
أحدثت معركة طوفان الأقصى زلزالًا قويًا هز العالم بأسره، حتى بات من الواضح أن العالم بعد هذه المعركة لم يعد كما كان قبلها. لقد قلب الطوفان قناعات كثيرة، وغيّر نظرة العالم تجاه إسرائيل التي تحولت بين ليلة وضحاها إلى كيان منبوذ، مكروه، ومعادٍ لها بشكل غير مسبوق.
في الماضي، كان أي نقد لإسرائيل يُوصف بمعاداة السامية، واعتُبر اليهود ضحايا مهما كانت الممارسات التي ارتكبوها بحق الفلسطينيين، ولكن اليوم تغير المشهد، وأصبحت أفعال إسرائيل تُقارن بجرائم النازيين، ومسؤولوها يواجهون ملاحقات دولية، وجنودها يطاردون من قبل المحاكم على الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين. لم تعد إسرائيل ذلك الكيان المدلل القادر على التصرف بحرية وقتل من تشاء دون حساب، إذ إن الموازين العالمية قد تغيرت وأصبح الاحتلال عبئًا ثقيلًا على الغرب، خصوصًا الولايات المتحدة.
يحاول نتنياهو إخفاء قلقه بالحديث عن توسع حدود إسرائيل وتحولها إلى قوة عظمى في الشرق الأوسط، بينما الواقع يظهر هشاشة الكيان أمام صمود المقاومة في غزة التي تواجه أكبر ترسانة عسكرية بدعم غربي غير محدود. فصمود غزة، رغم الحصار الذي استمر لأكثر من عشرين عامًا، يثبت أن القوة المادية ليست وحدها كافية لتحقيق النصر، بل للروح والتضحية دور كبير في مقاومة الاحتلال.
تُظهر معركة طوفان الأقصى ضعف إسرائيل التي تجمع بين مكونات متعددة ومتنوعة، لا تجمعها إلا وعود مغريات على أرض مهددة. إن استمرار وجود إسرائيل ليس مرهونًا بقوتها أو جيشها، بل بدعم خارجي وبقاء أنظمة إقليمية تراها ضرورية لاستقرارها.
يشير القرآن الكريم في آياته إلى أن فساد بني إسرائيل في الأرض سيواجه عقابًا، وأن نهايتهم حتمية مهما طال الزمن، وهذا يترجم في الواقع الحالي حيث يطارد الاحتلال هواجس النهاية، وعودة الشتات تمثل المصير المحتوم لهم.
بعيدًا عن كل الحسابات السياسية والعسكرية، يكمن الإيمان الراسخ بأن صمود أهل غزة ومجاهدتهم من أجل الأرض والكرامة المقدسة هو الفارق الحقيقي بين المنتصرين والمستكينين، وبين المحتلين والمحكومين بنهاية زائفة.
كاتب جزائري