
تشهد الساحة الطلابية منذ أسابيع حراكا احتجاجيا محتدما، لم تستطع السلطات الجامعية السيطرة عليه بأي شكل من أشكال المعالجة: لا المفاوضات نجحت ولا تلبية المطالب نفعت ولا حتى التغاضي وتفضيل سياسة المرونة أجديا.
وقد بلغ الحراك المشبوه أوجه عندما زار رئيس الجمهورية نفسه الحي الجامعي وأفطر مع مجموعة من الطلاب تم اختيارها من بين المتميزين والقاطنين في السكن الجامعي، وهي خطوة لعمري كان على الطلاب إدراك بعدها والاستبشار بها وتثمينها وانتظار تداعياتها على المطالب الوجيهة التي تقدم بها أحدهم خلال الإفطار. بدل ذلك، هاجمت مجموعة قليلة من الطلاب المطعم الجامعي تحت جنح الظلام وخرب معداته التي اقتنتها الدولة حديثا لصالحهم ونهبوا ما لم يخربوا منها وكأنهم عصابات لصوص وليسوا طلابا جامعيين، سيصبحون غدا أطرا ومسؤولين كبارا.
فما الذي دها هؤلاء يا ترى، ولماذا وصلت الأمور في الساحة الطلابية إلى هذا الحد من التردي المخيف وضحالة مستوى التفكير؟
الجواب واحد، لا غير : هيمنة ثلاث نقابات طلابية مسيسة حتى النخاع على العمل المطلبي الطلابي محولة إياه إلى أجندات سياسوية لا علاقة لها بمصالح الطلاب وتكوينهم وتحضيرهم للعب الدور المنوط بهم كجيل المستقبل في البلاد:
- نقابة تابعة لحزب تواصل، يؤطرها قادته وتتلقى الأوامر منه، تسخن الساحة بتعليمات منهم وتهدئها عندما تتطلب مصلحة الحزب ذلك وتستفيد من الماكينة الإعلامية له.
- نقابة تابعة لحزب الإنصاف، منذ أن كان الاتحاد من أجل الجمهورية، قادتها أعضاء في لجنته الوطنية للشباب بعضهم حزبيون، والبعض الآخر مندس فيهم، كمدير حملة بيرام الداه اعبيدي في كيهيدي، الذي تناقل التواصل الاجتماعي مؤخرا نبأ غير مؤكد عن توقيفه. وخلافا للأولى فإن هذه النقابة لا تخضع اليوم للحزب.
- نقابة تابعة لمنظمة أفلام، تتكون من عنصر واحد ولون واحد، وهي الذراع الضاربة للنقابات، حيث تعوض قلة منتسبيها بالجرأة على العنف واقتحام أقسام الدرس عنوة لفرض الإضرابات كأمر واقع.
هذه هي حقيقة ما يجري في الساحة الطلابية هذه الأيام من تأجيج وتوقيف للدروس وتخريب للممتلكات العمومية ومحاولة لفرض إرادة النقابات مهما كان.
الوضع خطير وأصبح يهدد مستقبل طلابنا، وأغلبهم غير منتسبين إلى هذه النقابات، لكنهم يقعون ضحية لغطرستها ويكتوون بنار تنفيذها لأجندات لا تخدم مصالحهم.
على السلطات إدراك خطورة ما يجري، والمبادرة إلى إيقاف فوضى الاستغلال السياسي للطلاب. لا يحق لحزب تواصل أن يستغل نزعة التدين والجنوح الطبيعي إلى التمرد لدى الطلاب في تحقيق مآربه في الحصول على "إقطاعية سياسية" ثابتة ونشيطة، ولا يحق لحزب الإنصاف أن تكون له ذراع طلابية لا يتحكم حتى في ولائها، بعض قادتها لم يعد في سن الدراسة وليس مسجلا في أية مؤسسة للتعليم العالي، بحجة التنافس مع تواصل في الساحة الطلابية، ولا يحق لمنظمة أفلام أن تحرض الشباب الجامعي على العنصرية والتخريب لتحقيق مآربها الانقسامية الهدامة.
ولا يحق للسلطات التغاضي عن كل هذه الممارسات.
كفى تلاعبا بمستقبل طلابنا... كفى استغلال للطلاب في السياسة!!! كفى!!!
الشيخ ولد سيدي