اللُّحمة الاجتماعية في موريتانيا أقوى من حملات التحريض/ الشيخ ولد سيدي المدير الناشر لليوم إنفو

جمعة, 05/02/2025 - 15:17

تُعد موريتانيا نموذجًا فريدًا في التنوع الثقافي والاجتماعي، إذ تضم فسيفساء من الأعراق والثقافات التي تشكل نسيجًا اجتماعيًا مترابطًا، رغم التحديات والتحولات التي مر بها البلد عبر تاريخه. وفي الآونة الأخيرة، ومع تصاعد الخطابات التحريضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المنصات الإعلامية، بات من الضروري تسليط الضوء على متانة اللحمة الاجتماعية الموريتانية، التي أثبتت أنها أقوى من أي دعوات للفرقة أو الفتنة.

لقد عرف المجتمع الموريتاني عبر العصور نوعًا من التعايش والتكافل الاجتماعي، متجذرًا في قيم الدين الإسلامي والروابط الأسرية والعادات القبلية التي وإن اختلفت في مظاهرها، إلا أنها تتقاطع في جوهرها حول قيم التراحم والتسامح والتضامن. ومع كل محاولة لبث الشقاق، تظهر مواقف شعبية ورسمية تؤكد تمسك الموريتانيين بوحدتهم الوطنية ونبذهم للخطاب المتطرف.

وإذا كانت هناك أصوات تسعى إلى زرع الفتنة بين مكونات المجتمع عبر الترويج للعنصرية أو التحريض الطبقي، فإنّ وعي المواطنين، ونضج المجتمع المدني، ودور العلماء والمثقفين، قد شكّل سدًا منيعًا أمام هذه المحاولات. وهو ما برز جليًا في عدة مناسبات وطنية، حيث توحّد صوت الشعب رفضًا لأي خطاب يُفرق بين الموريتانيين على أساس اللون أو العرق أو الانتماء الاجتماعي.

ولعل من أبرز مظاهر قوة اللحمة الوطنية في موريتانيا، قدرة المجتمع على تجاوز أزمات كان من الممكن أن تُحدث شرخًا عميقًا بين مكوناته، لولا تمسكه بالثوابت الجامعة، وعلى رأسها وحدة المصير والهوية الإسلامية المشتركة. كما أنّ الحكومة، رغم التحديات، اتخذت خطوات لإرساء العدالة الاجتماعية ومحاربة التمييز، من خلال مبادرات تنموية ومراجعات قانونية تهدف إلى تعزيز المساواة.

إن اللحمة الاجتماعية ليست مجرد شعارات ترفع في المناسبات، بل هي سلوك يومي يتجسد في التعايش بين الجيران، في الأسواق، في المدارس، وفي علاقات النسب والمصاهرة التي تربط مختلف المكونات. وهو ما يجعل من التحريض مهمة صعبة، إن لم تكن مستحيلة، أمام مجتمع أدرك أن قوته في وحدته، وأن مستقبله مرهون بتماسك نسيجه الداخلي

الفيديو

تابعونا على الفيس