علاقات موريتانيا والسنغال ليست في أحسن حالاتها. لكنّ الاكتشافات الحديثة لاحتياطيات كبيرة من الغاز على الحدود بين البلدين يحتاج تعاملا خاصا. رئيسا البلدين يؤكدان بانتظام على أهمية هذه الاحتياطات الاستراتيجية والتنموية.
من الواضح أن كلا الرئيسين يحاول أن تصدر عنه تصريحات مطمئنة قدر الإمكان. فعلى الجانب الموريتاني، قال الرئيس محمد ولد عبد العزيز مؤخرا لصحيفة فرنسية: نحن (السنغال وموريتانيا) ليست لدينا أية مصلحة في تأخير عملية الاستغلال نتيجة خلافات عقيمة. وأضاف أن العلاقات بين البلدين هي قديمة ونحن مسئولون كرؤساء للبلدين أمام الأجيال القادمة عن تقويتها باستمرار.
ووفقا له فإن كلا البلدين سيتقاسمان هذا الحقل الكبير ذا الأهمية الحيوية بالنسبة لتنمية السنغال وموريتانيا. وتأتي هذه التصريحات لطمأنة المستثمرين الأجانب الذين يسعون وراء أرباح تقدر بـ10 مليار دولار أمريكية.
الجانب السنغالي أيضا لديه نفس اللهجة فقد دعا ماكي صال ببساطة إلى استغلال مسئول للحقل. هذا الخطاب التصالحي هو المعلون ولكن وراء الكواليس الأمور أقل بساطة،
فقد رفضت موريتانيا بشكل قاطع حفر أي الآبار على الأراضي السنغالية وهو ما من شأنه أن يخفض التكاليف بشكل كبير. فلماذا هذا العداء للجارة الجنوبية؟ يتعيّن علينا أن نعود إلى عام 1989 لفهم الأمر فقد كانت الدولتان على وشك مواجهة في أعقاب أزمة خطيرة وتم طرد العديد من الموريتانيين السود إلى السنغال، كما استهداف الموريتانيين ومصالحهم في السنغال.
بعد تلك الأحداث المؤسفة، لم تعد العلاقات كما كانت، على الرغم من أن كل شيء يبدو هادئا. مرات عديدة، كانت هناك ردود فعل حشنة من هذا الجانب أو ذاك. موريتانيا تهاجم بانتظام الصيادين السنغالين من سينلوي، كما يخضع الرعاة الموريتانيون لقيود من قبل السلطات السنغالية.
وعلى الصعيد الاستراتيجي، يراقب كل بلد الآخر، فعندما اشترت موريتانيا في مارس 2012، طائرات برازيلية سارعت السنغال بعد فترة وجيزة بشراء طائرات من نفس النوع. وعندما تعزز السنغال أسطولها البحرية فإن الضباط يفكرون في موريتانيا في المقام الأول. باختصار وراء الأكمة ما وراءها.