هن زينة البيوت و عمائم الرجال و هن نصف الدنيا و أمهات النصف الآخر هن الأمن والحنان و الجنان عند أقدامهن و هن... و هن.. وكفاهن ففخرا أن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمك ثم أمك ثم أمك ...الخ الحديث ,
و مع كل ذلك الحياة لم تعطي لهن فرصة حقيقية في مختلف المجتمعات فمن غرب اقتصرت نظرته للمرأة على أنها تجارة وسلعة ووجه لتسويق إعلانات الشكلا و الشامبو و آخر الموضات إلى شرق تولد فيه المرأة و الخطيئة توأمان حسب نظرة مجتمع لا يرحم ولا يفسح المجال للمرأة لتكون إنسان .
موريتانيا ليست بدعا و لا استثناءا من نزع البركة هذا عن المرأة فبالرغم من المكانة التي تحظى بها في مختلف الشرائح و الطبقات الاجتماعية الزنجية منها و البيظانية (العربية والبربرية) , فان مكانة المرأة في الحياة داخل المجال المعروف اليوم بموريتانيا كانت دائما تتميز بالدونية و اللامشاركة .
لم تكن المرأة يوما إلا زينة في بيت الرجل وليس بيتها و حتى تناقلت العديد من الآثار في التراث الموريتاني (عدم السماح للمرأة برد السلام داخل المنزل إذا كان الرجل غائبا " فتصوروا كم حييت بتحية ولم ترد") .
ولكن تراتبية بركة النساء في المجتمع الموريتاني تميزت بنوع من التمييز من شريحة إلى أخرى ومن مجموعة إلى مجموعة.
فالمرأة الزنجية مثلا كانت ومازالت الأنشط في المنزل والأقل مكانة تقوم بكل الأدوار ولا دور لها في القرارات داخل الأسرة بل يعقد مجلس شورى الأسرة على الرجال مع أن المرأة هي من (تحلب و تطبخ وتزرع ... )الخ من أنشطة الحياة اليومية . و في الحضر اليوم لم يتغير أي شيء نساء يغسلن الثياب و يحفظ العاصمة شبرا شبرا لامتهانهن غسيل الثياب و (تزيين الرأس "ألي") و مع كل ذلك لا بركة لهن يسلمن دخلهن المالي إلى الرجل و إن كان الطقس في المجتمع الزنجي يقتضي أن يتسلم كبير العائلة كل مدخولات الأسرة فهذا لا يعني أن المرأة غير محرومة من إنتاج هي اكبر فاعل فيه .
امرأة أخرى هي الأقل بركة بعد الزنجية المرأة "لمعلمة" بالغم من نشاطها من الصباح إلى آخر الليل حسب ظروف العمل و اتجاهها إلى النشاط مبكرا في العمر فالرجل داخل شريحة لمعلمين اقل سيطرة من الرجل الزنجي إلا أن ذلك لا ينعكس على مكانه كفاعل في قرارات العائلة حيث على الجميع الامتثال ... فالمرأة لمعلمة تشرف على إدارة المنزل كسابقتها إلا أن ما يميزها أنها أكثر إنتاجية و نشاط حتى من غيرها لامتهانها أكثر من مهنة حرفية (الحناء- التطريز –التزيين في الأعراس – القيام بنصف عمل الرجل تقريبا في المجال الحرفي من دباغة وغيرها ...) و لم يشفع لها هذا الجهد في اعتراف ولو صغير بهذه البركة داخل منزل فلان الرجل و الأمر هنا يتعدى العصمة كمفهوم فقهي إلى نظام اجتماعي محكم لا يقبل أي بركة للنساء مهما كان جهدهن.
في الصف الثالث تنزل المرأة الحرطانية و البيظانية فنظرا للتداخل الاجتماعي الذي يصل حد التجانس تكاد نسب البركة تكون متساوية بين هاتين و إن تقدمت المرأة البيظانية لقلة جهدها داخل المنزل و إن اطلعت بدور لا تمارسه أي من النساء الأخريات وهو دور الإدارة الكاملة للمنزل من الإشراف على (أمور الأقارب و الأصهار من عطايا و مخصصات..) و تتحمل الفضيحة بشكل مباشر إذا قصرت فإنها في مواقف أخرى كثيرا مات تدفع إلى ظل الرجل و سنقتصر على القول الدارج في غالب الأسر الحسانية "إذا أخطا الأبناء أبناء المرأة وان أجادوا و أبدعوا أبناء الرجل ), و لا تتميز ادوار المرأة في شريحة لحراطين عن هذه و إن كانت أنشطة أخرى تمارس في هذه الشريحة تجد المرأة نفسها صاحبة الدور الفاعل فيها . ممارسة الزراعة ...الخ.
بالمحصلة امرأة مهما كان لونها و شريحتها ما يميزها أنها امرأة بلا بركة و بالرغم من ثقل الدور الملقى على عاتقها و المكانة التي يتصور المجتمع انه يضع فيها المرأة فهي لم تصل بعد حد ما دعى إليه الدين الإسلامي بل و تجسد في شخص أمنا عائشة رضي الله عنها التي اخذ عنها نصف الدين .
و ما تزال المرأة الموريتانية بالرغم من تقلدتها مناصب سامية في الدولة باحثة عن حاجة أسمى من التعيين و المشاركة وهو "البركة" و جعل عملها عملا يقدر فعلا سواء داخل البيت أو خارجه و تطبق في الجملة العامية "ألا نزل فيه البركة أو شوف قيمتها " سواء على التنمية أو على المجتمع .