صدرت جامعة شنقيط العصرية كتابا جديدا تحت عنوان "إسهام العلماء الشناقطة في حركة النهضة الأدبية في المشرق والمغرب، ملتقى القرنين الهجريين 13و14"، خاصا بأبحاث الندوة الدولية المنظمة مؤخرا بمباني الجامعة في انواكشوط بمناسبة ذكرى مرور مائة سنة على وفاة أحمد بن الأمين الشنقيطي، ويقع المؤلف في 411 صفحة من الحجم المتوسط ويضم مقدمات تمهيدية أعدها الدكتور عبد الودود ولد عبد الله (ددّود) رئيس مركز البحوث والدراسات في جامعة شنقيط العصرية قدم فيها لأعمال الندوة.
الدكتور محمد المختار ولد اباه رئيس الجامعة ورئيس جمعية شنقيط للثقافة والتنمية قال إن هذه الندوة تأتي لاستذكار أدوار نخبة أعلام العلماء الشناقطة الذين رفعوا راية مجد البلاد خارج إقليمهم، بما قاموا به من أعمال جليلة في خدمة لسان العرب ولغة القرآن الكريم.
ويحتوي الكتاب أيضا على مقالات ومداخلات علمية رصينة قدمها أكاديميون ومؤرخون وباحثون ينتمون لمختلف المؤسسات الجامعية ومعاهد البحث في الوطن وخارجه، كانت كلها وقفة استذكار لجيل من العلماء الشناقطة الذين رسموا ملامح الهوية الثقافية الموريتانية، و أسهموا في مجهود النهضة العربية في المشرق والمغرب إسهاما مشهودا.
يذكر أن هذه الندوة تم تنظيمها بمبادرة من جامعة شنقيط العصرية ومؤسسة بلاد شنقيط للثقافة والتنمية، وتم نشر أعمالها بدعم من وزارة الثقافة في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، ومؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري بالكويت.
ومن بين المواضيع التي تناولتها البحوث المنشورة في هذا المؤلف ظاهرة الهجرة العلمية الشنقيطية إلى المشرق العربي وإسهاماتها الثقافية من خلال تسليط الضوء على أبرز رموزها، ثم تناول هؤلاء الرموز من زوايا مختلفة لإبراز العوامل التي ساهمت في شحذ ملكاتهم العلمية وقدراتهم التحليلية والتركيبية والنقدية، واهتمامهم باللغة العربية التي كانوا يعتبرونها بابا للعلوم الشرعية، ويبدو انها كانت في تلك الحقبة (ملتقى القرنين) هي الباب الذي دخل منه الشناقطة أفواجا للمشرق العربي فعرّفوا بالثقافة الشنقيطية وتركوا بصماتهم هناك.
ونظرا إلى أن إضافة ابن الأمين المتمثلة في كتاب الوسيط في تراجم أدباء شنقيط كانت كبيرة لسفر النهضة فقد كان من الواجب في هذه المناسبة أن ينكب ذوو الشأن على تدارس الوسيط الذي من الوفاء له - بصفته مرجعا كبيرا ومهما - أن تصحح أخطاؤه وتكمّل شذراته.
وقد بدأ رئيس الجامعة الدكتور محمد المختار ولد اباه هذا المسعى بتأليف الشعر والشعراء قبل أربعة عقود إكمالا لما فات ابن الأمين في مجهوده التدويني، كما أصدر قبل أسبوعين تكملة وصلة للشعر والشعراء في مؤلف جديد حمل عنوان :نماذج من فنون الشعر الشنقيطي القديم.
وقد تركزت هذه الأعمال المنشورة حول أعلام النهضة الأدبية واللغوية في القرنين الهجريين 13و14، كما تم الاقتصار من هؤلاء الأعلام على أربعة هم :محمد محمود بن التلاميد، ومحمد الأمين بن فال الخير الشنقيطي، ومحمد الاغظف بن أحمد مولود الوسري الجكني، فضلا عن أحمد بن الأمين، كما قدمت هذه الندوة إجابات كثيرة على أسئلة كانت عالقة، وأتاحت التعرف على الظروف التي مكنت هؤلاء الأعلام من الإسهام الفاعل في حياة عصرهم العقلية.
وقد خرجب الندوة بتوصيات هامة، منها :دعوة الدولة لإنشاء مجمع علميّ ينسق الجهود العلمية في هذا الصدد، ويقوم بنشرها، ويتابع عملية إحياء التراث وصيانة مستقبل الثقافة الموريتانية. ومواكبة لهذه الندوة تعتزم جامعة شنقيط العصرية العمل على تحقيق وطباعة مؤلف- على الأقل- لكل علم من هؤلاء الأربعة الذين تم تناول جهودهم في النهضة الأدبية ضمن أعمال الندوة، وقد تم تحديد الكتب التي ستنشر وبدأ العمل في تحقيقها، وذلك من أجل التعريف بأعمالهم والكشف عن قدراتهم العلمية في حُلل جديدة تصحح الأخطاء والأغلاط، وتكشف الغوامض.