هناك أنماط من التغُّير والحركة الاجتماعية العميقة والتي ستؤدي لا محالة في إعادة إنتاج المجتمع الموريتاني من جديد ،
وليس المطلوب في الوقت الحالي سوى مراعاة القيم والمعايير التي يجب أن نقف عليها كلنا في سبيل حدوث ذلك التغير ، فليس من الموضوعي ونحن نتكلم عن الوطن والحرية
والمساواة السير بأقدام وخطى عتيقة طمرت على تاريخها الرياح واستباحها الزمان حتى أصبح من الضروري تركها وهجرها وإعادة التشكل من جديد ،وطبعا يُذكر ذلك ولكي نكون بعيدا عن الإيماء والتلميح بنشوء الدولة والآثار العميقة التي أحدثها المستعمر على البناء الاجتماعي الموريتاني ، حتى استطاع تسيرنا نحو الحضارة والتحديث عن طريق إنشاء جهاز سلطوي حديث لم يكن يتماشى مع العقلية العتيقة السائدة في تلك الفترة ، وعلى العموم وبعد تجاوز كل تلك الهفوات والخطوات الأولى التي كانت تهدف إلى ولادة الدولة التي أصبحت في القواميس والمعاجم الحضرية تعبر عن ولادة المجتمع نفسه ، وبعد كل تلك المراحل التي قطعناها حتى أصبح الحديث عن ظلم النظام الشرائحي القديم وعن مطالب جادة في محاربة آثاره ومخلفاته ممكنا على اعتبار أن واقعه قد تجاوز كثيرا بفعل الإرادة الاستعمارية من جهة وما تتطلبه ضرورة الحياة الوطنية الحديثة من جهة أخرى ، وقد عبرت تلك المطالب عن نوع من إرادة الإدماج والتشاركية الذي يحركه نوعا من الوعي الوطني ومزيجا من الوعي الذاتي المتلبس بالوعي الوطني الذي تعبر عنه مختلف الهيئات والمنظمات التي تتبنى واقع فئة أو شريحة معينة في الوقت الذي لم تحصد من آثار خطابها النضالي سوى الأمجاد والألقاب الشخصية.
يقول "آلان تورين" : إن مجتمعا ما ليس إلا مزيجا من الصراعات الكامنة والمكشوفة ومن أشكال التفاهم والحوار ومن أشكال السيطرة المفروضة ومن العنف والفوضى ، إننا لا يمكن أن نفهم الفاعل الاجتماعي من خلال الذي ينتمي إليه بل يجب الانطلاق من الفاعلين الاجتماعين ومن الصراعات القائمة التي تجعل بعضهم في مواجهة البعض والتي ينتج المجتمع نفسه غبرها.
قد يكون من الصعب رصد الواقع الحالي والتعبير عنه بشكل موضوعي ، لأسباب متعددة قد يكون في أولها
- أن واقع المجتمع الموريتاني الآن لا يعبر إلا عن مرحلة انتقالية يحاول فيها قدر الإمكان تصحيح الأخطاء الماضية في الوقت الذي يتطلع فيها إلى المستقبل وإعادة التَشكُل من جديد
- أن الظروف التي جعلت مجتمعا بدويا يحكمه النظام الشرائحي ينتقل من سياسية الإمارة والقبيلة إلى وضع الدولة الوطنية كانت أكبر صدمة وأكبر هزة عرفها المجتمع في تاريخه ، على اعتبار أن الدولة التي نعيش في ظلها لم تكن وبشهادة الجميع تعبر عن ضرورية محلية ، بل كانت تعبر عن إرادة قوة استعمارية ، وبالتالي حملنا عليها وإصلاحها وبناءها قد يتطلب الأخطاء تلو الأخطاء حتى نصبح نحن أهلنا لذلك البناء ، و هذا السبب يندرج في إطار السبب الأول وبالتالي يتحتم علينا التطلع للمستقبل وبل والعمل على صناعة ذلك المستقبل ، بخطط محكمة يتواضع الجميع عليها ويتفق ، ونعيش بذلك ضمن الحَدَثِ الذي أعدنا صناعته بعد أن حدث بفعل إرادة غيرنا وإن كانت السواعد التي عبرت عن تلك الإرادة الأخيرة سواعدنا .
