ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻭﻳﻬﺮﺏ ﺍﻟﺤﻜﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻥ ﺑﺪﻋﻮﻯ ﻭﺭﻉ ﺯﺍﺋﻒ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﺜﺮ ﺍﻟﻬﺮﺝ ﻭﺍﻟﻤﺮﺝ، ﻭﺗﺸﻬﺮ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ، ﻓﺘﻨﻔﺠﺮ ﻗﻨﺎﺑﻞ ﺍﻟﺴﺐ ﻭﻣﻔﺮﻗﻌﺎﺕ ﺍﻟﺸﺘﻢ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ، ﻭﻳﺸﻬﺮ ﺑﺴﻼﺡ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺍﻟﻌﺮﻗﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ، ﻭﺗﺴﺘﻨﻔﺮ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ .
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﺄﻋﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺣﺮﺍﻡ ..
ﻭﺃﻋﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺘﻔﺮﺝ ﻭﻗﺘﻬﺎ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﻟﻌﻮﺍﻡ ..
ﻭﺃﻋﻠﻢ ﺑﺄﻧﻪ " ﻣﺎ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ ﺗﺴﻠﻢ ﺍﻟﺠﺮﺓ " ، ﻭﻻ ﻳﻐﺮﻧﻚ ـ ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮﺝ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻭﺃﺑﺪﺍ ـ ﺃﻥ ﻭﻃﻨﻚ ﻇﻞ ﻳﻨﺠﻮ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺑﺄﻋﺠﻮﺑﺔ، ﺧﻼﻝ ﺗﻨﻘﻠﻪ ﻣﻦ ﻓﺎﺻﻠﺔ ﺯﻣﻨﻴﺔ ﺣﺮﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﻓﺎﺻﻠﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﺷﺪ ﺣﺮﺟﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻇﻠﺖ ﻓﻴﻪ ﺧﻴﺮﺓ ﺃﺑﻨﺎﺋﻪ ﺗﺘﻔﺮﺝ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻌﻴﻨﻪ، ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺘﻔﺮﺝ ﻋﻠﻰ ﻻﻋﺐ ﺳﻴﺮﻙ ﻳﺴﻴﺮ ﺑﺒﺮﺍﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺒﻞ ﺭﻗﻴﻖ ﻣﻌﻠﻖ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺍﻷﺭﺽ .
ﻭﺃﻋﻠﻢ ـ ﻳﺮﺣﻤﻚ ﺍﻟﻠﻪ ـ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻮَﺭِﻉ ﺣﻘﺎ، ﻭﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﺣﻘﺎ، ﻭﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺣﻘﺎ، ﻭﺍﻟﺸﻬﻢ ﺣﻘﺎ، ﻭﺍﻟﺒﻄﻞ ﺣﻘﺎ ﻟﻴﺲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺮﺏ ﻋﻦ ﻫﻤﻮﻡ ﺑﻠﺪﻩ ﺑﺪﻋﻮﻯ ﻭﺭﻉ ﺯﺍﺋﻒ، ﻭﻟﻴﺲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻨﺄﻯ ﺑﻨﻔﺴﻪ ـ ﻣﺘﻌﻠﻼ ﺑﺤﺠﺞ ﻭﺍﻫﻴﺔ ـ ﻓﻴﺘﺮﻙ ﺑﺬﻟﻚ ﺛﻐﺮﺍ ﻣﻜﺸﻮﻓﺎ ﻫﻨﺎ ﺃﻭ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﺟﺴﺪ ﻭﻃﻦ ﻣﻤﺰﻕ، ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻨﺼﺎﻝ ﺗﺘﻜﺴﺮ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﺎﻝ، ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﻮﺿﻊ ﺃﺻﺒﻊ ﻣﻌﺎﻓﻰ .
ﻭﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﺼﻴﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻔﻜﻜﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺩﻭﻝ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻠﺪﻧﺎ ﺑﻤﺮﺣﻠﺔ ﺣﺮﺟﺔ، ﺗﺼﺒﺢ ﺃﺧﻄﺮ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺮﺗﻜﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻖ ﻭﻃﻨﻨﺎ ﻫﻲ ﺃﻥ ﻧﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ، ﻭﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﺘﻔﺮﺝ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻳﻌﺒﺜﻮﻥ ﺑﻤﺼﻴﺮ ﻭﻃﻨﻨﺎ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﻌﺒﺜﻮﻥ ﺑﻤﺼﻴﺮﻧﺎ ﻭﺑﻤﺼﺎﺋﺮ ﺃﺑﻨﺎﺋﻨﺎ .
