
بعد عقود طويلة من الأسر والمعاناة، تنفّس عدد من الأسرى الفلسطينيين المحكومين بالمؤبد عبق الحرية، إثر اتفاق تبادل الأسرى الذي جرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، والذي شمل مئات المعتقلين.
ومن بين هؤلاء أربعة أسرى تحوّلت حياتهم إلى رموز للصبر والمقاومة داخل الزنازين، هم: سمير أبو نعمة، ومحمود عيسى، وباهر بدر، ومحمد أبو طبيخ، الذين أُفرج عنهم بعد نقلهم إلى مصر في إطار الصفقة الأخيرة.
وجوههم تحمل ملامح التعب وذكريات الغياب الطويل، لكن أرواحهم تفيض إصرارًا ووفاءً لرفاقهم الذين ما زالوا خلف القضبان.
عميد الأسرى.. سمير أبو نعمة
اعتُقل عام 1986 وهو في السادسة والعشرين من عمره، وكان يحمل شهادة البكالوريوس في إدارة الفنادق، وينشط في صفوف حركة فتح.
اتهمه الاحتلال بالمشاركة في عملية تفجير حافلة في يافا، وحُكم عليه بالسجن المؤبد.
قضى 39 عامًا في السجن، تنقل خلالها بين عدة معتقلات، وخاض إضرابات متكررة عن الطعام، وأُجريت له ست عمليات جراحية دون أن يُفرج عنه.
خلال فترة اعتقاله فقد والدته وثلاثة من أشقائه، ولم يُسمح له بوداعهم. خرج أخيرًا من السجن بعد عقود من الصبر ليجد عالمًا تغيّر، لكنه ظل يحمل حلم الحرية لرفاقه.
محمود عيسى.. المثقف المقاتل
يُعد محمود موسى عيسى من أبرز رموز المقاومة والفكر داخل السجون الإسرائيلية.
ولد في بلدة عناتا بالقدس عام 1968، وكان من أوائل مؤسسي الوحدة الخاصة 101 التابعة لكتائب القسام، المسؤولة عن أسر جنود إسرائيليين لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين.
اعتُقل عام 1993 بعد مطاردة طويلة، وحكم عليه الاحتلال بـ 3 مؤبدات و46 عامًا.
قضى 13 عامًا في العزل الانفرادي، وخلال سجنه كتب وألّف عددًا من الكتب الفكرية والسياسية، ليصبح أحد أبرز المفكرين داخل الحركة الأسيرة.
باهر بدر.. العريس المؤجل
كان يستعد لحفل زفافه عام 2004 حين اقتحم الاحتلال منزل عائلته واعتقله قبل أيام من الموعد المنتظر.
اتهمته سلطات الاحتلال بالانتماء لكتائب القسام والمشاركة في عمليات مقاومة، فحكمت عليه بـ 12 مؤبدًا.
عاشت عائلته معاناة مضاعفة؛ إذ اعتُقل شقيقه بهيج في الليلة نفسها، كما أُوقفت والدته رغم مرضها، لتجسد الأسرة مثالًا على الثمن الذي يدفعه الفلسطينيون جماعيًا في سبيل الحرية.
محمد أبو طبيخ.. العقل المثقف في الزنزانة
من مدينة جنين، حيث لا تخمد جذوة المقاومة، برز اسم محمد أبو طبيخ كمقاتل ومثقف في آنٍ واحد.
اعتُقل عام 2002 بعد مشاركته في معركة مخيم جنين وتجهيزه لعبوات ناسفة ضد قوات الاحتلال.
حُكم عليه بمؤبدين و15 عامًا إضافية، لكنه استغل سنوات السجن في الدراسة والتأليف، فحصل على 3 شهادات بكالوريوس وأصدر كتابًا من جزأين بعنوان "درب الصادقين" يوثق قصص الأسرى.
صفقة تبادل كبرى برعاية دولية
كانت مصلحة السجون الإسرائيلية قد أعلنت أمس أنها أفرجت عن 1986 أسيرًا فلسطينيًا ضمن اتفاق التبادل الذي تم بوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر.
وضمّت الصفقة 250 أسيرًا من أصحاب الأحكام المؤبدة، و1700 معتقل من قطاع غزة.
في المقابل، أطلقت كتائب القسام سراح 20 أسيرًا إسرائيليًا وسلّمتهم إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في المرحلة الأولى من تنفيذ الاتفاق، الذي يأتي في سياق وقف إطلاق النار وانسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي ودخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.