
انفردت دار الإفتاء المِصرية بالسبق في نشر فتاواها، حيث إنّها اهتمّت مبكرًا بالتوثيق للفتوى، من حيث كتابة السائل سؤالَه، وكذلك كتابة المفتي الجوابَ محررًا، وظلت هذه الفتاوى محتفظًا بها كوثائق للإفتاء والفتوى في مصر، وبخاصة في القرن العشرين، وظلّت الفتاوى حبيسةَ الأدراج والأرشيف، حتى بدأ في إخراجِها للطّباعة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق- رحمه الله – فترة تولّيه الإفتاءَ في مصر.
بعد ظهور فتاوى دار الإفتاء المصرية، والتي خرجت في أجزاء صغيرة أولًا، ثم في مجلدات، ثم أعيد طبعها وتكملتها مؤخرًا في (54) مجلدًا، ولم يصل ما نشر بعدُ لعُشر ما لديها من أرشيف المفتين. ثم توالت دُور الإفتاء في كثير من البلدان العربية بالسير على نفس الخطى، والتي فيها هيئات إفتائية، مثل: وزارة الأوقاف الكويتية، وصدر عنها فتاوى تصل للهيئة من المواطنين والمقيمين في الكويت، ومنها كذلك مجلدات أخرى عن فتاوى المغتربين.
وجدنا بلدانًا عربية أخرى يخرج عنها كتب للفتوى المعاصرة، فالفتوى عند السابقين وُجدت لها كتبٌ دونتها، وهو ما لا نجده في بلدان معاصرة مثل غالب دول الشمال الأفريقي: ليبيا، والمغرب، وتونس، والجزائر، إلا من فتاوى صدرت عن أشخاص، ككتاب فتاوى الطاهر الزاوي مفتي ليبيا، وكذلك فتاوى الشيخ مختار السلامي مفتي تونس، وبعض فتاوى المجلس العلمي المغربي، لكنا لا نجد هيئة تصل لها الفتوى ويجاب عنها محررة ثم تجمع.
الثورة، وما تبعها من أحداث تتعلق بالثورة المضادّة، فكثير من الأسئلة وإن حمل فيه تفاصيل تتعلق بسؤال ديني، إلا أنه يحمل بين سطوره تفاصيل في غاية الأهمية عن هذا المجتمع.