لقد جاء اهتمام الإسلام بالوقت والحث على الاهتمام به باعتباره قيمة حضارية وفسحة للإنسان يمارس فيها نشاطه في الحياة التي تعتبر سلسلة من الحلقات ثانية فدقيقة فساعة فيوم ثم أسبوع فشهر فسنة وكل حلقة من هذه الحلقات تمر تحسب من عمر الإنسان وسيسأل عنها يوم القيامة.
ولقد نوه الإسلام بأهمية الوقت قال تعالى : { إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ }
وقال: {وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }
ولقد أقسم الله بالوقت في آيات عديدة منها قوله تعالى:{ وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ }
وقوله:{ وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى } وقوله:{ وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ }
وقوله:{ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى }
وقد فضل الله بعض الأوقات عن غيرها كما يلي:
1ـ الثلث الأخير من الليل على سائر الليل.
2ـ يوم الجمعة على سائر أيام الأسبوع.
3ـ الأيام العشرة الأولى من ذي الحجة على سائر أيامها.
4ـ العشر الأواخر من شهر رمضان على سائر أيامه.
5ـ شهر رمضان على سائر الشهور.
وإذا كان تفضيل هذه الأوقات عن غيرها يظهر للإنسان أهمية استغلال الوقت فإن تنشئة الإنسان نفسه تظهر مدى الترابط بينه وبين الوقت فالإنسان وهو جنين في بطن أمه يمر بعدة مراحل محددة الأوقات ويستمر معه هذا الترابط الزمني عندما يبرز للوجود إذ يمر بمراحل تبدأ بالرضاعة فمرحلة الطفولة فالمراهقة ليصل إلى مرحلة النضج والشباب ثم الشيخوخة حتى يصل إلى أرذل العمر.
كما أن العبادات التي يمارسها الإنسان على مدار اليوم وعلى طول العام تظهر ارتباط الإنسان بالوقت فالإسلام حدد للصلاة وقتها وجعل دخول الوقت من شروط صحتها وربط وقت الزكاة بتمام الحول وبعضها بيوم الحصاد كما ربط صوم رمضان برؤية الهلال أو بكمال شعبان وجعل للحج وقته المعلوم.
وعندما يدرك الإنسان هذا التلازم والترابط بينه وبين الوقت يجب أن يستغل وقته استغلالا جيدا فيرسم أهدافه ويحدد أولوياته ويواظب على العمل لأن"الليل والنهار ـ كما قال الحسن البصري ـ يعملان فيك فاعمل فيهما"ويقول ابن الجوزي:"ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته فلا يضيع منه لحظة في غير قربة ويقدم الأفضل فالأفضل ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما يعجز عنه البدن من العمل".
ويقول ابن المعتز:
نسير إلى الآجال في كل لحظة *** وأيامنا تطوى وهن مراحل
ولم أر مثل الموت حقـــا كأنـه *** إذا ما تخطته الأماني باطل
وما أقبح التفريط في زمن الصبا *** فكيف به والشيب للرأس شامل
ترحل من الدنيا بزاد من التقى *** فعمرك أيام وهـــــــــن قلائل
ولله الأمر من قبل ومن بعد