جنون العالم وأفكار السياسيين البليدة / باب ولد سيد أحمد لعلي

أحد, 11/13/2016 - 23:51

موريتانيا الحبيبة يا ناس في وضع أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه سياسيا أنه غريب بعض الشيء ومدلهم في واقع لم يسبق له مثيل في هذه الربوع ، نظام اختطف السلطة بعد أن أزاح رئيسه السابق في انقلاب أبيض 2005 ، وأبعدوا بالسيادة رجل أمنه عندما توجوه عليهم رئيسا ليظن السيد الجديد أنه 

على شيء وأنه يمكن ان يحتفظ لنفسه بأمجاد وأذكار طيبة يعود بها عند أول فرصة ، وللأسف كانت النتيجة صادمة أول حكومة بعده تعلن عجز الخزينة وفراغها ..
طبل الناس كلهم للزعيم الأول الذي قُدمت له الرئاسة على طبق من ذهب وصورا إعلاميا أنه ملاك ليتحول الملاك عند أول اختفاء عن السلطة إلى شيطان كبير ومجرم ومفسد بالدرجة الأولى ، ومع ما في كل ذلك من حقائق إلا أن القائمين عاجزين عن محاكمته وهم من قالوا انهم أتوا لمحاربة الفساد والمفسدين  لا لشيء إلا لأنه قد يكون يملك من الملفات ما يستطيع به أن يشوه سمعتهم هم عند العامة ، ويدنس فيهم الروح الملائكية التي تقدم كصورة خارجية لهم ...
ذهب ذلك الزمن وجاء زمن آخر بفضل خطط الجنرال وإدارة الدولة في الكواليس وترتيب الأمور في الخفاء وبقيّ الجنرال ومن معه فقط متحكمين متنفذين ، لكن الصورة لا زالت تنقصها شظايا لم تكتمل بعد ويجب إكمالها بما يسميه الجنرال المُفكر "تجديد الطبقة السياسية" يريد من خلال ذلك تغيب كل القادة السياسيين الذين عرفتهم موريتانيا في عقود عديدة قبل معرفته هو عن المشهد السياسي ، لا لشيء إلا لأنه هو ابن البلاد وخادم القصر السابق له عليهم نقمة قديمة منذ عهد سيده "معاوية" الذي كان يحاسبهم بالفعل الصريح دون الرجوع إلى التخطيط لإقاعهم فيما يشتهي على المدى البعيد وتسخير أجهزة الدولة ووسائلها لذلك ...
قال لي أحد الأخوة النشطين في الحراك المعارض لنظام عزيز في حوار ودي طفيف جمعنا على مأدبة حب موريتانيا الحبيبة "يا اخي نحن نعيش حقبة زمنية فريدة ومختلفة ، فيما مضى كان هناك مفكرون ينتجون الأفكار وسياسيون يطبقون تلك الأفكار أو يسعون إلى تجسيدها على أرض الواقع واليوم يحدث العكس ، هناك سياسيون ينتجون الأفكار ومفكرون يفكرون بتلك الأفكار وينظرون لها" .
لقد تركت هذه الكلمة أو الجملة في نفسي أثرا ومررت على ذهني شريطا من الأحداث التاريخية القريبة وطنيا والبعيدة دوليا ، وتبادر إلى ذهني سؤال بسيط ، أين يسير العالم .؟
منذ عقود وبعد نهاية الحرب الباردة ظهر كتاب "فوكو ياما نهاية التاريخ" ذلك الكتاب الذي سخرت لها الماكينات الإعلامية الغربية لترويجه وإيصاله العالم اجمع لا لشيء إلا أن الكاتب أعتبر ان الديمقراطية أقصى فكر أنتجه البشر وأنه المرحلة النهائية من تطور الفكر البشري ، يعني بلغة الغرب أنه لا مجال في العالم بعد اليوم لفكر جديد ولإيديولوجيا جديدة ، في الوقت الذي يعني تفرد القطب الواحد بالحكم وانتصار ثقافته وفكره عالميا ، انكسرت الشيوعية ، ولم يعد هناك داعي لنشر ثقافة الطبقة البلوريتارية لأن العالم بلغ مدى تطوره الفكري وأُعتبر على غرار ذلك ان أي فكر متبع في أي قطب عالمي هو حالة شاذة وتجب محاربته او تحرير أهله ، وكي لا أطيل في تفاصيل ذلك ، فيمكن الخروج بفكرة من كل ذلك هي انه ومنذ عقود والعالم تقوده أفكار الساسة  لا أفكار المفكرين ...!
