كما شكر كثير من الرأسماليين الانتقادات التي وجهها كارل ماركس للنظام الرأسمالي و دفعت بالقائمين عليه إلى إدخال إصلاحات على النظام حافظت علية حتى اليوم و جعلته اقوي بكثير , فانه من الضروري أن تشكر مارين لوبان زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف داعش مطولا.
ففي حقيقة الأمر من انتخب في الانتخابات المناطقية الفرنسية هذه المرة هو ثنائي الخوف و داعش الذين باتا يسكنان الناخب الفرنسي , الذي يرى في الخطاب المتطرف أداة لمواجهة ما يسمى (أسلمة فرنسا) وما تنتجه حسب تصورهم من اتجاه إلى التطرف الإرهابي , هذا التفكير أو التوجه جعل حزب لوبان يحقق نتائج لم تكن تحلم بها زعيمة اليمين المتطرف , مقابل تراجع واضح لليسار .
و ان من المؤكد أن الفرنسيين لا يريدون رؤية مارين لوبان أو أي من أعضاء حزبها في الإليزيه , و مع ذالك فان الإدارات المناطقية ذهبت لليمين و اليمين المتطرف , في ردة فعل واضحة على هجوم تفجيرات باريس و تدفق المهاجرين وما يسببه من خوف في أوساط المجتمع الأوروبي بشكل عام .
إلا انه علينا الوقوف عند عدة نقاط في هذا التوجه الأوروبي الواضح نحو اليمين المتطرف و هو أن اغلب من وصفوا بالإرهابيين أو المنتمين للجماعات الإسلامية التي توصف بالمتطرفة هم أوروبيون اعتنقوا الإسلام أو هم أبناء المهاجرين , وهو ما يعني بالضرورة فشل كبير في الإستراتيجية الفرنسية والأوروبية في دمج هؤلاء المواطنين في مجتمعاتهم , و جعلهم في نسيج المواطنين و ليس سكان الضواحي المعزولين تماما مما دفعهم إلى خلق مجتمع موازي للمجمع الفرنسي بأسلوبه الخاص و لغته الخاصة و بالتالي نمط ثقافي مضاد للنمط الفرنسي الذي بات يوصف بالأخر في أوساط هؤلاء .
فوز اليمين المتطرف لا يعني أبدا دخوله كمنافس حقيق على منصب الرئاسة في فرنسا بعد ما يقارب العام و إنما هو ردة فعل طبيعية ناتجة عن مستوى معين من الخوف بسبب عيش العالم حمى داعش و ما ينتج عنها , و حتى وصول لوبان نفسها إلى الاليزيه سيفرض عليها التخلي عن يمينها المتطرف نظرا لإكراهات أخرجت رئيس من اليمين قبل سنوات قليلة فكيف إذا كان المتطرفون هذه المرة يسعون لفرض توجههم المعادي لكل ما هو آخر, ثم إن موضة اليمين المتطرف في أوروبا أثبتت فشلها في كل المرات حيث أن المجتمعات الغربية تعيش مستوى من الفردية لن يكون مناسبا لميزان يميني همه النبش في الماضي أكثر من السير إلى الأمام .
اليمين المتطرف ربح حقيقة هذه المعركة في اكبر معقل العلمانية و هو ما يدل على انه مجرد سحابة صيف صنعتها عوامل معروفة ستختفي بتراجع مؤشرات تلك العوامل .
و بات من الوارد الآن الحديث عن الحرب المستعرة في الشرق الأوسط ضد التطرف الإسلامي متى ستنتهي مع دخول بريطانيا وألمانيا على الخط مع روسيا وفرنسا و أمريكا ؟ حتى لا تتكرس أكثر معالم حرب التطرف الجديد القديم "اليمين المسيحي" هذه المرة من قلب حماة التنوع على حد وصفهم لأنفسهم "اوروبا"