لست شيعيا رغم العشرة الطويلة بحكم ابتعاثي إلى سورية الحبيبة في منحة دراسية ولن أكون كذلك .

جمعة, 02/26/2016 - 14:11

الكاتب : الدكتور/ محمد ولد الخديم ولد جمال

لم أقابل هناك من يدعو لمذهبهم قط ولم أسمع أبدا من يتعبد ”بتلعيننا” في محرابه أو علي منبره !!

لكن بالمقابل لست إلغائيا.. لا أرفضهم فهم جزء حي وهام من أمتنا الإسلامية، لا أحاكمهم على هفواتهم لأني ببساطة لست قاضيا في محاكم التاريخ العرفية، ولا أريد أن أدخل معترك هذا التاريخ الهائج بنكايات الجراح والآلام وتأجيج الحقد الطائفي .

علمتني الحياة أن واقعية المقاربات تتطلب الكثير الكثير من الدقة والتجرد وانصاف الآخر.. وعلمتني أن الكأس دهاق لا نصف فارغة فيها – يقينية فيزيائية مطلقة لأن الهواء جرم وازن وليس بفراغ! -، وعلمتني كذلك أن الحقيقة مشاع

ولا أحد يستأثر بناصيتها وأن الحق واحد أبلج ولا أحد يملكه، ولسنا مخولين لا سنة ولا شيعة، لا أصالة و لا وكالة بتكييفه وفق مقاسات أهوائنا و لا ”بوصلته” حسب مزاجاتنا .

وعلمتني أكثر من ذلك أنه عند الشيعة لا توجد إلا مرجعية واحدة تتربع على قمة هرمهم، بينما توجد عندنا مرجعيات متعددة و متناقضة تتربع على قمة الهرم و قاعدته وفي كل زواياه، في فنائه و فضائه، على أرضه و في سمائه .

 

علمتني أن المقاومة الفاعلة ضد الصهاينة و أذنابهم و ذبابهم شاء الله أن تكون شيعية بامتياز وأنه عندنا مقاومات منفعلة تنخر مناعتنا الذاتية تجد لها الحواضن بين ظهرانينا تفريخا إنماءا و تسويقا .

وعلمتني أنهم يبغضوننا لكن بلطف و نكرههم بعنف وأنهم ينشرون ثقافة ”العمائم الحمائم” وننشر ثقافة ”عمائم الغنائم” .

 

علمتني أنهم يقطعون فكرنا و يسلخون أفكارنا بطريقتهم الهادئة و نفسهم الطويل، فنقطع رؤوسهم و نسلخ جلودهم بهمجيتنا الرعناء و تعصبنا الأعمى .

 

علمتني أنهم يحترمون طقوسهم و يقدسون رموزهم في حين نتمرد على كل مفردات هويتنا الدينية .

 

يفرضون ابروتوكولاتهم على الغرب في عقر داره و يفرض علينا الغرب ابروتوكولاته في عقر دارنا .

 

وعلمتني أنهم يملكون بيت مال عام وحيد يديرون به شؤونهم الثقافية و الاجتماعية و العسكرية، ونملك بيوتا مالية عامة كثيرة استحالت خاصة تدير ظهرها لشؤوننا الثقافية و الاجتماعية و العسكرية .

علمتني أنهم رحلوا عن عالمنا القابع في ملذاته الخاضع لشهواته ليحجزوا لهم مكانا مرموقا في مصاف الأمم المتقدمة ورضينا بالبيداء و تضاريسها الجرداء و أفقها الضيق و حياتها المثخنة بجراحات الظلامية و التخلف و الإنكفاء و الإنطواء .

 

نرعى العيس الشوارد و نمجّـد ثقافة الثأر و نتغزل على المها المنقرضة و نبكي الغضا الذابل ونعيد إنتاج ”داحس و الغبراء” في أخبيتنا المتهاوية.. بهروا العالم بعبقريتهم و أذهلناه بسذاجتنا ..!

 

الفيديو

تابعونا على الفيس