لا يريد الرجل الموريتاني أن يتخلّص من عُقده تجاه المرأة أو يتجاوز التراث الشرقي السلبي في علاقة الرجل بالمرأة ..!
يصرّ الموريتاني أن يظل مُخلصا لذكورته الشرقية، معقّدا تجاه المرأة الناجحة، وفيّا للتسلط والاستبداد وعقلية الحريم..!
أي نجاح للمرأة الموريتانية يواجهه الرجل بمنطق بليد وقدرة نقدية عجيبة، تستبطن عُقدا ثقافية واجتماعية وتفتقد لأبسط المقومات الموضوعية للنقد ..!
مؤخرا تحوّلت مديرة التلفزة لنموذج صارخ لتلك الحرب الذكورية من خلال التخصص في نقدها المستمر من طرف الرجل في البلد..
بعضهم خصّص موقعا صحفيا جديدا، كل مادته نقد المديرة والبحث خلف تسييرها بصفة لا تفيد بقدر ما تعبّر عن الحساسية تجاه أدائها ..!
وبعضهم ركزّ نشاطه ليصبح صحفيا متخصصا في مديرة التلفزة الوطنية وحوّل صفحته لمنبر خاص يوجّهه للمديرة وللقطاع الذي تسيّر ..
لا مشكلة لديّ مع النقد ولا أقول بأن يصبح “النوع” منجاة من النقد ومن بسط التجاوزات ومن العقاب عليها..لكن يعرف الجميع وأولهم الصحافة أن التلفزة تعاقب عليها عشرات المدراء، ومعظمهم ليس نظيفا مائة بالمائة ..!
يعرف الجميع أن ميزانية التلفزة التسييرية لم يسبق لها أن غطت النفقات دون الحاجة لديون، قبل المديرة والتي أعادت عشرات الملايين من الميزانية ..!
يعرف الجميع أن المديرة اكتتبت أكفاء بمسابقة أشرفت عليها نقابة الصحافة وزكّاها الجميع وأشاد بها..
الجميع يعرف أنها قدّمت قانونا تنظيميا يحدد الشّهادة كمعيار للترقي وأنها حسّنت من دور التلفزة وأدائها وأنها كرّمت متقاعديها وراحليها من المؤسسين ..
لست هنا في صدد ذكر مزايا المديرة لكن أحب أن أسأل من يحترم نفسه من الصحافة: لماذا الآن فقط اكتشفوا التلفزة واكتشفوا فسادها؟؟!
لماذا لم ينتقدوها طوال عمرها الممتد من يوم منحها من العراق..؟!
لماذا لم ينتبهوا لسوء التسيير ولرداءة المكاتب ولقبح الإستديوهات، ولتواضع البث وللمشاكل الفنية وسوء ظروف الطاقم العامل ..؟!
لماذا الآن فقط استيقظت حاسة النقد عندهم حتى أصبحت تكتشف الذبّاب وتتحسّس منه. .؟!!
كنت أتمنى أن يقدّم أحد هؤلاء مقالا واحدا أو تدوينة واحدة ضد التفلزة أيام “الرجال” الذين أكلوا التلفزة وأكلوا مساحتها من البث على جميع أقمار الدنيا ..!
لا توجد سابق معرفة بيني وبين المديرة خيرة ولا تربطني بها سابق علاقة شخصية ولا قرابة .. لكن توجد علاقة بيني وبين مؤسسة أعرفها جيّدا واشتغلت بها، وأعرف أن ظروفها تحسّنت عشرات الأضعاف وطاقمها تحسّن وتحسّنت ظروفه ..
أعرف أن عشرات الخطوات الجادّة تقدّمت بها السيدة المديرة وأنها شكّلت نموذجا معبرا عن قدرة المرأة ..وعن إمكانية نجاحها وتفوّقها حين تُسند إليها المسؤولية ..
وفي ذات الوقت قدّمت أيضا نموذجا على قدرة “ذكورينا” على النقد الجاهز وإعلان الحرب بمنطق التسلّط الشرقي وثقافة نساء الحريم..!!