
تُعد ردود أفعال الجماعة الرسمية العربية والإسلامية تجاه الصراع العسكري الدائر بين الكيان الصهيوني وجمهورية إيران الإسلامية واحدة من أكثر الأحجيات غرابة وإثارة للتساؤلات. فبينما يشهد العالم صراعًا هائلًا مدمرًا، تبدو مواقف الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، التي تضم 57 دولة، مكتفية بالشجب الكلامي المتناثر، دون اتخاذ خطوات فعلية أو عقد اجتماعات طارئة لبحث الاعتداءات التي تستهدف دولة عضو في المنظمة.
يُذكر أن ميثاق منظمة التعاون الإسلامي يؤكد على أهمية التعاون والتضامن بين الأعضاء، وحماية حقوق ومصالح العالم الإسلامي. إلا أن الواقع يشير إلى غياب هذه المبادئ في مواجهة العدوان الإسرائيلي المدعوم من قوى غربية، والذي طال الفلسطينيين ودولًا إسلامية أخرى.
القرآن الكريم وصف هذا الواقع في آياته التي توبخ وتفضح حالة التشرذم والاختلاف بين الجماعات، حيث يقول: «تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى»، و«خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً»، و«فتقطّعوا أمرهم بينهم زُبراً كلّ حزب بما لديهم فرحون».
هذا التشرذم والتردد في اتخاذ موقف موحد يطرح تساؤلات حول مدى فهم الدول الأعضاء لمعاني التعاون والتضامن، خاصة في ظل ما نص عليه برنامج المنظمة للعشرية 2016-2025 من تأكيد على قضايا السلم والأمن والعمل الإسلامي المشترك.
هل يقتصر هذا العمل المشترك على الفعاليات الفنية والثقافية، أم يجب أن يمتد ليشمل لجم الصراعات والاعتداءات التي تهدد وجود الدول الإسلامية؟
في الوقت الذي يوجه فيه رئيس وزراء الكيان الصهيوني رسائل تهديد واستفزاز للعواصم العربية والإسلامية، تبدو ردود الفعل الرسمية شحيحة، تقتصر على بيانات شجب لا تتجاوز الكلمات، كما كان الحال في الجامعة العربية تجاه العدوان على غزة وفلسطين.
هذا الواقع يثير تساؤلاً جوهريًا: ما جدوى هذه المؤسسات التعاونية التي تنطلق من مبادئ أخلاقية وأخوية سامية، إذا كانت مجرد مسميات بلا تأثير أو ارتباط بالواقع؟
رغم وجود خلافات بين الدول الأعضاء، إلا أن الحكمة تقتضي تجاوزها في أوقات المحن، لتوحيد الصفوف والدفاع عن الأعضاء المتضررين.
هل يمكن لأي دولة إسلامية أن تواجه تهديدات وجودها الحضاري والعلمي دون أن تجد الدعم الحقيقي من أشقائها؟
حتى الآن، لم تتحرك الدول الإسلامية بشكل فعلي رغم التحذيرات والدعوات، مثل تلك التي صدرت عن باكستان، الدولة الإسلامية الكبرى، والتي طالبت بالتحرك الجاد.
إن ما يحتاجه العالم الإسلامي الآن هو الاستماع بانتباه لما يردده نتنياهو من تهديدات واستفزازات، وعدم الانشغال بالهمسات الداخلية التي تعيق اتخاذ موقف موحد وحاسم.
في ظل هذه التحديات، يبقى السؤال مفتوحًا حول قدرة الدول العربية والإسلامية على تجاوز خلافاتها وتفعيل التضامن الحقيقي لمواجهة الأخطار التي تهدد وجودها ومستقبلها.
كاتب بحريني