انتقد رئيس الوزراء السابق، يحي ولد أحمد الوقف، القيادي البارز في منتدى المعارضة الموريتانية، تعامل صندوق النقد الدولي مع الحكومة الموريتانية، معربا عن أمله «في أن يمكن القانون الدولي موريتانيا من الحصول عل تعويضات من صندوق النقد لتآمره مع الحكومات المتعاقبة». وقال ولد الوقف، الذي قاد العمل الحكومي خلال مرحلة ما بعد انتخابات 2007 المجمع على سلامتها، إنه يعتقد أن صندوق النقد الدولي «يتحمل جانبا من المسؤولية في الوضع الاقتصادي الذي تعيشه موريتاينا حاليا، وذلك لأنه وقع مع الحكومة اتفاقية تسهيل موسعة للقروض تغطي الفترة من 2010 حتى 2013 وتمكن هذه الاتفاقية الصندوق من مراقبة السياسات الاقتصادية والمالية المتبعة. لكن بدلا من أن ينصح الحكومة بانتهاج سياسات اقتصادية صحيحة اقتصر دوره على امتداح سياساتها الاقتصادية في مؤتمرات صحافية مشتركة متتالية مع وزراء الحكومة بدون وجود أي خلاف بين ما تقوله الحكومة وما يعتقده الصندوق». وأضاف في مقابلة له أمس مع أسبوعية «بلادي» الموريتانية المستقلة الصادرة بالفرنسية: «الكل يعلم، وبخاصة صندوق النقد الدولي، أن أسعار الحديد يمكن أن تنخفض في أي وقت وأن القطاع المعدني يمثل 75 ٪ من صادرات البلد و30 ٪ من عائدات ميزانية الدولة». وانتقد ولد الوقف السياسات الاقتصادية لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، مؤكدا «أن ما تدعي حكومة الرئيس ولد عبد العزيز أنه إنجازات كبرى في المجال الاقتصادي لا يعدو كونه مرحلة «بحبوحة» مرت بها موريتانيا ناجمة عن ارتفاع أسعار الصادرات الموريتانية في الأسواق الدولية. والدليل على ذلك أن كل شيء انهار الآن بعد انخفاض أسعار الحديد والذهب». وقال إن اسعار المعادن «تحددها الأسواق الدولية. وخلال الفترة ما بين عامي 2008 و2013 بلغ سعر الحديد ثلاثة أضعاف أسعار قبل ذلك وتضاعفت عائدات تصدير القطاع المنجمي مرتين خلال الفترة نفسها إذ بلغت 3 مليارات دولار عام 2013 مقابل 1.5 مليار دولار عام 2008». وأوضح القيادي المعارض أن العائدات المالية والاستثمارات العمومية «تضاعفت هي أيضا إذ ارتفعت الاستثمارات العمومية من 50 مليار أوقية موريتانية (1 دولار= 330 أوقية) عام 2008 إلى 110 مليار أوقية عام 2013، بينما ارتفعت العائدات المالية من 200 مليار أوقية إلى 400 مليار أوقية». وتحدث ولد الوقف عن الاستثمارات الأجنبية فأكد أنها «ارتفعت هي ايضا خلال الفترة نفسها من 81 مليار أوقية عام 2008 إلى 338 مليار أوقية عام 2013، وليس للحكومة الموريتانية أي دور في هذا. فدورها مقتصر على التسيير الصحيح لهذه الأموال التي تدفقت على موريتانيا وهو ما لم يحدث مع الأسف»، حسب تعبير رئيس الوزراء السابق. وفي الرد على سؤال يتعلق بالسياسات التي كان على الحكومة الموريتانية القيام بها خلال مرحلة البحبوحة، قال يحي لد احمد الوقف «إنه كان على الحكومة أن تضع وتنفذ سياسات لزيادة إنتاج القطاع المعدني اعتمادا على ما أتاحته مرحلة البحبوحة من أموال. كما كان على الحكومة أن تنفذ سياسة تضمن الاستفادة القصوى من هذه الموارد لتحقيق أكبر زيادة في النمو الاقتصادي بما يحقق انخفاضا في معدلات البطالة ويحد من تفشي الفقر داخل البلد». وردا على ما أعلنته الحكومة الموريتانية في وقت سابق بخصوص تجاوز معدل النمو الاقتصادي لـ7 ٪ وانخفاض معدل البطالة من 30 إلى 10 ٪ وانخفاض معدل الفقر بـ11 نقطة بين عامي 2008 و2013، قال الوزير الأول الأسبق «إن الفرص المالية والاستثمارية الكبرى التي أتيحت للحكومة الموريتانية خلال الفترة السابقة، فرص استثنائية وكان اللازم أن تنتج عنها فرص استثنائية أيضا. لكن الأرقام تشير لعكس ذلك. فمعدل النمو لم يتجاوز ما بين 2009 و2014 حدود 4.7 ٪، بينما بلغ هذا المعدل نفسه خلال الفترة من 2002 إلى 2007 وبوسائل أقل بكثير 4.2 ٪». وقال: «مما يؤسف له أن مديونية موريتانيا تضاعفت خلال هذه الفترة الخاصة إذ ارتفعت الديون من 2.6 مليار دولار عام 2008 إلى حدود 4 مليارات دولار عام 2014. وقد أكد تقرير للبنك المركزي الموريتاني أن الديون بلغت عام 2014 عتبة 3.4 مليار دولار بينما أكدت مصادر أخرى أنها بلغت أربعة مليارات». وانتقد ولد الوقف الأداء الحكومي في جذب الاستثمارات فأوضح «أن موريتانيا مصنفة في درجات سفلى ضمن المؤشرات الخاصة بتطوير القطاع الخاص وقطاع الاستثمار، وهو ما تؤكده مغادرة شركات كبرى لموريتايا بينها «تلوي ويل» و«اكستراتا جلنكور»، كما تؤكده مغادرة المستثمرين الصينيين لمشروعي «تازاديت» و»بوفال». فلو أن هذه الشركات بدأت أشغالها كما كان مقررا عام 2013 لكان الإنتاج المعدني قد تضاعف ثلاث مرات عما هو عليه الآن». وتحدث الوزير الأول عن الشائعات الرائجة حول خفض قيمة الموريتانية باقتراح من صندوق النقد الدولي، «فقال إن الاقتصاد الموريتاني يمر بظروف صعبة ولا بد من إيجاد حلول». وقال «إن من يراجع تقرير البنك المركزي الموريتاني عن الحالة الاقتصادية لعام 2014 سيلاحظ حجم المشاكل الكبيرة التي يواجهه الاقتصاد الموريتاني: فعجز المبادلات الجارية وصل إلى 29 ٪ من الناتج المحلي الخام والمديونية زادت بـ54 ٪، بينما بلغ عجز الموازنة 55 مليار أوقية أي نسبة 3.7 ٪ من الناتج الداخلي الخام. وبلغ عجز الموارد بالمقارنة بين الناتج الداخلي والطلب الداخلي والطلب الخارجي 403 مليار أوقية أي نسبة 26 ٪ من الناتج الداخلي الخام». «كل هذه المعطيات والأرقام الرسمية»، يضيف الوزير الأول الأسبق، تؤكد أن سنة 2015 سنة صعبة بالنسة لاقتصاد موريتانيا مقارنة مع سنة 2014 وذلك بسبب تضافر عوامل انخفاض سعر الحديد واختلال التوازنات، وهذا ما يتطلب سياسات سريعة ومتقنة