أميركا تطوّر قنبلة جديدة خارقة للتحصينات.. لماذا الآن؟ أحمد كامل

اثنين, 12/01/2025 - 12:11

فجر 22 يونيو 2025، أطلقت القاذفات الشبحية الأميركية طراز "بي-2 سبيريت" مجموعة من القنابل الخارقة للتحصينات "جي بي يو-57" (GBU-57) على منشأة فوردو النووية الإيرانية، المحصنة بعمق داخل جبل من الحجر الكلسي، في أول استخدام لهذه القنبلة في قتال حقيقي بعد سنوات من تطويرها وتجاربها.
على الرغم من ضخامة هذه القنابل، التي يصل وزن الواحدة منها إلى نحو 13 ألف كيلوغرام، أشارت تقارير استخباراتية أميركية إلى أن التحصينات الجبلية لم تُدمر بالكامل، بل ألحقت الضربات أضراراً جسيمة أدّت إلى تأخير المشروع لعدة أشهر، خلافاً للبيانات الرسمية التي أعلنت تدمير المنشآت بالكامل.
تزامن هذا الحدث مع تداول معلومات عن برنامج "المخترق من الجيل التالي" (NGP)، سلاح جديد يُطوَّر لتعويض بعض القيود التي كشف عنها الاستخدام الأول لـ"جي بي يو-57". فقد أظهرت التقارير أن الوصول إلى قلب منشأة فوردو تطلّب ست ضربات متتابعة على نفس الإحداثيات، مما يؤكد صعوبة التعامل مع المنشآت العميقة والمرصوصة تحت الأرض.
ولادة القنابل الخارقة للتحصينات
ظهرت الحاجة لتطوير أسلحة قادرة على ضرب أهداف محصنة تحت الأرض خلال حرب الخليج عام 1991، حيث ابتكرت القوات الأميركية قنبلة "جي بي يو-28" لاختراق ملاجئ القيادة العراقية. لاحقاً، طوّر سلاح الجو الأميركي نماذج أكثر دقة مثل "جي بي يو-37"، وأدخلت القنبلة النووية "بي 61-11" للاختراق الأرضي، قبل أن يوجَّه التركيز نحو تطوير ذخائر تقليدية فائقة القوة، أبرزها "جي بي يو-57"، التي تم تطويرها بواسطة بوينغ عام 2007.
كيفية عمل القنابل الخارقة للتحصينات
تعتمد هذه القنابل على مزيج من نظام القصور الذاتي (INS) ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لضمان الوصول بدقة إلى الهدف. يصنع جسم القنبلة من فولاذ عالي الصلابة لتحمل الاصطدام بسرعات عالية، فيما يعمل صاعق ذكي على تأخير انفجار الرأس الحربي حتى يصل إلى العمق المطلوب، مما يولد موجة ضغط زلزالية قادرة على تفتيت الهياكل الخرسانية من الداخل.
تستطيع "جي بي يو-57" اختراق ما يصل إلى 18 متراً من الخرسانة المسلحة أو نحو 60 متراً من التربة المضغوطة، لكن المنشآت الأكثر عمقاً قد تصمد جزئياً، ما يستدعي استخدام عدة قنابل على نفس النقطة لتعميق الأثر الانفجاري.
القنبلة الجديدة: الجيل التالي
تسعى واشنطن لتطوير قنبلة جديدة أقل وزناً (حوالي 10 أطنان) لتكون أكثر مرونة في الحمل على الطائرات الشبحية مثل "بي-21 رايدر"، وتوسيع نطاق العمليات، وربما تزويدها بمحرك صاروخي لزيادة القدرة على الاختراق من مسافات أبعد، وتقليل تعرض الطائرات للتهديدات الجوية.
تجمع القنبلة الجديدة بين قدرة الاختراق وقوة الانفجار الداخلي والتشظية، وستخضع لاختبارات شاملة خلال 18-24 شهراً لاستهداف منشآت على عمق يصل إلى مئات الأمتار تحت الأرض، مع منظومة ملاحة قادرة على العمل في بيئات تشوش فيها إشارات GPS.
العمق كسلاح دفاعي
تطوير هذه القنبلة يعكس إدراك الولايات المتحدة أن العمق الجيولوجي بات جزءاً من معادلة القوة. فقد بنت كوريا الشمالية والصين وروسيا منشآت محصنة تحت الأرض تصل إلى مئات الأمتار، بما يجعل أي استهداف تقليدي مكلفاً وغير مضمون. ومن هنا، يصبح تطوير أسلحة اختراقية دقيقة هدفاً استراتيجياً لكسر شعور الحصانة لدى هذه الدول، رغم احتمال تصعيد سباق تحت الأرض بين القدرات الهجومية والدفاعية.
المصدر: الجزيرة + مواقع إلكترونية

الفيديو

تابعونا على الفيس