ﻭﻟﻮ ﺃﻧﻪ ﻗﺪﺭ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻥ ﻧﻠﺘﻘﻂ ﺻﻮﺭﺓ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﺮﺳﻢ ﺧﺮﻳﻄﺔ ﻟﻠﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﻴﻦ ﺣﺴﺐ ﺗﻔﺎﻋﻠﻬﻢ ﻣﻊ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻭﻫﻤﻮﻡ ﺍﻟﻮﻃﻦ، ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺍﻟﺤﺮﺟﺔ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺨﻨﺎ ﺍﻟﺤﺮﺝ ﻛﻠﻪ، ﻟﻮﺟﺪﻧﺎ ﺃﻥ ﺧﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﻴﻦ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﺍﻵﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺎﻣﺶ، ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﺘﻔﻮﻥ ﺑﺎﻟﺘﻔﺮﺝ . ﻭﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻓﻼ ﻋﺬﺭ ﻟﻬﻢ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﺧﺘﺎﺭ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺎﻣﺶ، ﺃﻡ ﺃﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺪ ﺃﺟﺒﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﻷﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻻ ﻓﺮﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺼﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻦ، ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﺑﻤﻨﻄﻖ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺑﺤﺖ، ﻓﻼ ﻣﻌﻨﻰ ﺇﻃﻼﻗﺎ ﻷﻥ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﺄﻥ ﻳﻘﺼﻴﻪ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﻫﻤﻮﻡ ﻭﻗﻀﺎﻳﺎ ﻭﻃﻨﻪ .
ﻓﻜﻢ ﻫﻮ ﻣﻘﻠﻖ ﻭﻣﺨﻴﻒ ﺃﻥ ﺗﻜﺘﻔﻲ ﺧﻴﺮﺓ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺑﺎﻟﺘﻔﺮﺝ، ﻭﺃﻥ ﻻ ﺗﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ ﻭﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ ﻓﻘﻂ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺤﺪﺩ ﻣﺼﻴﺮ ﺍﻟﻮﻃﻦ، ﻭﻳﺤﺴﻢ ﺃﻣﺮﻩ، ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻗﻠﺔ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺋﻪ ﻟﻢ ﺗﺸﺘﻬﺮ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺑﺤﺮﺻﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ .
ﻓﻴﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻄﻴﺒﻮﻥ ﻛﻔﻰ ﻫﺮﻭﺑﺎ ..
ﻭﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻮﻥ ﻛﻔﻰ ﺻﻤﺘﺎ ..
ﻭﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻛﻔﻰ ﺳﻠﺒﻴﺔ ..
ﻭﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻮﺭﻋﻮﻥ ﻛﻔﻰ ﺗﻔﺮﺟﺎ ..
ﻟﻘﺪ ﺣﺎﻥ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻷﻥ ﺗﻔﻌﻠﻮﺍ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻭﻃﻨﻜﻢ، ﻷﻧﻜﻢ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﻔﻌﻠﻮﻩ ﺍﻵﻥ ﻓﻘﺪ ﻻ ﺗﺘﺎﺡ ﻟﻜﻢ ﻓﺮﺻﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻔﻌﻠﻪ، ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ ﺗﻮﻟﺪﺕ ﻟﺪﻳﻜﻢ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﻟﺬﻟﻚ .
ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ : ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺃﻓﻌﻠﻪ ﺍﻵﻥ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻭﻃﻨﻲ؟
ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺑﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺠﺎﻟﻴﻦ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﻤﺎ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﻭﻃﻨﻪ :
ﺃﻭﻻ : ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ : ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻦ ﺃﻓﺼﻞ ﻓﻴﻪ، ﻓﺎﻟﻤﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ـ ﻭﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪﺭﺍﺗﻪ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺗﻪ، ﻭﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻔﺮﺹ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ـ ﺑﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﻟﻮﻃﻨﻪ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﺪﻡ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻵﻥ، ﻭﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﺗﺄﺧﻴﺮ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻻ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﻟﻴﻘﺮﺭ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﺍﻃﻨﺎ ﺻﺎﻟﺤﺎ، ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺻﺎﻟﺤﺎ ﺑﻜﺎﻣﻠﻪ، ﻓﺤﻴﻨﻬﺎ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻣﺠﺒﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﺍﻃﻨﺎ ﺻﺎﻟﺤﺎ . ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻘﺮﺭ ـ ﻭ ﻣﻦ ﺍﻵﻥ ـ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﺍﻃﻨﺎ ﺻﺎﻟﺤﺎ ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ ﻇﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﻓﺎﺳﺪﺍ .
ﺛﺎﻧﻴﺎ : ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﻓﺮﻳﻖ ﺃﻭ ﺿﻤﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ : ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﺘﻢ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ، ﻭﺳﺄﻛﺘﻔﻲ ﻫﻨﺎ ﺑﺎﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻧﻈﺮﺍ ﻷﻫﻤﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻧﺤﻮ ﺍﻷﻓﻀﻞ، ﻭﻟﻜﻦ ﻗﺒﻞ ﻋﺮﺽ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻘﺘﺮﺣﺎﺕ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ، ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺎﺕ ﺍﻟﺴﺮﻳﻌﺔ :
ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﻻ ﺷﻚ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﻴﻦ ﻗﺪ ﺗﺤﺴﻦ ـ ﻭﺑﺸﻜﻞ ﻣﻠﺤﻮﻅ ـ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ، ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﻬﺰﺍﺕ ﺍﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺗﻬﺎ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ، ﻭﻧﺘﻴﺠﺔ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﺗﺸﻬﺪﻩ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺤﻮﻻﺕ ﻛﺒﺮﻯ .
ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﻻﺷﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺄﻥ ﺛﻘﺔ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻧﺨﺒﻬﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻬﺰﺍﺕ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ، ﻭﺃﻥ ﻣﺼﺪﺍﻗﻴﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺨﺐ ﻗﺪ ﺗﺮﺍﺟﻌﺖ ﺇﻟﻰ ﺃﺩﻧﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻟﻬﺎ، ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﻄﺎﺀ ﺍﻟﺸﻨﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺭﺗﻜﺒﺘﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺨﺐ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺴﻠﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺭﺣﻢ ﺭﺑﻚ . ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﻀﻴﻒ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺰﻋﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻟﻠﻨﺨﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺍﻛﺒﺖ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻧﻄﻼﻗﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﻗﺪ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﺠﺒﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻟﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﺴﺤﺎﺏ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺠﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ، ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﻨﺠﺐ ﺟﻴﻼ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﺷﺎﺑﺎ ﻳﺤﻤﻞ ﺍﻟﺮﺍﻳﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺰﻋﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ، ﻭﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ، ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺻﺢ ﻣﺎ ﺃﺭﻳﺪ ﻟﻪ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ، ﻣﻦ " ﺯﻋﺎﻣﺎﺕ " ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺷﺎﺑﺔ ﻳﻨﺬﺭ ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ، ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻳﻘﺘﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺎﺑﺎﺕ ﺷﺮﺍﺋﺤﻴﺔ ﻭﻋﺮﻗﻴﺔ ﻭﻋﻨﺼﺮﻳﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺨﺮﻳﻄﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻧﺎ ﺳﺘﺘﺸﻜﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﻄﺎﺏ ﻛﺒﺮﻯ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻤﺎﻳﺰ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺷﺮﺍﺋﺤﻲ ﻭﻋﺮﻗﻲ، ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺃﻭ ﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ، ﻫﺬﺍ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﻮﻥ ﺍﻵﻥ ﻟﻠﻮﻗﻮﻑ ﺿﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﻤﺎﻳﺰ ﺍﻟﻤﻨﺬﺭ ﺑﺎﻟﺨﻄﺮ .
ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ : ﻻ ﺷﻚ ﻛﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻗﺪ ﻟﻌﺐ ﺩﻭﺭﺍ ﻛﺒﻴﺮﺍ ﻓﻲ ﺇﺿﻌﺎﻑ ﺩﻭﺭ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻮﺟﻬﺎﺀ ﻭﺷﻴﻮﺥ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺳﻠﺐ ﻣﻦ ﺃﻏﻠﺒﻴﺘﻬﻢ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺎﺕ ﻭﺍﻻﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﻜﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ . ﻓﺎﻟﻴﻮﻡ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻨﺎﺧﺒﻴﻦ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻣﺎ ﻳﻘﺪﻣﻮﻧﻪ ﻟﻼﺣﺘﻔﺎﻅ ﺑﻤﻜﺎﻧﺘﻬﻢ ( ﻭﻻ ﻳﻬﻢ ﻫﻨﺎ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻗﺪ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﻮﻋﻲ ﺃﻭ ﺑﺪﻭﻥ ﻭﻋﻲ، ﻋﻦ ﻗﺼﺪ ﺃﻭ ﺑﺪﻭﻥ ﻗﺼﺪ ) .
ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ : ﻻ ﺷﻚ ﺑﺄﻧﻪ ﻗﺪ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻠﺤﺔ، ﻭﻣﻠﺤﺔ ﺟﺪﺍ، ﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ـ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ـ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻥ ﺗﺠﺪﻳﺪﻫﺎ ﻫﻮ ﻣﺠﺮﺩ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺷﻜﻠﻴﺔ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻔﻌﻮﻝ ﺑﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻳﻔﻜﺮﻭﻥ ﺑﻌﻘﻠﻴﺔ ﺑﺎﺋﺪﺓ، ﻭﻳﺘﺼﺮﻓﻮﻥ ﻭﻓﻖ ﻣﻨﻄﻖ ﻭﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺃﻛﺜﺮ ﺑﺆﺳﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻣﻦ ﻳﺮﺍﺩ ﺗﺠﺪﻳﺪﻫﻢ . ﺇﻥ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻫﻮ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﻌﻘﻠﻴﺎﺕ ﻭﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﺠﺪﻳﺪﺍ ﺷﻜﻠﻴﺎ ﻳﺮﻛﺰ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﻌﻤﺮﻱ .
ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﻴﺆﻛﺪ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻌﻼ ﻟﺤﻈﺔ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻓﺮﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻬﺎ ﻗﺪ ﻻ ﺗﺘﻜﺮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﺭ، ﻭﻧﺤﻦ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻧﺴﺘﻐﻠﻬﺎ ﺍﺳﺘﻐﻼﻻ ﺟﻴﺪﺍ، ﻓﺴﻨﻜﻮﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﺃﺿﻌﻨﺎ ﻓﺮﺻﺔ ﻧﺎﺩﺭﺓ ﻹﺣﺪﺍﺙ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺟﺎﺩ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺍﻟﻤﺘﻌﻄﺶ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ .
ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﺬﻛﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻄﻨﺔ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺗﻘﻮﻝ ﺑﺄﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﻴﻦ ﺍﻟﺸﺮﻓﺎﺀ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ، ﺃﻥ ﻳﺒﺪﺅﻭﺍ ـ ﻭﻣﻦ ﺍﻵﻥ ـ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﺠﺎﺩ ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﺗﺸﻜﻴﻼﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻄﺎﺏ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﻣﺘﺔ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ، ﻭﻫﻲ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺌﻤﺖ ﻣﻦ ﻟﻌﺐ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮﺝ .
ﻟﻘﺪ ﺁﻥ ﺍﻷﻭﺍﻥ ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻋﻨﺎﻭﻳﻦ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺑﻤﻮﺍﺻﻔﺎﺕ ﻭﻣﻘﺎﺳﺎﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ، ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﻨﺎﻭﻳﻦ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺃﻥ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻼﺕ ﺑﺠﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﺕ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺃﺫﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ :
1 ـ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻤﺆﺳﺴﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻼﺕ ﻧﻈﺮﺓ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ، ﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻟﻴﺲ ﺇﻻ ﻣﺠﺎﻻ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮﻱ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﻋﻲ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻣﻨﻪ ﻟﻴﺲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺧﺎﺻﺔ ﺁﻧﻴﺔ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻣﻨﻪ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ . ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺟﺪﺍ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ﺍﻻﻧﻀﻤﺎﻡ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻼﺕ، ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺍﻟﻌﻀﻮ ﻟﻠﺘﺒﺮﻉ ﺑﺴﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻭﻗﺘﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻬﺮ ﻟﻠﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ .
