صفقات لاعبى الكرة الـ«أون لاين» تشبه شراء المنتجات.. صورة حلوة وجودة رديئة!

أحد, 02/18/2024 - 09:56

تراجع اكتشاف المواهب فى مصر فى لعبة كرة القدم، أمر تتحمله الأندية بمفردها، فهى المنوط بها الفرز والتقييم فى عملية اختيار المواهب فى الأعمار السنية المختلفة، ثم تشكيل الأجهزة الفنية والإدارية التى تتمتع بعين فاحصة وقدرات علمية وجدارة مهنية، لإعداد المواهب، وتعليمهم أساسيات مهارة اللعبة، من تسليم وتسلم وتحرك بدون كرة، والتأسيس البدنى غذائيا وطبيا، بجانب اعتبار أن اكتشاف المواهب مشروع استثمارى ضخم، يفيد الفريق الأول، ويجلب أموالا بالعملات الصعبة عند تسويقهم وبيعهم فى الأندية الأوروبية وحتى العربية.

لكن وللأسف، فإن الأندية، غائبة عن أذهان وعقيدة إداراتها المختلفة، فكرة الاستثمار، والقدرة على تنمية الموارد، وعدم الاعتماد فقط على جلب الرعاة، ومنها الرافد المهم المهمل والمتمثل فى الاستثمار بقطاعات الناشئين، واعتباره مشروعا ضخما، يدار بشكل احترافى حقيقى، وليس من حيث الشكل، ويتضمن أهدافا واضحة، من بينها على سبيل المثال، اختيار عدد محدد من المواهب المبشرة، والتركيز معهم وفق برنامج زمنى، ثم تصنيفهم ما بين استفادة الفريق الأول، وما بين الذى سيُفتح لهم الباب للاحتراف وجلب الأموال، ولن تتحقق هذه الأهداف، ما لم تتوافر له الإرادة والقدرة على اختيار كوادر علمية تتمتع بالجدارة الفنية، والتخصص فى التعامل مع النشء نفسيا وبدنيا ومهاريا، وإرسال هذه الكوادر فى بعثات إعاشة فى أكبر الأندية المهتمة بهذا المجال، مثل هولندا وبلجيكا وغيرهما من الدول التى حققت فى هذا المجال نجاحات كبيرة، مع تجهيز الملاعب والأدوات اللازمة!

الحقيقة المؤلمة أن الأندية تتعامل مع قطاعات الناشئين بفكر «الهواة» ومن المؤلم أن أقول أن الإدارات تتعامل مع القطاعات كمصدر لرد الجميل وتسديد الفواتير الانتخابية والمجاملات، فى تعيينات المدربين والإداريين، دون النظر للكفاءة والقدرة والجدارة المهنية، بديلا عن تعاملها مع القطاع كمشروع كبير يدر على خزينة النادى مبالغ كبيرة، ومن ثم فإن القطاع لا يفرز المواهب الحقيقية ذات التأسيس البدنى والمهارى الجيد، وإن وجد لاعب أو اثنان فهى من باب المصادفة، وليس وفق دراسة وأهداف واضحة المعالم.

الأندية فى مصر بتجاهلها لقطاعات الناشئين وعدم إدارتها بطريقة محترفة، تطبق نظرية «شراء العبد ولا تربيته» لذلك قررت شراء لاعبين لدعم فرقها، وهنا الطامة الكبرى، فما يحدث فى قضية عدم الاهتمام بالناشئين، ينسحب على ملف استقدام الصفقات، فالعشوائية وعدم الاحترافية، وغياب التقييم العلمى والفنى، هى سيد الموقف!

اعتماد الأندية لاستقدام صفقات أجنبية، على أمرين، الأول «السماسرة» أو ما يطلق عليهم اصطلاحا خادعا، وكلاء لاعبين، وهناك أندية لا تتعامل إلا مع «سماسرة» بعينهم، ولا يهم «بضاعتهم» سواء كانت سيئة أو جيدة، ومن المعلوم أن كل سمسار يبذل جهودا كبيرة لتزيين «بضاعته» ويقدمها على أنها الأفضل والأجود، اعتمادا على «فيديو مجمع» لأبرز مهارات اللاعب المطلوب.

والثانى، التفاوض «أون لاين» عبر «زووم» وبعد سلسلة من الاجتماعات «زووم ميتنج» يتحقق المراد بإبرام الصفقة.

المفاجأة أن معظم الصفقات طول السنوات الأخيرة، كانت غير مقنعة، سواء للخبراء والنقاد أو للجماهير التى تشجع هذا النادى أو ذاك، ومن بين عشرات الصفقات التى استقدمتها الأندية لم ينجح سوى عدد قليل لا يزيد على 5 أو 6 لاعبين، بينما فشلت عشرات الصفقات، وتبين إنها لا ترقى للعب فى أندية تنافس على الهروب من قاع الدورى والهبوط للدرجة الثانية، وتكبد خزائن الأندية ملايين الدولارات، دون جدوى!

اختيار الأندية المصرية لاستقدام لاعبين محترفين، اعتمادا على ما بجعبة السماسرة، أو عبر الـ«أون لاين» و«»الزوم ميتنج» كارثة فنية، فالأندية الكبرى، وحتى الأفريقية مثل فريق صن دوانز الجنوب إفريقى، تعتمد على إدارة فنية كاملة «scouting» لديها القدرة على البحث والتنقيب وتحليل الأداء فى معظم القارات، أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا، وبالطبع مفرخة المواهب «أفريقيا» ومتابعة دقيقة لسنوات.

لذلك وعلى سبيل المثال، فريق صن دوانز، وضع قدمه بقوة ما بين الفرق التى تلعب كرة حديثة وقوية، لأنه يسير وفق مشروع محدد الأهداف، قوامه الاستعانة بكوادر فنية عالية، وفريق كشافين يجوب قارات الدنيا، ويستقدم مواهب تحدث الفارق، وبأسعار زهيدة مقارنة بالأسعار التى تدفعها الأندية المصرية فى صفقات مضروبة!

نفس الأمر فإن الأكاديميات فى السنغال وغانا ومالى وغيرها من الدول الأفريقية، تخرج جواهر، تدفع بهم إلى الأندية الأوروبية وهم صغار، وتدر أرباحا كبيرة. والمؤلم أن الأندية المصرية مستغرقة فى المحلية، ولا تعمل باحترافية، فى إدارة اللعبات بشكل عام، وكرة القدم على وجه الخصوص، وأن كل اعتمادها على استقدام لاعبين أو مدربين من خلال السماسرة أو الـ«أون لاين» وفق فيديو مجمع لأهداف ومهارة اللاعب، فقط، فى تشابه مع شراء بضائع «أون لاين» اعتمادا على صور منتجات تعلن عنها صفحات على السوشيال ميديا، غير معلومة المصدر، وأن الصور المعروضة مبهجة ورائعة، نتيجة التدخل فى المعالجة التقنية، بينما جودة المنتج فى الواقع، رديئة للغاية.

الفيديو

تابعونا على الفيس