كيف تنجح حيلة حماس وتنجو من الفخ؟" بقلم سيف الدين موعد

أربعاء, 10/08/2025 - 00:01

كشف ردّ حركة حماس على مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن وقف الحرب في غزة عن إدراك سياسي عميق لطبيعة الفخ الذي تحاول واشنطن وتل أبيب نصبه تحت غطاء “السلام” و”التهدئة”.
فالحركة – رغم إبدائها استعدادًا مبدئيًا لإطلاق سراح الأسرى والجثامين الإسرائيليين دفعة واحدة – ربطت ذلك بوقف العدوان وانسحاب كامل لقوات الاحتلال من القطاع، رافضة الانخراط في ما يسمى بخطة “اليوم التالي” التي تسعى أميركا وإسرائيل إلى فرضها.
حماس أوضحت في ردها أن مستقبل غزة والحقوق الوطنية الفلسطينية لا يمكن أن تُناقش إلا في إطار وطني جامع، لا في صفقات مفروضة من الخارج، لتضع بذلك خطًا فاصلًا بين الاستجابة للضغوط الإنسانية والوقوع في فخ التصفية السياسية.
لكن ردّ واشنطن السريع، الذي وصف موقف حماس بأنه “خطوة في الاتجاه الصحيح”، بدا محاولة استثمار سياسي أكثر منه ترحيبًا حقيقيًا. أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فسارع إلى إعلان “التنسيق الكامل مع واشنطن” لتطبيق الخطة وفق “المعايير الإسرائيلية”، في إشارة إلى بقاء الاحتلال ممسكًا بزمام الأمور.
الخطة التي قدمتها الإدارة الأميركية تُصوَّر كوثيقة سلام، لكنها في جوهرها تعيد إنتاج الاحتلال بوسائل جديدة، إذ تربط وقف النار بإطلاق الأسرى، وتشرط الانسحاب بنزع سلاح المقاومة، وتُبقي لإسرائيل مناطق أمنية داخل القطاع وخارجه، بينما تُدار غزة عبر “مجلس فوق وطني” بوصاية خارجية، مع تهميش للسلطة الفلسطينية وفرض إصلاحات تُفرغها من معناها.
ويرى الكاتب أن هذه الخطة ليست لإنهاء العدوان بل لإدارته سياسيًا بعد الفشل العسكري في تحقيق أهداف الحرب. فهي تسعى لتجريد المقاومة من قوتها الصلبة، وتحويل القضية الفلسطينية من مشروع تحرر وطني إلى ملف “مكافحة تطرف”، بما يسمح بتأبيد الاحتلال وإعادة هندسة الوعي الفلسطيني.
الخطة – كما يحلل المقال – تحمل خطرًا يتجاوز غزة، إذ قد تُستخدم لتعميم نموذج الوصاية على المنطقة العربية تحت ذريعة “محاربة التهديدات”. فالمشروع الصهيوني، بحسب الكاتب، ليس سوى أداة استعمارية لإدامة السيطرة، وتحويل إسرائيل إلى مركز نفوذ إقليمي في ظل تراجع الهيمنة الأميركية المباشرة.
ويخلص الكاتب إلى أن مواجهة هذا الفخ تتطلب موقفًا فلسطينيًا موحدًا، مدعومًا برؤية عربية وإسلامية تُميز بين الإغاثة الإنسانية العاجلة والسياسة طويلة المدى، على أن تكون الأخيرة قائمة على انسحاب كامل، وضمانات أممية ملزمة، ووحدة فلسطينية حقيقية تعيد الاعتبار لمشروع التحرر الوطني.
فالمطلوب – كما يختتم المقال – ليس مجرد وقف الحرب، بل وقف مسار تصفية القضية الفلسطينية باسم “السلام الإنساني”، وإعادة تعريف التفاوض بما هو تحرير للأرض والإنسان، لا إدارة للنكبة المستمرة.

الفيديو

تابعونا على الفيس