ليست مصادرة الرأي أمرا خارجا عن ذواتنا ،
بل إن اكثر الأفكار صدقا هي اللتي نصادرفي المهد ،
اللتي نئدها دون ان تبرز للوجود دون أن تتنفس ذرة أكسجين ، إن الفكرة في البداية هي انفعال عاطفي وتفاعل أخلاقي ، فإن لم يتم وأدها أو كبتها بلغة فرويد فإنها ستخلق نفسها على الأرض الواقع ،
الفكرة مثل الولادة ، وكل فكرة تستحق ان تعيش على هذا الكوكب الذي شهد من بين أقرانه من الكواكب أكبر تزاحم للأفكار في التاريخ !
لكن أليس كئيبا انه ليس لدينا مفكر في موريتانيا ، أليس كئيبا أن كثيرا من المشاكل ناتجة عن اساليبنا في الحياة ومع هذا لم نجد بعد مفكرا قادرا على مهاجمة هذه الأساليب ؟،لماذ كل مايقدمه المفكر المحلي هو سلعة خارجية وترسيم جديد ، هل يخاف ان يرد قوله ؟
وإذا كان يخاف ذلك هل من النبل أن يستكين لخوفه ، ؟
إن المفكر هو إنسان يتقبل برحابة صدر ان يتم اشعاله او خوزقته لكنه يثور غاضبا على المظاهر الغير عقلية في الوجود ، إن وظيفة المفكر ليست الإمتلاء بأفكار الآخرين لأن تلك الأفكار لا يمكن تطبيقها إلا في بيئتها ، إن وظيفته بالأحرى هي استشعار الغضب الذي ألهم كاتبيها ، والغضب هو سيد العواطف ، ففي ثورته تخرج الحقيقة ويختفي تناسق الكلام ، والغضب جميل في رصه للأشياء ، الغضب يجعل العيي خطيبا مفوها حتى تحرك الهرمونات في الجسد جميل في وقت الغضب !
رغم ان اجلاف العرب كانوا يتلمسون الوجود بأعين مفتوحة ، إلا أن سراتهم اليوم يغمضون أعينهم ويلقون الكلام على عواهنه خيانة للضعفاء والمساكين ، فهذا وزير يتحدث عن الدكاكين كداعم أول للفقراء! وهذه كذبة كبرى إذا تم تحليلها في الواقع ، لأن كلمة فقر ، تعني مرحلة من مراحل العوز يعجز فيها الإنسان عن توفير حاجياته الأساسية ! ودعم الفقراء يكون عبر توفير الحاجيات الأساسية بكرامة ، واللتي هي السكن والقوت والتعليم والأمن والرعاية الصحية ، فهل توفر الدكاكين كل هذا ؟ لكن لا عليكم فلقد قيل لي بعد ذلك ان كل أحد يظن أن مهنته هي الأصل في كل شيء حتى الصحافة تظن انها إذا اسكتت فإن حرية الرأي انتهت !
هذا النوع من التصريحات ليس محزنا بحد ذاته كما أنه ليس محوريا في أي نقاش مرحلي حول محاربة الفقر ، لكن النسق الذي تنحدر منه هذه الأقوال هو نسق يستحق النسف ، وقد بدأ منذ إنطلاق السياسة في موريتانيا أو شيوع البولوتيك ، والتي تعني في الحسانية الكذب ،
لقد بدأ هذا النسق يتبلور مع القيود اللتي وضعها المستعمر على الموريتانيين، حيث أن ثقافة التقية أصبحت شائعة في أكثرهم ، والتقية في مجملها كلام أريدت به منفعة !
وهكذا صوتو ب نعم لبقاء المستعمر ، و صفقو بحماس لدكتاتورية حزب الشعب ، وسكتوا عندما أذكيت حرب الصحراء ، وبلغت بهم التقية حد تسويغ قتال الأخوة ، وبدؤو يصفقون للعسكر ، وناصرو أحكام الإعدام حتى في سراتهم ، ولم ينبسو ببنت شفة عندما تمت تصفية أخوتهم في الدين والوطن ، وصفقو لمعاوية الخير وأثرو الشعر بمدحه ، والفن بتمجيده ، وماكان منهم إلا أن خرجو رقصا يحملون صور المجلس العسكري ، وتكلموا عن تجربتهم الديموقراطية ، ثم قام الخطاب والمفوهون بتسويغ الإنقلاب على الديموقراطية ، ثم أخذو يمدحون العزيز ، وهكذا خرخجو بكثرة مع أحمد ،
تلك قضايا وطنية عاصرنا متأخرها وبلغنا متقدمها وباللجوء إلى خط تفكيكي نجد ان الرابط المنطقي بين كل هذه التحركات المجتمعية والأفعال الكاذبة ، هو كذب المثقفين والساسة ، ثم تصديق هذه الكذب وتمريره عبر شباب لم يفككو إلا طعم الشكولاتة ، وهكذا يتعب الشباب في خدمة أجندات تهدم موريتانيا المستقبل ، التي سيموت الشيوخ المتملقين قبل أن يحصدو ثمار فشلهم في تسييرها
خلاصة لن العب دور المفكر ، لأنني لا اعتقد أن واحد زائد واحد تساوي إثنان ، لكنني أنبه الإخوة من زملائي بفداحة الخطإ التاريخي الذي يرتكبونه ، وأرى أن الأزمة اللتي يعاني منها الجميع معارضة ، وموالات هي أزمة أخلاق ، وبالمناسبة قد يرى البعض أنني أيضا أعاني من نفس الأزمة لأن اكثرهم أكبر مني سنا ، لكنني أوجه هذه الحروف إلى الصغار ممن تعبو من الطاعة العمياء لأصحاب الشعر الأبيض !