فى تلك "القعدات" التى تسعد فيها، ولها ريحة وطعم وشعور لا يمكن وصفه، في تلك الجلسات أو اللحظات التي تطمئن فيها لصحبة يجب أن تتمسك بها، بل وبمعنى أكثر شعبوية " تكلبش فيها"، ففي تلك اللحظات ونس وصدق حتى لو تبدلت الأيام، ولأن العلاقات الإنسانية هي الأدوم والأبقى لذلك فالتمسك بها أمر ضرورى وحتمى، ويجب فرز تلك الجلسات وصولا لمن تطمئن لهم وتفكر معه بصوت مسموع، وتستعيد ذكرياتك وتستمع لقصصهم، وتأكل معهم حتى لو كان ذلك الأكل "مش" و"فول" وعيش ناشف، فمن المؤكد أن طعم تلك الأكلات البسيطة هو الطعم الأفضل التي تتذوقه في حياتك.
ونتذكر في الشعر عن الصداقة فيما ورد حول تقلب الأوضاع والظروف
لا خير في ود امرئ متملق حلو اللسان..وقلبه يتلهب
يلقاك يحلف أنه بك واثق.. وإذا توارى عنك فهو العقرب
يعطيك من طرف اللسان حلاوة.. ويروغ منك كما يروغ الثعلب
واختر قرينك واطفيه تفاخرا.. إن القرين إلى المقارن ينسب
والصداقة ونس في الصحبة، ولذلك فهناك أصدقاء في حياتك ربما تلتقيهم مرة واحدة في عمرك أو شهر واحد أو في سفر أو زيارة، وهناك أناس لا يمكنهم أن يكونوا أصدقاءك حتى لو كانوا في وجهك طوال العمر بالسنوات، فالصداقة لحظة اختيار، واستمرارها قرار، غير أن هناك_ في بعض الوقت_ ونوس الصحاب، وونوس الصحاب ذلك الشيطان الذى يكمن في النفوس، ويجعلها غير راضية على المسار السليم، فتجده يسعد بتفتيت تلك الصداقات، ويجعلها تسير في هواه، ويرتاح في فك تلك الصداقات، بل ويسعد في تنفيذ ذلك، ولذلك كلما كان الأصدقاء أكثر صدقا مع أنفسهم وفى جلساتهم كلما توطدت تلك العلاقات أمام خطط النفوس غير السوية.
وكما قيل في الشعر عن الصداقة
وإذا الصديق أسى عليك بجهله.. فاصفح لأجل الود ليس لأجله
فكم عالم متفضل.. قد سبه من لا يساوى غرزة في نعله.
وأخيرا فإن الجلسات والعلاقات الصادقة تلك التي تطمئن إليها، وهى العنوان الذى يجب أن تعرف طريقه مبكرا، ولا خشية من حديثك على طبيعتك، فالقول الصادق هو القول الوحيد الذى يمكن أن تتذكره بعد سنوات دون خوف ولا شك.