خاطرة: من البحث عن نا صر الدين، إلى حيرة "أغفال"...

خميس, 10/17/2024 - 12:19

جُلتُ في المقبرة طولا وعرضا، طالبا من الله عز وجل الرحمة والغفران لمن يرقدون تحت رمالها؛ لكن لم اعثر على ضريح ناصر الدين، رغم كوني حصلتُ وقتها عبر الهاتف[i] على معلومات تُدل على من يستطيع أن يبين لي موقعه بالضبط في ترتلاس. غير أنه لم يكن بمقدوري توظيفها. قررت تأجيل البحث مرددا في نفسي، واثقا في المستقبل: "المرة القادمة إن شاء الله سيكون البحث أيسر ونجاحه مضمون".

تعلقتُ كثيرا بالمرحوم ناصر الدين منذ قراءتي الأولى لرواية صديقي امبارك ولد بيروك الناطقة بالفرنسية: "je suis seul". طبعا لا أوافقه الطرح في كثير من الشروح، ذات الطابع الإيديولوجي والمغزى التاريخي، التي تحيل فيها الرواية إلى ناصر الدين.. وقد سبق لي أن تحدثت عن هذا الجانب مع المؤلف ومهتمين آخرين معجبين كثيرا، مثلي، بكتاباته. لكن هذا موضوع آخر.

خلال آخر مرحلة من تجوالي في المقبرة، لفتَ انتباهي قبرٌ مغطى جزء كبير منه بنوع من المحار كبير الحجم يسمى عندنا "أَغُفالْ"؛ ويستخدم تقليديا كإناء لاحتواء "لخواظ"، الذي يُستعملُ في غزل ضفائر النساء.

وهذا الأخير عبارة عن مادة لزجة مصنوعة يدويا من خليط من الماء مع ورق أشجار محلية. اعتقد أن منها السدر؛ إن لم تخني الذاكرة، لأن عهدي بالأمر بعيد: كنتُ أُرسل أحيانا- وأنا صبي -لإحضار تلك الأوراق.

دفعتْ بي هذه الذكريات التي تعود إلى عهد الطفولة، هي والفضول، إلى القاء نظرة أخيرة على القبر المذكور: لاحظتُ من خلال الاسم المكتوب عليه أن صاحبته فعلا أمرة- تغمدها الله برحمته الواسعة.

فتساءلتُ، حائرا: هل كان لما يعرف اليوم بمفهوم "النوع" شأن في وجود "أَغُفالْ" بنسبة كبيرة على قبرها؟