2 ـ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻤﺆﺳﺴﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻼﺕ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻓﻤﺸﻜﻠﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻫﻮ ﺃﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﺴﺘﻐﺮﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻟﺪﻗﺎﺋﻖ ﻣﻌﺪﻭﺩﺓ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ، ﻭﺃﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﻨﺘﺞ ﺃﻓﻜﺎﺭﺍ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺠﺴﻴﺪ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻧﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻭﺍﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺎﺣﺔ، ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺟﺪﺍ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﻘﺎﺋﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺰﺏ ﺧﻴﺎﻝ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﺳﻊ، ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻨﻔﻴﺬ .
3 ـ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻤﺆﺳﺴﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻼﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻣﻦ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺤﻤﺎﺱ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻤﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﻓﻲ ﻇﺮﻭﻑ ﺻﻌﺒﺔ . ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﻴﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺿﻔﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﺃﺧﻼﻗﻲ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﺸﻄﺘﻬﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻻﺑﺘﻌﺎﺩ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺧﺎﺻﺔ ﺿﻴﻘﺔ، ﻭﺍﻻﺑﺘﻌﺎﺩ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺴﺐ ﻭﺍﻟﺸﺘﻢ ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺳﺐ ﺃﻭ ﺷﺘﻢ .
4 ـ ﺃﻥ ﺗﻐﻠﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻼﺕ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻱ ﻣﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺳﺠﻠﻪ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﺃﻱ ﺷﺒﻬﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺮ، ﺃﻭ ﺷﺎﺭﻙ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻧﺸﺎﻁ ﻗﺒﻠﻲ ﺃﻭ ﺟﻬﻮﻱ ﻟﻪ ﺻﺒﻐﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ، ﺃﻭ ﻋﺮﻑ ﻋﻨﻪ ﺃﻱ ﺗﻮﺟﻪ ﻋﻨﺼﺮﻱ، ﺃﻭ ﺃﻱ ﺩﻋﻮﻯ ﻋﺮﻗﻴﺔ ﺿﻴﻘﺔ، ﺃﻭ ﻋﺮﻑ " ﺑﺎﻟﺨﻔﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ " ، ﻭﺑﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﺘﺮﺣﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ .
5 ـ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻤﺆﺳﺴﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻼﺕ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺄﻧﺸﻄﺔ ﻣﻴﺪﺍﻧﻴﺔ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﻠﺤﻤﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، ﻭﻟﻤﺤﺎﺭﺑﺔ ﻣﺨﻠﻔﺎﺕ ﺍﻻﺳﺘﺮﻗﺎﻕ ( ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺟﺎﻫﺰﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ) ، ﻭﺃﻥ ﻳﺘﺮﻛﻮﺍ ﻟﻐﻴﺮﻫﻢ ﺍﻟﺘﺤﺪﺙ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ، ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﻨﺎﻓﺴﻮﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻐﻨﻲ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ .
ﻗﺪ ﻳﺨﻴﻞ ﻟﻠﺒﻌﺾ ﺑﺄﻥ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻫﻮ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺔ، ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻜﺲ ﺗﻤﺎﻣﺎ، ﻓﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻬﻮﻟﺔ، ﻭﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻻ ﻟﻘﺮﺍﺭ ﺟﺎﺩ، ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ ﺟﺎﺩﺓ، ﻣﻊ ﺷﻲﺀ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻭﺷﻲﺀ ﻏﻴﺮ ﻳﺴﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ . ﺗﻨﺒﻴﻪ : ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ ﻗﺪ ﻧُﺸﺮ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺳﺎﺑﻖ، ﻭﺃﻋﺪﺕُ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻧﺸﺮﻩ ﺑﻌﺪ ﺗﺼﺮﻑ ﻳﺴﻴﺮ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻘﻨﺎﻋﺘﻲ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﻭﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ ﺃﻥ ﻳﺮﺳﻢ ﻣﻼﻣﺤﻪ .
ﺣﻔﻆ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺎ ...
ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻷﻣﻴﻦ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ
elvadel@gmail.com