إن الكلام في هذا المنحى كان بفعل مختلف التطورات التي شهدها المجتمع أخيرا والتي تنادي بالإصلاح والمساواة ، فهل يمكن الاستجابة أو صنع ذلك النموذج الدولاتي الذي يعبر عنه الجميع بإرادتهم ؟
من الصعب جدا قياس ومقارنة نشوء الدولة الموريتانية بنشوء وتطور الدول والإمبراطوريات العظيمة والعتيقة ، نعم كانت كما أشار ابن خلدون في مقدمته ولادة الدولة الاسلامية بفعل قوى علوية خارجية عن نطاق الفرد والتي أدرجها الرجل حسب ما اسماه ضروريات توحد العرب بحكم تحكم فكر العصبيات الضيقة التي تعبر عنها القبيلة و واللحمة والعصبية ، مشيرا في ذات الوقت إلى حتمية الصراع العصبي في نشوء الدول وزوالها ، فلم تكن هناك عصبية محلية غالبة أسست الدولة ولا أخرى مغلوبة أُسست على رأسها الدولة ، بل إن الإرادة الفرنسية هي التي تحكمت في نشوء الدولة ،
وصحيح أن النشوء قد يتطلب وقتا يمر المجتمع في ذلك الوقت بمختلف الأزمات الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية ويستشري الفساد وما يتبعه من أخلاقيات مدمره ، كما حدث إبنان الثورة الفرنسية مما استدعى ظهور ما يسمى بديكتاتورية المرحلة الانتقالية ، والتي نفذها نابليون من أجل إصلاح الأوضاع وتدارك التطور والتصنيع الذي سبق إليه الغريم الإنجليزي .
ولا أشير من خلال هذا السياق إلى ضرورة تبني حكم تكتاتوري من أن يعبر المجتمع من خلاله عن نفسه لأسباب منها
- أن الثورة الفرنسية قامت بفعل ظلم رجال الكنيسة وبالتالي ولدت نظاما يمجد العقل على حساب النقل أو الشرع ، ونحن لا يمكن أن يصلح حالنا إلا من خلال هذا الدين الذي كان يتضمن مختلف الحلول للأوضاع المزرية التي عاشها الغرب بعد وقبل الثورة ، وبالتالي فإن الانتقال فينا يجب أن يأخذ شكلا دائريا .
- أن الطريقة التي نشأة من خلالها دولتهم هم كانت تعبر عن خصوصيتهم ، وعلينا أن نعمل لإبراز خصوصيتنا والعمل بمقتضى تلك الخصوصية لإعادة التشكل من جديد في إطار مجتمع يعبر فيه المجتمع عن نفسه
إن الحديث في هذا المنحى عن ضرورة تعبير المجتمع عن نفسه لا يعبر إطلاقا عن التقليل بدور السلطة الحالية ولا يطالب بضرورة غيابها عن تلك العملية حيث أن غيابها هو غياب للمجتمع نفسه وإنما هناك شيء مفقود وحلقة فارغة يجب أن تملأ وهناك فردوس مفقود يجب أن نبحث عنه غاية البحث باعتبار أنه هو صمام الولادة والنشوء ، والصمام الثبات والاستمرار.ناك أنماط من التغُّير والحركة الاجتماعية العميقة والتي ستؤدي لا محالة في إعادة إنتاج المجتمع الموريتاني من جديد ، وليس المطلوب في الوقت الحالي سوى مراعاة القيم والمعايير التي يجب أن نقف عليها كلنا في سبيل حدوث ذلك التغير ، فليس من الموضوعي ونحن نتكلم عن الوطن والحرية
والمساواة السير بأقدام وخطى عتيقة طمرت على تاريخها الرياح واستباحها الزمان حتى أصبح من الضروري تركها وهجرها وإعادة التشكل من جديد ،وطبعا يُذكر ذلك ولكي نكون بعيدا عن الإيماء والتلميح بنشوء الدولة والآثار العميقة التي أحدثها المستعمر على البناء الاجتماعي الموريتاني ، حتى استطاع تسيرنا نحو الحضارة والتحديث عن طريق إنشاء جهاز سلطوي حديث لم يكن يتماشى مع العقلية العتيقة السائدة في تلك الفترة ، وعلى العموم وبعد تجاوز كل تلك الهفوات والخطوات الأولى التي كانت تهدف إلى ولادة الدولة التي أصبحت في القواميس والمعاجم الحضرية تعبر عن ولادة المجتمع نفسه ، وبعد كل تلك المراحل التي قطعناها حتى أصبح الحديث عن ظلم النظام الشرائحي القديم وعن مطالب جادة في محاربة آثاره ومخلفاته ممكنا على اعتبار أن واقعه قد تجاوز كثيرا بفعل الإرادة الاستعمارية من جهة وما تتطلبه ضرورة الحياة الوطنية الحديثة من جهة أخرى ، وقد عبرت تلك المطالب عن نوع من إرادة الإدماج والتشاركية الذي يحركه نوعا من الوعي الوطني ومزيجا من الوعي الذاتي المتلبس بالوعي الوطني الذي تعبر عنه مختلف الهيئات والمنظمات التي تتبنى واقع فئة أو شريحة معينة في الوقت الذي لم تحصد من آثار خطابها النضالي سوى الأمجاد والألقاب الشخصية.
يقول "آلان تورين" : إن مجتمعا ما ليس إلا مزيجا من الصراعات الكامنة والمكشوفة ومن أشكال التفاهم والحوار ومن أشكال السيطرة المفروضة ومن العنف والفوضى ، إننا لا يمكن أن نفهم الفاعل الاجتماعي من خلال الذي ينتمي إليه بل يجب الانطلاق من الفاعلين الاجتماعين ومن الصراعات القائمة التي تجعل بعضهم في مواجهة البعض والتي ينتج المجتمع نفسه غبرها.
