نشرت صحيفة "إيزفيستيا" مقالا للمحلل السياسي الأمريكي أندريو كوريبكو، يتحدث فيه عمَّن يشرذم الولايات المتحدة بعد انتخاب ترامب، ولماذا؟
جاء في المقال:
نتائج الانتخابات الرئاسية تُشرذم المجتمع الأمريكي والطبقة السياسة. فالجزء الأكبر من المؤسسة الحكومية ووسائل الاعلام والخبراء سخر كل قواه لإقناع الناخبين بأن ترامب خاسر لا محالة. ويمكن أن نعدَّ هذه أكبر عملية غسل أدمغة للناخبين الأمريكيين. والآن لأسباب مفهومة من الصعب الاعتراف بالهزيمة. ولذا، تعيش الولايات المتحدة اليوم حالة صعبة في عملية تحول السلطة السياسية.
ومن الطبيعي أن يحاول أنصار هيلاري كلينتون، الذي سيحرمون من مناصبهم المؤثرة، بالسبل والوسائل كافة، تحريف نتائج الانتخابات وتشويه سمعة الفائز.
وتنظم في هذه الأيام اجتماعات حاشدة في المدن الأمريكية الكبيرة، تنتهي عادة بأعمال شغب. وهذا ليس إلا عنصرا من عناصر "الثورات الملونة" التي استخدمت بعد الانتخابات في جورجيا وفي أوكرانيا وعدد من بلدان الشرق الأوسط. ويرمي منظمو هذه الاحتجاجات إلى بلوغ هدفين. فهم من جانب يسعون لاستعراض رفضهم نتائجَ هذه الانتخابات، ويحاولون الضغط على السلطة، ومن جانب آخر زعزعة الأوضاع إلى درجة، بحيث يضطر ترامب عند استلامه السلطة في منتصف يناير/كانون الثاني المقبل إلى استخدام القوة ضد مواطنيه.
وتكمن المسألة في أن هيلاري كلينتون نفسها وهوما عابدين والعديد من أنصارها ومن بينهم جورج سوروس، يخافون جدا من أن يتخذ مكتب التحقيقات الفدرالي ووزارة العدل قرارا بالشروع بإجراء تحقيق بشأن قضايا جنائية اقترفت عندما كانت كلينتون وزيرة خارجية الولايات المتحدة.
كما أن المسألة تكمن في عدم قدرة باراك أوباما، الذي سيبقى رئيسا للبلاد خلال فترة الشهرين المقبلين، على احتواء هذه الاحتجاجات المتنامية. ومن جانب آخر يسعى أنصار الحزب الديمقراطي والمحافظون الجدد العاملين في مؤسسات الدولة – القوات المسلحة، الأجهزة الأمنية، ووزارة الخارجية - إلى اثبات صحة تأكيدات أولئك الذين قالوا إنه في ظل ترامب تصبح الدولة الأمريكية "دكتاتورية فاشية". وكلما استخدم ترامب قسوة أكثر في قمع هذه الاحتجاجات وأعمال العنف، زاد اتهامه من قبل أنصار كلينتون باستخدام أساليب غير ديمقراطية. من أجل ذلك سوف يسعون في كل مدينة كبيرة لتنظيم "ميدان" وفق التكنولوجيا المعروفة.
لذلك، فإن الوضع حاليا غير مريح في الولايات المتحدة. باراك أوباما لن يتدخل أو بالأحرى عاجز على التعامل مع هذه الاحتجاجات التي انتشرت في البلاد. وأكثر من هذا، لن استغرب أن يقوم بقيادة الحركة المناهضة لترامب بعد مغادرته البيت الأبيض.
ومقابل ذلك، سوف يضطر ترامب إلى استخدام الحرس الوطني لقمع هذه الاحتجاجات. أي سيضطر إلى اتخاذ القرار الذي يدفعه إليه منتقدوه. وكما لاحظنا خلال الاضطرابات التي وقعت في سانت لويس وفيرغسون وبالتيمور وغيرها من المدن الأمريكية، استخدم منظمو هذه الاضطرابات عناصر معادية للمجتمع، وهذا عنصر آخر من عناصر "الثورات الملونة".
بيد أن أنصار المرشح الخاسر يجب أن يدركوا: أعجبهم الفائز أم لا، فهو فاز في المنافسة الرئاسية. وإنه فاز بصورة قانونية، واحترام القانون واجب!