برج آزادي أو "الحرية"، معلمة معمارية إيرانية ما لا تعرفونه عنها

سبت, 01/16/2016 - 17:16

على مدار 45 سنة، ظل برج آزادي أو "الحرية"، وهو أشهر المعالم الإيرانية الحديثة، الخلفية لأهم الأخبار والأحداث التي ينقلها البث التلفزيوني من طهران.

فقد وقف البرج، الذي يبلغ ارتفاعه 50 مترا، شاهدا على احتفالات، وإحياء لذكريات سنوية، وعروض عسكرية ومظاهرات حاشدة.

بُني هذا الصرح في عام 1971 ليرمز إلى الحداثة ويُصوّر الطريق الذي ينتظر البلد.

ومع انتهاء أعمال التشييد، لم يتوقع المهندس المعماري حسين أمانات أن يتحول البرج إلى "أيقونة، وأن يتمتع بهذه الشعبية الكبيرة بين الإيرانيين".

وكان الاسم الأصلي لبرج الحرية هو "النُصُب التذكاري للملك" أو "شاهياد"، إذ كان الهدف من بنائه هو تجسيد تاريخ الإمبراطورية الفارسية الذي امتد لحوالي 2500 سنة، ليظهر المبنى ثراء التاريخ والثقافة الفارسية.

وصعد نجم أمانات في سماء الهندسة المعمارية الإيرانية في عام 1966 بعد فوزه بمسابقة لاختيار أفضل تصميم لهذا المعلم الإيراني البارز.

ويقع النصب المبني بالرخام الأبيض غربي طهران في الطريق المؤدي إلى المطار الدولي القديم للعاصمة، وتحيط به ساحة تبلغ مساحتها خمسين ألف متر مربع تزينها حدائق ونوافير بالإضافة إلى متحف ومركز معارض.

وبحلول منتصف ستينيات القرن الماضي، كانت إيران بالفعل من أكبر منتجي النفط في العالم، ما شجع الشاه محمد رضا بهلوي على تدشين برنامج طموح للتحديث والتصنيع.

تزامن ذلك مع ازدهار في الفن الحديث في إيران، وهو ما وصفه حسين أمانات بأنه "نهضة فنية مصغرة".

فكان الفنانون والشعراء والموسيقيون يحاولون انتاج أعمال فنية خاصة بهم، واتباع أساليب أصلية تحمل هويتهم وتختلف عن الطراز الغربي، لكنهم كانوا في نفس الوقت يستوحون من أعمال فنية ينتجها الغرب مع التركيز على العناصر التقليدية للثقافة الفارسية.

يقول أمانات إن الأسلوب الذي اعتمد عليه في تصميم " شاهياد" يجسد الحداثة، لكنه كان فارسيا جدا في نفس الوقت.

كما يحمل سمات الهندسة المعمارية الإسلامية وما قبلها من طرازات.

واستغرق العمل في تشييد برج آزادي حوالي ثلاثين شهرا ليُدشن في خريف عام 1971.

واستعارت طهران أسطوانة قورش، التي يعتبرها مؤرخون أقدم وثيقة لحقوق الإنسان في التاريخ، من المتحف البريطاني لتُعرض في متحف برج آزادي بمناسبة افتتاحه.

وافتتح البرج بالفعل في 14 يناير

"رمز لإيران"

إبان الثورة الإيرانية في عام 1979، كانت ساحة برج آزادي ملتقى تتجمع فيه حشود المحتجين، ولا زالت تلك الساحة مركزا لتجمعات عامة كثيرة حتى الآن.

وكانت ساحة آزادي مسرحا للمظاهرات الحاشدة التي أعقبت الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها في 2009، إذ اجتمع مئات الآلاف من المتظاهرين بساحة البرج مطالبين بإعادة فرز أصواتهم.

يقول المهندس أمانات إن تلك المظاهرات كانت أحد أهم الأحداث التي شهدها البرج، والتي "لا يمكن نسيانها".

وبالنسبة لكثير من الإيرانيين في الخارج، أظهر التحول المفاجئ للأحداث الوجه الآخر للأمة.

أما بالنسبة لأمانات، فكانت المشاهد مؤثرة وشخصية، إذ يصف المبنى بأنه "مثل الأب الذي احتضن أطفاله، فكان يحتضن الناس الواقفين أمامه".

ويرى أمانات أن البرج يتمتع بجاذبية تاريخية تكمن في ظهوره "كرمز لإيران"، وأيقونة جميلة تجسد المكونات الإيرانية والإسلامية للعاصمة.

وغادر كثير من الإيرانيين البلد أثناء الثورة أو بعدها. ومنهم من هرب ومنهم من تركها باختياره لأسباب متعددة منها ما هو شخصي وسياسي وديني أو بسبب الصلات مع النظام القديم.

وكان من بين المغادرين لإيران حسين أمانات، الذي ترك البلد قبل الثورة ولم يرجع حتى الآن.

ورغم الأضرار التي لحقت بالبرج على مدار عقود، يقول أمانات إنه لم يتلق أي طلب للمساعدة أو القيام بدور، ولو استشاري، لترميم النصب.

ويقيم أمانات في فانكوفر في كندا، حيث أسس شركة هندسية ناجحة وصمم عددا من المباني المميزة في جميع أنحاء العالم.

وكونه ينتمي إلى الطائفة البهائية، التي تمثل أقلية دينية في إيران، صمم أمانات المركز البهائي العالمي في حيفا في إسرائيل.

ومنذ قيام الثورة الإيرانية في عام 1979، حُرم البهائيون من الكثير من حقوقهم المدنية في إيران، وسُجن منهم المئات وأُعدم العشرات بسبب عقيدتهم.

ويرغب الكثير من الإيرانين المقيمين بالغرب، ومنهم بهائيون، في العودة إلى وطنهم، إلا أنهم يخشون الإقدام على ذلك التحرك.

يقول أمانات "اشتاق لبلدي إيران كثيرا، لكني لا أشعر بالرغبة في الذهاب إلى هناك في الوقت الراهن".

ويعتبر أمانات إيران بلدا "فريدا"، ويندم على أنه لم يرها منذ زمن طويل وقت أن كان في العقد الثالث من عمره.

لكنه أكد أنه يجد عزاءه في سجل يحتفظ فيه برسومات مباني إيرانية تاريخية وأماكن زارها في طفولته.

يقول أمانات "إنني فقط أحلم بذلك، وأسافر (إلى هناك) في خيالي كثيرا".

 

 

 

المصدر: بي بي سي 

الفيديو

تابعونا على الفيس