قد يكون من الصعب رصد الواقع الحالي والتعبير عنه بشكل موضوعي ، لأسباب متعددة قد يكون في أولها
- أن واقع المجتمع الموريتاني الآن لا يعبر إلا عن مرحلة انتقالية يحاول فيها قدر الإمكان تصحيح الأخطاء الماضية في الوقت الذي يتطلع فيها إلى المستقبل وإعادة التَشكُل من جديد
- أن الظروف التي جعلت مجتمعا بدويا يحكمه النظام الشرائحي ينتقل من سياسية الإمارة والقبيلة إلى وضع الدولة الوطنية كانت أكبر صدمة وأكبر هزة عرفها المجتمع في تاريخه ، على اعتبار أن الدولة التي نعيش في ظلها لم تكن وبشهادة الجميع تعبر عن ضرورية محلية ، بل كانت تعبر عن إرادة قوة استعمارية ، وبالتالي حملنا عليها وإصلاحها وبناءها قد يتطلب الأخطاء تلو الأخطاء حتى نصبح نحن أهلنا لذلك البناء ، و هذا السبب يندرج في إطار السبب الأول وبالتالي يتحتم علينا التطلع للمستقبل وبل والعمل على صناعة ذلك المستقبل ، بخطط محكمة يتواضع الجميع عليها ويتفق ، ونعيش بذلك ضمن الحَدَثِ الذي أعدنا صناعته بعد أن حدث بفعل إرادة غيرنا وإن كانت السواعد التي عبرت عن تلك الإرادة الأخيرة سواعدنا .
إن الكلام في هذا المنحى كان بفعل مختلف التطورات التي شهدها المجتمع أخيرا والتي تنادي بالإصلاح والمساواة ، فهل يمكن الاستجابة أو صنع ذلك النموذج الدولاتي الذي يعبر عنه الجميع بإرادتهم ؟
من الصعب جدا قياس ومقارنة نشوء الدولة الموريتانية بنشوء وتطور الدول والإمبراطوريات العظيمة والعتيقة ، نعم كانت كما أشار ابن خلدون في مقدمته ولادة الدولة الاسلامية بفعل قوى علوية خارجية عن نطاق الفرد والتي أدرجها الرجل حسب ما اسماه ضروريات توحد العرب بحكم تحكم فكر العصبيات الضيقة التي تعبر عنها القبيلة و واللحمة والعصبية ، مشيرا في ذات الوقت إلى حتمية الصراع العصبي في نشوء الدول وزوالها ، فلم تكن هناك عصبية محلية غالبة أسست الدولة ولا أخرى مغلوبة أُسست على رأسها الدولة ، بل إن الإرادة الفرنسية هي التي تحكمت في نشوء الدولة ،
وصحيح أن النشوء قد يتطلب وقتا يمر المجتمع في ذلك الوقت بمختلف الأزمات الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية ويستشري الفساد وما يتبعه من أخلاقيات مدمره ، كما حدث إبنان الثورة الفرنسية مما استدعى ظهور ما يسمى بديكتاتورية المرحلة الانتقالية ، والتي نفذها نابليون من أجل إصلاح الأوضاع وتدارك التطور والتصنيع الذي سبق إليه الغريم الإنجليزي .
ولا أشير من خلال هذا السياق إلى ضرورة تبني حكم تكتاتوري من أن يعبر المجتمع من خلاله عن نفسه لأسباب منها
- أن الثورة الفرنسية قامت بفعل ظلم رجال الكنيسة وبالتالي ولدت نظاما يمجد العقل على حساب النقل أو الشرع ، ونحن لا يمكن أن يصلح حالنا إلا من خلال هذا الدين الذي كان يتضمن مختلف الحلول للأوضاع المزرية التي عاشها الغرب بعد وقبل الثورة ، وبالتالي فإن الانتقال فينا يجب أن يأخذ شكلا دائريا .
- أن الطريقة التي نشأة من خلالها دولتهم هم كانت تعبر عن خصوصيتهم ، وعلينا أن نعمل لإبراز خصوصيتنا والعمل بمقتضى تلك الخصوصية لإعادة التشكل من جديد في إطار مجتمع يعبر فيه المجتمع عن نفسه
إن الحديث في هذا المنحى عن ضرورة تعبير المجتمع عن نفسه لا يعبر إطلاقا عن التقليل بدور السلطة الحالية ولا يطالب بضرورة غيابها عن تلك العملية حيث أن غيابها هو غياب للمجتمع نفسه وإنما هناك شيء مفقود وحلقة فارغة يجب أن تملأ وهناك فردوس مفقود يجب أن نبحث عنه غاية البحث باعتبار أنه هو صمام الولادة والنشوء ، والصمام الثبات والاستمرار.