"حَكْمَاتْ "على طريق الأمل .. الشيخ الحسن البمباري

جمعة, 01/06/2017 - 16:38

بعد مداولات موقف السيارات المعتادة كانت الساعة تقترب من العاشرة صباحا , انطلق صاحب سيارة Renault  الخضراء ذائع الصيت على طريق الأمل , كانت المرة الأولى التي أسافر فيها صباحا على الطريق الذي يحمل الكثير من القصص المرعبة و المحزنة و الطريفة و السعيدة في أحيان أخرى , بدأت الأفكار تشرد بي قليلا عن مدى اختلاف السفر ليلا و نهارا و عن المشاهدات على الطريق الأشهر في البلاد .

توقف صاحب السيارة عن محطة البنزين لتعبئة الخزان ثم أعلن بين الراكبين " هيا بأجرتكم لندفع منها سعر البنزين " و بعد أن حاسب عامل المحطة دفع إليه بورقة خمسة ألاف أوقية قاله أريدها فكة من فئة مئتي أوقية  , أثار المشهد انتباهي و لكن وقتها كنت مركزا على  تعريف بين قوسين في كتاب بين يدي تابعت القراءة كان وقتها الكتاب في الفصل الأول و لا أريد تفويت أي تشويق في بداية الكتاب الذي كنت متوجسا من حمله على طريق الأمل ,لذلك تنبهت أن أضع بطاقة صحفية و بطاقة التعرف في جيب السترة الداخلي في متناول اليد .

كانت السيارة تقترب من أول فرقة امن كسر تأفف السائق الصمت المطبق بين الركاب (إنهم امن الطرق "كرشهم أكبيرة " لابد لهم من ألف أوقية دفع إليه بمحفظة أوراق السيارة وقتها كنت استعد لإخراج البطاقة من جيب السترة بطرف عيني لمحته يدس ورقة من فئة ألف أوقية في محفظة أوراق السيارة ثم دفع بها إلى رجل امن الطرق اخذ  الأوراق و قام بنصف استدارة ثم سحب الألف أوقية بحرفية و أعاد الأوراق بسرعة مشيرا  بيده أن انطلقوا , استدرت بكامل جسمي إلى السائق قلته هل يأخذ امن الطرق رشوة عن الأوراق  ؟ رد في تهكم طبعا و هو أكبرهم نصيب لا يأخذون إلا ألف أوقية أو تقضي اليوم في جدال عقيم حتى ولو كانت وراق سيارتك مكتملة .

واصل السائق الحديث هذه هي الطريق نحن متعودون على هذا يوميا سفرنا عبر هذا الطرق ضمانه ما ندفعه للأمن ... الخ , ثم فجأة دفع بيده إلى جيبه على عجل اخذ ورقة من فئة مئتي أوقية ثم وضعها مع الأوراق مجددا , كان ذلك أول ظهور للشرطة , بدا السؤال هذه المرة عن الأوراق ضروريا , لم يقترب الشرطي من السيارة أشار إلى السائق بركن السيارة ثم اخذ السائق الأوراق ونزل إلى مقر المخفر دقائق و عاد إلى السيارة و هو يغلق علبة السجائر , كانت نهاية الجملة التي التقطها أذني (... حتى سغاريت ما نكم امخليينها ..) , رمى بالأوراق بنفاذ صبر إلى طاولة السيارة الأمامية ... كانت تلك حال جميع المخافر من شرطة و درك لا يسال من السيارة أو يطلب السائق إلى النزول إلا إذا كانت الورقة المالية غير المدفوعة للمخفر غير كافة , في هذه الحال ينزل السائق ثم  يضيف إلى المبلغ و تنتهي الأمور , كان سائقنا و بسبب استجابة لطلبات المخافر  الأسرع حيث لم نتوقف على الطريق أكثر من دقيقتين و لنفس الموضوع (إذا لم يرضهم المبلغ ...) هذه العبارة يكرر السائق  كلما طلب منه النزول  .

كانت الساعة تشير إلى الرابعة تقريبا  وصلنا إلى فخر المخافر على طريق الأمل و كثرها صيتا حسب ما اعتق قلت أخيرا حان وقت السؤال عن الأوراق والمعاملة بشكل أكثر عملية بدل قبض مئتي أوقية عوضا عن القيام بالعامل الأمني , وكأن شيئا لم تغير اخذ السائق الأوراق دس فيها المبلغ المعهود (200 أوقية ) تقدم الدركي إلى السيارة اخذ الأوراق , ثم بدأ يقلبها بحثا عن شيء معين , عندها كنت اكثر انتباها عندما يستسلم رجل الامن الاوراق بدأ يقلبها بسرعة ثم سحب المبلغ و أعاد الأوراق و انطلقت السيارة من جديد , ادخل السائق يده في جيبه ثم نظر إلى الأوراق النقدية المتبقية قال الحمد لله مازال نصيب مخافر كرو و كيفة "  هؤلاء أصدقاء يقول السائق ندفع لهم (400 أوقية ) كحد ادني .

كان الظلام بدأ يحل و كأن الرقيب اختفى من الافق  , بدأ السائق  يدفع بالاوراق النقدية دون مواربة إلى الشرطي ثم يستلمها ويحييه باسمه و ننطلق دون أي مشكلة  , كان الكتاب بيدي وصل الفصل الحادي عشر و بدا من حجم الاوراق في يدي الاسرى انه الفصل الاخير , كنا ندخل مدينة كيفة  و لم يخرج أي منا بطاقة تعرفه او يسأل الى اين (احترام تام لحقوق الانسان و خصوصية الافراد ) .

و مع ذلك في قرارة نفسي انخذت قرارا ان أن أسافر نهارا دائما عبر طريق الامل , مع انه امن بالنسبة لوضع الطريق فانك لن تسأل عن أي ورقة ثبوتية او جهتك و يتصرف معك الامن و كأنه لا يراك بل يرى فقط ما يريد ان يراه هو ,  ان اكتب تجرتي عبر هذا الطريق في اول سفر لي نهارا عليه . عند تقاطع طرق العيون وسط مدينة كيفة و أنا القي تحية الوداع على السائق سألته كم بقي معك من الأوراق النقدية المخصصة للشرطة , ضحك قائلا ربما ما يكفي ليعوض السجائر التي اخذوا مني بشكار.