عاد الرجل بعد أن غادر البلاد أياما من خروجه من السجن , رحلة قادته إلى أوروبا و أمريكا تسويقا لقضية "العبودية " في موريتانيا خلال الزيارة شارك في مؤتمرات حول قضيته في برلمانات أوروبية و مراكز و منظمات حقوقية و غير ذلك , يعود اليوم و كأنه خرج بالأمس فالشارع الموريتاني مازال يضج بنفس الأصوات :
1 المعارضون
بالنسبة لهؤلاء عاد عابد اليورو و الدولار و الجنيه و المتاجر بالوطنية , عاد يتلبسه فشل خارجي بسبب ضعف اهتمام الإعلام الغربي بقضيته بعد سنوات من حفره في الأحجار بأظافره و ما كانت هذه العودة لأوروبا إلا من اجل إقناعهم بأنه ضحية و خاصة بعد فترة السجن التي قضاها في سجون موريتانيا , و حتى لوجه بعض اللوم لداعميه بسبب تقاعسهم عن دعمه له في سجنه و ليبرر سبب تفرق ابرز رجاله من حوله الأمر هنا يخص (دكتور الحركة و فقيهها) . ثم فشل على المستوى الداخلي سواء بالانشقاقات الداخلية في الحركة بخروج شباب نشطين و القرار الأخير بوقف أنشطته إضافة إلى عدم قدرة بيرام على استغلال ما بعد كونه مرشحا للرئاسة الموريتانية , المعارضون للرجل أيضا سيجدون في ضعف تفاعل (النخبة ) من شريحة لحراطين يوما بعد يوم خاصة بعد ميلاد طرق نضالية كالميثاق , و اتخاذ ما بقي من حركة الحر طريقه الخاص , و عدم استغلال دعم الوهلة الأولى الذي حصلت عليه الحركة من اجل توحيد الصف و هو ما يظهر ثغرات حقيقة في مدى صدقية دعوى بيرام إضافة إلى فشل وسائل المواجهة التي اتبع , و هو يسمح لمعارضيه بالقول إن شعبيته تتقلص يوما بعد يوم محليا وعالميا .
2 الداعمون
بالنسبة لهؤلاء موعدهم المطار لاستقبال الفاتح و اسكندر القرن الحادي و العشرين الذي استطاع أن يفك (فُجر البيظان ) عن آخر امة استعباد في قرننا الحالي , كما أن الصور المسربة من لقائه في البرلمان الايطالي و الدعوات التي حصلها من منظمات في الغرب تعد هي النصر الحقيقي بل حتى دخوله إلى الغرب يصنف بالنسبة لهم نجاح , هذا طبعا دون نسيان إيمانهم بمظلوميته أمام القضاء الذي يحظر أنشطة إيرا التي يراها أنصارها لا تحتاج شرعنة من النظام الموريتاني باعتبارها أخذت مشروعيتها من الشارعين الوطني و الدولي , و حقيقة ما قدمت ملفات حكم فيها القضاء الموريتاني نفسه , كل تلك الأمور تجعل من بيرام -مع نسبة قاربت التسعة في المائة من أصوات الشعب الموريتاني- رجل استطاع تثبيت أقدامه , على سلم المجد الموريتاني بكل استحقاق .
