في أعقاب الهجمات التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس، قال نحو 24 حاكما لولايات أمريكية إنهم يريدون منع استضافة اللاجئين السوريين في ولاياتهم. فما هي عمليات الفحص التي يواجهها اللاجئون السوريون قبل دخولهم الولايات المتحدة؟
بعد انتقادات حادة للولايات المتحدة وأنها لم تقم بدورها في المساعدة في أزمة المهاجرين التي ضربت أوروبا، أعلنت إدارة أوباما في سبتمبر أنها ترغب في إعادة توطين نحو 10 آلاف سوري في الولايات المتحدة بحلول سبتمبر المقبل.
وقوبل القرار ببعض المخاوف من احتمال أن يستغل المتشددون برنامج اللاجئين في إيجاد طريقة للدخول إلى الولايات المتحدة وتنفيذ هجمات.
وبعد هجمات باريس التي أودت بحياة 129 شخصا وأنباء عن احتمال دخول أحد المهاجمين إلى أوروبا بصفة لاجئ، تصاعدت وتيرة هذه المخاوف وانتشرت إلى مقار الحكام في شتى أرجاء البلاد فضلا عن دهاليز الكونغرس الأمريكي.
ودعا بول ريان، رئيس مجلس النواب الأمريكي المنتخب حديثا، إلى "وقف" برنامج اللاجئين الأمريكي. وكتب في تغريدة على حسابه الشخصي "أمتنا كانت دوما مكان يرحب بالآخرين، لكننا لا نستطيع أن نجعل الإرهابيين يستفيدون من تعاطفنا".
ويمر اللاجئ بإجراءات طويلة وقاسية من أجل منحه اللجوء في الولايات المتحدة وتتدخل في تلك العملية بعض الوكالات الفيدرالية.
ومقارنة بأوروبا، حيث تؤخذ البصمات وتسجل معلومات بسيطة مما يجعل إمكانية إعادة توطين المهاجرين ليست بصعبة، فإن الإجراءات الأمريكية تبدو مختلفة تماما وأكثر صرامة.
إنه طريق طويل أمام اللاجئ السوري القادم إلى الولايات المتحدة، فمن أين يبدأ؟
الخطوة 1 : مغادرة المنزل والوصول إلى مخيم تابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
ظرا للأحداث التي تمر بها المدن والبلدات والقرى، نزح الملايين من السوريين داخليا وخارجيا.
لكن من أجل أن تصبح مؤهلا لإعادة التوطين الدائم في بلد آخر، يجب على الأشخاص مغادرة سوريا والعثور على مخيم تديره المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بلد مجاور.
والكثير من هذه المخيمات تتيح ظروف المعيشة الأساسية فقط.
وفي حال وصولهم إلى المخيم، يسجل النازح بياناته كلاجئ ويتاح له خيار تقديم طلب لجوء خارجي.
ولا توجد خطوات ضامنة حتى هذه اللحظة، فليس كل لاجئ تحيله المفوضية السامية للخطوة التي يمكنه فيها طلب اللجوء.
ويسمح للاجئين بإعلان الدولة التي يرغبون في اللجوء إليها، لكن القرار يعود في النهاية لتقدير المفوضية السامية.
خطوة 2 : تحديد المفوضية السامية اللاجئين لإعادة التوطين
وقال مسؤول إداري بارز إن المفوضية السامية تحدد اللاجئين الذي يستحقون إعادة توطينهم.
وتوصي المفوضية السامية بلاجئين معينين من أجل الاستفادة ببرنامج الولايات المتحدة .
وتتسلم وزارة الخارجية الأمريكية طلب الإحالة من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، وتقرر وزارة الأمن الداخلي أي الطلبات التي يوافق عليها.
وثمة مؤشرات معينة تحدد احتمال اختيار لاجئ للاستفادة ببرنامج الولايات المتحدة، من بين هذه المؤشرات إذا كان لدى الشخص قريب في الولايات المتحدة أو إذا كان سيحظى بترحيب من جالية معينة على الأرجح.
وقال أحد المسؤولين البارزين في إدارة أوباما : "بالنسبة للسوريين، استفدنا من خبرة سنوات في فحص طلبات اللجوء العراقية. وعمليات الفحص قوية منذ الإجراءات العراقية واسعة النطاق في 2007".
الخطوة الثالثة: بدء عملية تدقيق مع الولايات المتحدة
وقال مسؤول بارز بالإدارة الأمريكية إنه إذا تم تبرئة ساحة اللاجئ لكي تنظر الولايات المتحدة في السماح له بالدخول لأراضيها فإن عملية الموافقة تستغرق وقتا طويلا يتراوح بين 18 و24 شهرا.
وقال مسؤول لصحفيين في مؤتمر صحفي عبر الهاتف: "يقبل اللاجئون بنسبة تصل إلى 50 في المئة بعد التعرض لأكثر عمليات التدقيق صرامة مقارنة بأي مسافر إلى الولايات المتحدة".
ينطوي ذلك على مقابلات شخصية مكثفة حول تجارب اللاجئين مع الصراع، فضلا عن جمع كل المعلومات البيومترية والبيوغرافية التي يتم فحصها بالتعاون مع وزارة الخارجية، ووزارة الأمن الداخلي، وفي بعض الحالات، وزارة الدفاع.
الخطوة الرابعة: إعادة التوطين
أحيل عشرة آلاف شخص لإعادة توطينهم في الولايات المتحدة، لكن واشنطن لم تنته من النظر في طلباتهم حتى الآن.
وبعد فترة تتراوح بين 18 و24 شهرا، قد يتم إرسال اللاجئين إلى مجتمعهم الجديد.
تحدثت بي بي سي مع أحد الشباب الذين أعيد توطينهم مع عائلته خارج لويفيل بولاية كنتاكي في سبتمبر.
وساعدت منظمة كنسية محلية تمولها الحكومة الأمريكية هذا الشاب في الحصول على وظيفة في مصنع للسيارات. ويريد هذا الشاب الالتحاق بالجامعة في الولايات المتحدة في يوم من الأيام.
وعلى غرار المنظمة التي ساعدت هذا الرجل، توجد تسع منظمات تعمل مع الحكومة الفيدرالية لتوطين اللاجئين في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
المصدر: bbc ar