هل ستندلع الحرب بين إسرائيل وتركيا؟ كمال أوزتورك

خميس, 12/25/2025 - 15:13

في الوقت الذي يشتد فيه التوتر بين إسرائيل وتركيا، شهدت المنطقة تطورًا لافتًا تمثّل في زيارة غير مسبوقة لثلاثة من كبار المسؤولين الأتراك إلى دمشق، في خطوة عكست تحوّلًا مهمًا في موازين المشهد الإقليمي.
فقد زار العاصمة السورية كل من وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، في زيارة حملت رسائل سياسية وأمنية واضحة، خصوصًا أنها جاءت قبل أقل من عشرة أيام من انتهاء المهلة الممنوحة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) لتنفيذ اتفاق 10 مارس.
وقال فيدان صراحة إن السبب الرئيسي لتعثر تنفيذ الاتفاق يعود إلى تنسيق "قسد" مع إسرائيل، مضيفًا أن هذا التنسيق يشكّل عائقًا كبيرًا أمام التفاهمات الجارية مع دمشق، ومؤكدًا أن استقرار سوريا يعني بالضرورة استقرار تركيا.
تحرك إسرائيلي مضاد
لم تمضِ ساعات على عودة الوفد التركي حتى أعلنت إسرائيل تحركًا معاكسًا، عبر استقبال رئيس وزراء اليونان ورئيس قبرص اليونانية في تل أبيب، في لقاء حمل رسائل سياسية واضحة إلى أنقرة.
وظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي مشترك معلنًا:
"أقول لمن يعتقدون أنهم قادرون على إعادة بناء إمبراطوريتهم على حسابنا: هذا لن يحدث أبدًا."
هذا الخطاب لم يكن موجّهًا لتركيا فقط، بل استحضر مخاوف تاريخية غذّتها أطراف إقليمية وغربية حول ما يُسمى بـ"العثمانية الجديدة"، في محاولة لعزل أنقرة إقليميًا وتقديمها كتهديد استراتيجي.
تحالفات جديدة في شرق المتوسط
لم يعد التعاون بين إسرائيل واليونان وقبرص مجرد تنسيق سياسي، بل تطور إلى شراكة أمنية تهدف إلى الحد من النفوذ التركي في شرق المتوسط. وتشمل هذه الشراكة السماح لإسرائيل بتوسيع حضورها العسكري قرب السواحل التركية، في خطوة تعتبرها أنقرة تجاوزًا خطيرًا.
في المقابل، تعمل إسرائيل على بناء شبكة تحالفات أوسع، تشمل الهند وبعض الدول العربية، إلى جانب تفعيل لوبياتها في الولايات المتحدة لعرقلة المشاريع الدفاعية التركية، وعلى رأسها برنامج مقاتلات F-35.
سوريا.. ساحة الصراع الأخطر
تتحول سوريا تدريجيًا إلى ساحة المواجهة الأساسية بين الطرفين. فبينما تسعى تركيا إلى الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ومنع قيام كيان مسلح معادٍ على حدودها، تدعم إسرائيل سيناريو التقسيم عبر دعم مجموعات محلية وإجراء ضربات عسكرية مباشرة.
وقد وصلت الرسائل الإسرائيلية إلى مستوى استهداف مناطق قريبة من مقر إقامة الرئيس السوري، في رسالة مفادها أن رفض السياسات الإسرائيلية ستكون له كلفة.
في المقابل، تعمل أنقرة على تطويق "قسد" سياسيًا وعسكريًا، معتمدة على تفكيك تحالفاتها الداخلية، خصوصًا مع العشائر العربية التي تشكل الغالبية داخل صفوفها.
هل تقترب المواجهة العسكرية؟
ترى تركيا أن "قسد" باتت محاصَرة سياسيًا وعسكريًا، وأن خيار العمل العسكري يبقى مطروحًا لكنه ليس الخيار الأول. وتشير التقديرات التركية إلى أن القوة الفعلية لـ"قسد" أقل بكثير مما يُعلن، وأن جزءًا كبيرًا من عناصرها غير مستعد لخوض مواجهة مفتوحة.
في المقابل، تراهن "قسد" على الدعم الإسرائيلي، وهو ما يرفع من مستوى التوتر الإقليمي، خاصة مع تزايد القناعة داخل إسرائيل بأن تركيا أصبحت الخصم الأول في المنطقة.
هل تندلع حرب بين تركيا وإسرائيل؟
حتى الآن، لم تُدرج تركيا إسرائيل رسميًا ضمن قائمة التهديدات، لكن الخطاب السياسي والأمني يشير إلى تحول تدريجي في هذا الاتجاه. فالتصريحات الأخيرة لوزير الخارجية التركي ربطت بشكل مباشر بين إسرائيل وملف "قسد"، وهو تطور غير مسبوق.
ومع ذلك، فإن اندلاع حرب مباشرة بين البلدين سيحمل تداعيات إقليمية ودولية كبرى، نظرًا لعضوية تركيا في حلف الناتو، وثقلها العسكري والاقتصادي، وعلاقاتها المعقدة مع الولايات المتحدة.
لذلك، ورغم تصاعد التوتر، يبقى خيار الحرب الشاملة مستبعدًا في المدى القريب، لكنه لم يعد مستحيلًا.

تنويه:
الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

الفيديو

تابعونا على الفيس