احتلال غزة: إعدام الإنسانية!

جمعة, 08/08/2025 - 22:25

أقرت حكومة إسرائيل، أول أمس الخميس، اقتراح رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو لـ»احتلال قطاع غزة بشكل كامل».
السبب الحقيقي للقرار أن حكومة نتنياهو لا تسعى لهدف سياسي ممكن الإنجاز عبر العمليات العسكرية أو المفاوضات، وأن مسعاها هو الوصول إلى «الحل النهائي» الذي طبّقه النازيون مع اليهود (وكذلك فئات أخرى مثل الغجر والسود والبولنديين وذوي الإعاقة وحتى المتمردين من الألمان) خلال الحرب العالمية الثانية: الإبادة التامة، والتطهير العرقي للفلسطينيين.
لقد انقلبت المعادلة التاريخية، فأصبح أحفاد ضحايا ماضي المحرقة عنصريي اليوم الذين استطابوا دور الجلادين النازيين، وأخذ الفلسطينيون، السكان الأصليون لهذا البلد المنكوب، دور الضحايا المطلوب من آلة القتل والحرق والتجويع إلغاءهم وجوديا. عبّرت الممثلة البريطانية اليهودية ميريام مارغوليس عن هذا ببلاغة شديدة حين قالت: «يبدو أن هتلر قد انتصر. لقد حوّلنا إلى أمة شوفينية متوحشة ترتكب الإبادة الجماعية وتقتل النساء والأطفال»، داعية «باسم الإنسانية» جميع اليهود لرفع أصواتهم.
حسب استطلاع نشر مؤخرا فإن نسبة مهمة من الإسرائيليين (57% حسب استطلاع معهد «لازار») تؤيد إبرام «صفقة شاملة» لإطلاق الأسرى حتى لو كان الثمن وقف الحرب. يمكن طبعا افتراض أن سبب هذه النسبة الوازنة هو تعاطف المستطلعين مع الأسرى وليس مع أهل غزة، لكنّ هناك مؤشرا آخر يمكن استبيانه من توقيع 2000 فنان ومثقف إسرائيلي عريضة دعت إلى وقف الحرب «والفظائع في غزة». حسب هؤلاء لا ينبغي التسليم بـ»قتل أطفال وغير مشاركين، وتجويع وطرد سكان، وتدمير مدن غزة».
التقطت بعض البيانات التي صدرت عن المنظومتين العربية والدولية الموضوع الإنساني، فتحدث بيان الخارجية السعودية عن «إمعان إسرائيل في ارتكاب جرائم التجويع والممارسات الوحشية والتطهير العرقي» مدينا «الأفكار والقرارات اللاإنسانية التي تتبناها سلطات الاحتلال دون رادع»، وقامت بلجيكا بإدانة واضحة للقرار، كما استدعت السفيرة الإسرائيلية، وأشارت السويد الى «انتهاك القوانين الدولية»، كما تحدث الأردن عن «الخروقات الجسيمة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني»، وكان هذا قريبا من تصريحات الكويت ومصر والجامعة العربية، فيما اقتصر حديث مسؤولين آخرين عن كون القرار «خاطئا» (رئيس وزراء بريطانيا)، و»غير مقبول بتاتا» (رئيس وزراء اسكتلندا)، و»سيؤدي لمزيد من الدمار والآلام» (وزير خارجية إسبانيا)، و»خطوة في الاتجاه الخاطئ (روسيا)، وكان الموقف المفاجئ، من نصيب ألمانيا، الحليف الوثيق لإسرائيل، التي أعلنت وقف تصدير أسلحة يمكن استخدامها في الحرب على غزة.
على الجهة الأخرى من «ضفة الإنسانية»، نجد نتنياهو الحاصل على «ضوء أخضر» من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والمنتشي بالقوة الإسرائيلية المهولة التي تجتاح تأثيراتها فلسطين ولبنان وسوريا واليمن وإيران؛ ونجد وزراء حكومته الذين ما انفكوا يتحدّون شرع وقوانين العالم بإطلاق تصريحات الإبادة الصريحة، والتي كان آخرها ما قاله «وزير المالية» بتسلئيل سموتريتش حين سئل عن تمويل عمليات احتلال غزة هو: «الغزيون في القطاع لا يهمونني. ما يهمني هو النصر وإبادة حماس».
على هذه الجهة أيضا، تقف الدول الغربية، التي رغم التغيّرات السياسية التي طرأت على مواقفها أخيرا تجاه حكومة نتنياهو، فإنها لم تتوقف عن مدّ إسرائيل بالأسلحة، وعدم مقاطعتها اقتصاديا، بل واستئجار طائرات تشارك في التجسس على الفلسطينيين، كما فعلت بريطانيا التي حظرت أيضا منظمة «بالستاين أكشن» واستدعت العديد من أئمة الجوامع لمساءلتهم على انتقاد إسرائيل، ومثال بريطانيا يمكن أن ينطبق على العديد من الدول الغربية أيضا.
المصدر : القدس العربي

الفيديو

تابعونا على الفيس