3 المحايدون
هؤلاء لا عبيد بينهم و لا أحرار و بيرام بالنسبة لهم رجل لا يرى عليه اثر السفر و لا يعرفه منا احد , و بطبيعة الحال بين حالة الإفراط و التفريط لم يجدوا من يقدم لهم بيرام ليحكموا عليه و بالتالي هم [لا ناقة لهم ولا جمل ]
4 لكن في العمق
في العمق ثمة ما ينبش ليستطيع بيرام حفر بئر يسقط فيها ما يطلق عليه هو المُستعبِدين , و يكشف عن ملفات على قلتها تؤكد وجود عبودية في موريتانيا و لكن السؤال الذي يجب أن يتم طرحه هو من أي نوع ؟ وليس هل هناك عبودية أم لا ؟ ؟ . فان لم تكن موجودة ما استطاع ضرورة تحريك وجوه انسحبت لاحقا لتقول إن إيرا ما هي الا كذبة و جيب (بيرامي ) لجمع الأموال الغربية. ومع ذلك لو كانت العبودية بالحجم الذي تتحدث عنه إيرا لما كانت اكتشفت هي نفسها إلى اليوم ملفات لاتصل العشرين حتى من أكثر نشطائها تعصبا و غرقا في نظرية العبودية [ في الحقيقة مسالة الطبقية و الآثار الخطيرة لتلك المرحلة من تاريخ هذه البلاد و العالم هي مسالة يصعب على الكثيرين أن يدركوها لأسباب منها الاجتماعي و منها المعرفي , ولكن مؤشرات كملكية رأس المال و التكافل البيني (أي وعي الشريحة بذاتها على لغة ماركس ) , و الإيمان الياباني (الاقتناع بأن التنمية شيء يجب ان يحصل عليه كل فرد ) ... الخ كلها عوامل لها دور كبير في تغيير الواقع الاجتماعي من (أ-ب) ) و نظام المجتمع المغلق مؤشرات تم تفسيرها على نحو غير دقيق و هو ما اجبر الحركة على الاستمرار في مظلومية لا يمكن الوقوف على حقيقتها كما يستحيل قبولها كما تقدمها إيرا ] و تم الخلط بين ما هو آثار تنعكس على مستوى التنمية و الترقي الوظيفي بشكل يجب تلافيه , وبين مرحلة ليس من العدل بمكان اليوم ليوم أي كان على إن أبواه كانا يستعبدان لان المنطق هو هل استعبد هو أم لا ؟ .
و تظهر هنا عدة إشكالات يجب طرحها :
من ماذا تخاف الحكومة الموريتانية حتى تسمح لايرا بحرية الحركة (الترخيص ) و تدفع دائما إلى المواجهة معها ؟
لما لا تتخذ حركة ايرا من القانون الصادر في عهد الرئيس هيدالة و مجموعة الفتاوى مرجعية و تسعى دائما إلى التأزيم ؟.
[حتما تعرف القطط صيد الفئران و إلا لما طاردتها دون غيرها ]
ففي العبودية العقارية التي ركب بيرام موجتها وكانت سبب اعتقاله الأخير نسأل يوم كانت أجيال من لحراطين تصلح الأرض هل كانت عمال أو مالكين هل ملكت وقتها رأس المال لتكون هي المهيمنة , وهل يتناسب زمكانيا في ذلك الوقت ان تكون الملكية لهذه الشريحة ردا على الاعتبارات الاجتماعية و الاقتصادية و نمط الإنتاج [وقتها كان لَمْعَلْلَمْ امعلم القبيلة و ايكيو ايكوها ايضا و نفس الشيء بالنسبة للزاوي و العرْبي ... الخ و لكل دور داخل النسق الاجتماعي يؤديه , بتكامل مع الأدوار الأخرى ] و بالتالي فالملكية الجمعية عبر التاريخ و في مختلف المجتمعات عرف من يرثها (السادة السابقون) و ليست الطبقات العاملة التي حصلت على وضع "أقنان في أحسن الأحوال ".
وحتى السؤال اليوم في زمن دولة المواطنة ألا يجب أن تكون هي مالك الأراضي وترفع عنها ملكية القبائل و الجماعات التقليدية ؟
عودة بيرام بالمجل لن تتميز عن سابقاتها , فحظر الانشطة : أليست محظورة أصلا و الحركة بلا ترخيص؟, لأنصار الرجل فرصة للتجمهر تتبادل فيها طرائف الغرب و ما هم مقبلو علية , فيما ستكون عزاءا لأعدائه يجدون شيئا يشغلهم ولو قليلا عن قضية رجل أخر تربع على المشهد أيام سفر برام (المسيء لنفسه ولد امخيطير ).