
فرقت الشرطة الجزائرية أمس الأربعاء وقفة احتجاجية شارك فيها صحافيون أمام مقر البرلمان تضامنا مع زملائهم في قناة «الوطن» الجزائرية، التي أغلقت أبواب مقراتها بالشمع الأحمر الاثنين الماضي من طرف الشرطة بأمر من وزير الإعلام، عقابا لها على استضافة مدني مزراق، قائد ما كان يسمى «الجيش الإسلامي للإنقاذ ( المحل)» الذراع المسلحة لـ»جبهة الإنقاذ (المحظورة)» والذي أدلى بتصريحات هدد فيها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بإسماعه كلاما لم يسمعه من أحد قبل ذلك، إن لم يتراجع عن موقفه بخصوص رفضه مشروع مزراق لتأسيس حزب سياسي.
وكان العشرات من الصحافيين قد سعوا إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان، للمطالبة بتدخل النواب من أجل إرجاع السلطة التنفيذية عن قرار غلق قناة «الوطن» بينهم عدد من صحافيي القناة التي تم تشميع مقراتها وصحافيون من وسائل إعلام أخرى حضروا من أجل مساندة زملائهم في هذه المحنة، ولكن الشرطة كانت قد تلقت الأمر بتفريق الوقفة الاحتجاجية مهما كانت الطرق والوسائل، وعمدت إلى ذلك من خلال تفريق الصحافيين بالقوة، واعتقال عدد منهم، حتى من كانوا في المقاهي المجاورة يستعدون للالتحاق بزملائهم، إذ وصل إليهم رجال الأمن وأجبروهم على مغادرة المكان، أو اعتقالهم في حالة رفضهم الانصياع لرجال الشرطة.
وقد وضع عدد من الصحافيين الذين تمكنوا من الوقوف لدقائق أمام مقر البرلمان أشرطة لاصقة على أفواههم، احتجاجا على الضغوط التي تمارسها السلطة على حرية التعبير في الفترة الأخيرة، وقبل أن يتم اعتقال عدد من الصحافيين المشاركين في الوقفة الاحتجاجية واقتيادهم نحو مراكز أمن مختلفة، قبل أن يتم إطلاق سراحهم في وقت لاحق، بعد أن تم ضمان عدم التحاقهم بمكان الوقفة الاحتجاجية مجددا.
وكان عدد من الصحافيين شرق البلاد قد حاولوا أيضا أمس الأول تنظيم وقفة احتاجاجية في مدينة قسنطينة (400 كيلومتر شرق العاصمة) دعا إليها مراسل قناة «الوطن» محمد فاروق طوالبية، إلا أن قوات الشرطة تدخلت وفرقت المظاهرة بالقوة، وتم اعتقال الصحافي، الذي عومل بطريقة مهينة، قبل أن يتدخل أحد ضباط الشرطة لتتغير المعاملة، خاصة بعد قدوم عدد من رجال الشرطة التابعين للاستعلامات العامة، الذين يعرفون الصحافي، وطلبوا من زملائهم معاملته بطريقة أخرى، ليتم إخلاء سبيله، بعد أن طلبوا منه تقديم طلب لتنظيم وقفة احتجاجية أخرى، حتى تجري الأمور بطريقة قانونية!.
جدير بالذكر أن قناة «الوطن» تعرضت لتوقيف بثها بقرار من وزارة الإعلام التي بررت قرارها بأن القناة تعمل بشكل غير قانوني، وبأنها تبث أفكارا هدامة، في إشارة إلى استضافتها مدني مزراق قائد ما كان يسمى «الجيش الإسلامي للإنقاذ»، علما أن وزير الإعلام حميد قرين كان قد أعلن في وقت أول عن مقاضاة القناة، ولما سئل عن صاحب التصريحات، أجاب أن ذلك ليس من صلاحياته.
وتمنع السلطات أي مظاهرات في العاصمة منذ 2001، لكنها تغض الطرف كلما كانت المظاهرة ضخمة، بدليل أنه لما نزل الآلاف من رجال الشرطة إلى الشارع محتجين على مطالبهم الاجتماعية والمهنية منذ سنة، إذ بقيت السلطات تتفرج عليهم، خاصة أن الأداة التي كانت تستعملها عادة لقمع المظاهرات هي التي نزلت إلى الشارع، وقضت ليلة أمام قصر الحكومة وليلة أخرى أمام القصر الرئاسي.
نقلا عن القدس