ذكرتني فكرة الأخ أيضا بكلام الرئيس الموريتاني الكثير عن أفكاره الخارقة التي تسرقها المعارضة دوما وعن أنه هو من انقلب 2005 لمصلحة الشعب وعن أنه هو من اتقلب 2008 بعد ان انحرف المسار الديمقراطي في موريتانيا وصار من اللازم تصحيحه وعن ان فكره أوصله في أخر محطة على أن لا يترشح لمأمورية ثالثة ...
كما ذكرتني تلك المقولة بلافتة عُلقت على جامعة نواكشوط أيام حملة 2013 الرئاسية كان فيها أن أساتذة جامعة نواكشوط وما في موريتانيا من مفكر يدعمون المأمورية الثالثة لولد عبد العزيز تلك المأمورية التي سموها بمأمورية الإصلاح …!
كما ذكرتني تلك المقولة أيضا بدعم فقهائنا وعلمائنا اللامشروط للنظام العسكري القائم منذ عقود في موريتانيا وسكوتهم عن الظلم والغبن والتهميش والإقصاء وعن المعاملات السيئة للساسة وعن أوكار الدعارة التي يرعاها الأمن في المدن ، وعن قطع الرواتب ، وإفتائهم بجواز كل محظور تدعمه الحكومة والنظام  وعن وعن ...
كما ذكرتني تلك المقولة بدعم الإعلاميين اللامشروط لأي رئيس جاء على ظهر دبابة في موريتانيا وسرعة تقليب المواقف وتزيفها خدمة لمن هو على رأس السلطة وتماشيا مع رغبته ...
كل ذلك قائم وكل من يدعم  فينا يدعم لا حبا في بياض عيون ولد عبد العزيز ولا غيره بل محافظة على مصالحه فقط ، وهذا شيء سهل نجاح أي إجراء مهما كان نوعه مدعوم من طرف رئاسة الدولة ، فلا يمكن أبدأ أن يعارض حسب فقه الواقع شيء قادم من البلاط مطلقا
وللعودة إلى السؤال أين يسير العالم بعد ذلك ؟
كل ذلك لا يمكن أن يجعلنا نغفل أو نهمل مفكرين لا يزالون ينتجون كما فعل الرواد الذي تتبع البشرية أفكارهم الآن وتتبناها ، هناك الكثيرين يعارضون النظام الراسمالي ويبينون حقائقه ، لكن اللحظة ليست لهم ، اللحظة لحظة السياسيين وأفعالهم الشيطانية عالميا ...
وبالعودة إلى الشأن المحلي فإنه مبدئيا لا بد من الإقرار بان أفكار رئيسا المفكر الذي لا يملك من الشهادات سوى شهادة الباكلوريا "الثانوية العامة" والتي يُشكك في وجودها الكثير من العارفين به ، نافذة ومؤثرة ، وتُدعم بآراء المفكرين والعلماء والسياسيين بشكل كبير ، لكن من ينظر إلى الزمن وإلى تقلباته لا بد أن يقر من أنه لو نجحت أفكاره الآن وحققت ما يصبو إليه هو لا بد من عودة جديدة لتجيد تراث هؤولاء المناضلين السياسيين المعارضين ، والسبب بسيط وهو أن المعارضة تملك شعبية لم تحصل عليها بفعل تأثير السلطة والنفوذ وما يترتب على ذلك من مصالح بل لديها شعبية أثبتت امتلاكها في أكثر من مناسبة ذلك هو الشيء الحقيقي والباقي فعلا ، بينما ولد عبد العزيز إذا انفرد بنفسه وخرج دون السلطة وأضوائها وما تحمل من تأثيرات لا يمكن أن يحقق من الشعبية نصف ما تملك المعارضة أبدا ،حاله في ذلك حال كل رئيس سابق لموريتانيا ذهب عن السلطة أو أُطيح به واكتشف بعد ذهابه من الناس الأعاجيب .

الفيديو

تابعونا على الفيس