عبور الزهرة هي الظاهرة الفلكية التي يُسَبِّبُها مرور كوكب الزهرة بين الشمس والأرض، فيبدو كنقطة سوداءٍ صغيرةٍ عابرةً قُرصَ الشمس. يُقَاسُ هذا العبور وأمثاله عادةً بالسَّاعات، وقد بلَغَ طول العبور الذي جرى عام 2004م وكذلك عبور سنة 2012م حوالي ستّ ساعات. يُشبِه العبور الكسوف الذي يُسبِّبُه مرور القمر بين الأرض والشمس، ومع أن كوكب الزهرة أكبر من القمر بأربع مرات تقريباً، إلا أنَّ عامل المسافة التي تفصله عن الأرض يجعله يبدو صغيراً للعيان. لقد ساهمت عمليات الرصد التي تابعت عبور الزهرة في حساب المسافة بين الشمس والأرض باستخدام قانون اختلاف المنظر. يحدث كثيراً عبور آخر مشابه لعبور الزهرة هو عبور عطارد، لكنه صعب الرصد لأنّ عطارد أصغر حجماً من الزهرة وأقرب منه إلى الشمس، ومن ثم أبعد عن الأرض.[1][2]
يُعتَبَر عبورُ الزّهرة أحد أكثر الظَّواهر الفلكيَّة الدَّوريَّة نُدرَة،[3] إذ يتكرَّر في دورة مدَّتها 243 سنة، بزوجٍ من عبورين تفصل بينهما 8 سنوات، ثم زوجٌ آخر بعد 121.5 سنة، يليه آخر بعد 105.5 سنوات. قبل عبور عام 2004 كان آخر زوج عبور وقع هو عبورا عامي 1874 و1882، وبعد أن انقضى عبور عام 2012 سيكون زوج العبور القادم في عامي 2117 و2125م (عبوران تفصل بينهما 8 سنوات)، ثم سَتَمرُّ 121.5 سنة ليحصل زوجٌ جديد وهكذا تتكرَّر الدورة.[4][5]
كان يوهانس كيبلر أوَّل من تَنَبَّأ بحدوث عبور الزهرة، وتوقَّع أن يكون العبور الأقرب إلى زمنه في عام 1631م، لكن أحداً لم يرصده، ذلك أن توقعات كيبلر لم تكن دقيقةً بما يكفي، فهو لم يعلم أنّ العبور لن يكون مرئياً من معظم أرجاء قارَّة أوروبا.
أُجْرِيَ أوَّل رصدٍ معروفٍ في التَّاريخ لعبورٍ للزهرة قرب مدينة بريستون في إنكلترا على يد الفلكي جيرمي هوروكس من منزله هناك، في 4 ديسمبر 1639م، كما أنَّ صديقه وليام كريباتري رصد العبور نفسه من سالفورد قرب مانشستر في الآن ذاته. وبعد أن استمرَّ هوروكس في رصد السماء معظم النهار من دون جدوى، حالَفَه الحظ حين انشقعت الغيوم قليلاً وكشفت الشمس ليتمكَّن من رصد العبور مدَّة نصفِ ساعةٍ إبان الغروب، ولم تُنْشَر نتائج رصده حتى عام 1666، بعد مدة من وفاته.
في العام 1761 توقَّع ميخائيل لومونسوف بناءً على نتائج رصده لعبورٍ ذلك العام، أنَّ لكوكب الزهرة غلافاً جوياً. وفي ذلك الوقت تقدَّم العالم الفلكي إدموند هالي باقتراح فذّ للاستفادة من العبور في حساب بعد الشمس عن الأرض وحجهما. وتمَّ رصد العبور من مختلف مناطق العالم. لكن لم يكن من الممكن تحديد اللحظة التي يُلامِس فيها ظلّ الزّهرة قرصَ الشَّمس أو يغادره، وذلك بسبب تأثير ظاهرة الدمعة السوداء