر قيمنا .

واقع متجبر بقوة النفوذ ، وسلطان القيم ، وجبروت المال ، ولوبيات التداول السلمي على مقدراتنا وأحلامنا .

دعونا نعير قلوبنا لبعضنا ، ونتشرك ثمرة عقولنا ، ونمضي معا في طريق لن تعبده سوى أقدامنا الحافية .
في رحلة يبتلع بها كل منا غصته من الآخر وهو يحتضن راحته في راحته .

سيرى كل منا خلف إرثه المؤلم بريق أمل في عيني صاحبه .
ويشد على يده لحظة ألمه منه .
نحتاج لبعض الصبر وبعض الحكمة وكلنا .

دعوني أقول لكم من باب الواجب لا من باب الدعاية .
أننا في " المشروع الوطني " نريد أن نبكي معا ونحلم معا ويخرج كل منا وهو ينبض بقلب الآخر وطنا وحلما .
ومن يرعى قيم المحبة والسلام هو من سيثمر في الأرض حقا وسنابل .
ومن يترك نفسه عبدا للكراهية ، ستمتهنه .
ستمتهنه نقاشات الدين والعرق ، من صفين إلى سوريا، وسيجد نفسه يدافع عن بني أمية تارة ، وتارة أخرى عن الفاطميين ونعيد فتح التحقيق في مقتل الخلفاء والسلاطين أو نحاجج في الحجاج أإلى جنة أو نار  .

سنجد أنفسنا في طريق لافرصة فيه للقيمة مالم ندبج آراءنا بمؤشرات نفوذ فكري كاذب ومخادع ومغرور .
نتراشق بحبوب الهلوسة الفكرية والفلسفية ، بينما نعشو عن " رفود حبل من بلو " ، فهذا ثيوقراطي وذاك أُتوقراطي وأخونا في الله  بيروقراطي وأنت أوليغاركي ومسعود  ديماغوجي وبلال دادي وأحمد  دوُغمائي والداه بورجوازي وعبد الرحمن كادح بلوليتاري
وصديقه سادي ومحمد افو ميكافيلي ...... .
تتنازعنا جعاب السلطة وأقانيم المال والسياسة .
معارضون لأنفسنا وموالون لمأساتنا . 
وسنتحول فجأة إلى ببغاوات وطاوويس يستعرض كل منا غروره كالديوك الهندية ، تتقاتل ليأخذ ليثرى ملاكها  وتأخذ ثمن دمها تصفيقا .
وفي النهاية نسجل إعجاباتنا على خيباتنا .

وفي الأخير وفي المقابل وبالمناسبة 
لن يكون طريقنا إلى الكراهية مفروشا بالورود ولن تملأ الفضاء برائحة عطورنا المفضلة .

الفيديو

تابعونا على الفيس