لندن- “القدس العربي”: قال البرفسور بول روجرز، أستاذ دراسات السلام بجامعة برادفورد، إن الولايات المتحدة تستطيع وقف الرعب في رفح اليوم، فلماذا لا تفعل؟
وجاء في مقاله بصحيفة “الغارديان” إن هناك ضغطاً قادماً من إدارة جو بايدن على إسرائيل لوقف هجومها على مدينة رفح، لكن لا إشارات عن تغيّر في موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وخططه لتدمير “حماس”، مهما كان ثمن الموت والدمار في غزة.
وقال إن الخطر المباشر على مدينة رفح، والتي تخطط إسرائيل لشن هجوم شامل ومكثف يشمل غارات جوية وقوات برية، هو أن المدينة وما حولها لجأ إليها حوالي 1,5 مليون شخص، يعيش الكثيرون منهم في خيام ضعيفة، وهناك ندرة في مياه الشرب والطعام والخدمات الطبية
وحذّر مفوض الشؤون الإنسانية فولكر تيرك من الوضع، الذي وَصَفَه بـ “المخيف في ضوء العدد الكبير من المدنيين، مرة أخرى الأطفال والنساء، والذين من المحتمل قتلهم أو جرحهم”.
ويوم الإثنين، قُتل على الأقل 67 شخصاً في غارات جوية على رفح، والتي تزامنت مع عملية لتحرير رهينتين.
ويعتقد الكاتب أن رعباً آخر يمكن منعه لو تقدّمت الولايات المتحدة وأوقفت الهجوم. ذلك أن إسرائيل تعتمد بشكل مكثف على الدعم العسكري الأمريكي، ولا تستطيع مواصلة الحرب لوقت طويل بدونه. وهو ما يطرح سؤالين جوهريين:
لماذا تصرّ إسرائيل على مواصلة العملية العسكرية، والتي من شأنها أن تتسبّب بخسائر مروّعة، ولماذا لا يريد جو بايدن إغلاق صنبور المساعدات؟
ومن السهل الإجابة على السؤال الأول، فقد هزّ هجوم “حماس”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، المجتمع الإسرائيلي، وهو هدف الهجوم. فبعد الانتفاضة الثانية ما بين 2000- 2005 شعرت إسرائيل بأنها تسيطر على الأمن. لكن 7 تشرين الأول/أكتوبر كشف عن فشل الجيش والأمن والشرطة. وخططت قيادة “حماس” شبه العسكرية للهجوم، وعلى مدى أشهر، وتوقّعت رداً إسرائيلياً حاسماً. وهو ما حصلت عليه، ما أدى إلى الإضرار بمحاولات إسرائيل العمل مع أنظمة الخليج، ودعم ضخم للفلسطينيين في الشرق الأوسط وخارجه.
وفي الوقت نفسه، تحكم إسرائيلَ، اليوم، أكثرُ حكومة صقورية، لم تشهدها منذ 75 عاماً، حيث يعتمد الائتلاف المهتزّ على دعم ثلاثة أحزاب متطرفة، وبدون دعمها لن ينجو نتنياهو. ورغبة رئيس الوزراء بمواصلة الهجوم هي بمثابة صمام أمان بأنه سيظل في الحكم.
ولدى الجيش مصلحة بمواصلة هذه الحرب، لأن فشله بمنع هجمات “حماس” أدى لتراجع مكانته في الشرق الأوسط. وتعرف قيادته أنها لن تعيد مكانتها إلا بتحقيق نوع من النصر. لكن المشكلة بالنسبة للجيش ونتنياهو هي أن الحرب لا تسير حسب المخطط لها. فحصيلة القتلى بين الجنود لا تزال بالمئات، إلا أن الجرحى بالآلاف، عدد كبير منهم بإعاقات مدى الحياة.
وتقوم “حماس” بإعادة ترتيب قواتها في شمال غزة، والتي زَعَمَ الجيش الإسرائيلي أنها تحت سيطرته.
ويوم الأحد، قالت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” إنها استهدفت بقنابل الهاون القوات الإسرائيلية في شرقي مدينة غزة. وأطلقت حركة “المجاهدين” الفلسطينيين صواريخ ضد القوات الإسرائيلية في جنوب- شرق المدينة. وربما كانت هذه الهجمات أصغر مما شن بداية الحرب، لكنها تظهر مرونة لـ “حماس”، وأكثر من المتوقع.
وحتى الآن لم يستطع الجيش الإسرائيلي تحديد شبكة الأنفاق التابعة لـ “حماس”، ولم يحرّر سوى 3 رهائن، من بين ما يزيد عن مئة رهينة.
وفي السؤال الثاني، المتعلق بموقف إدارة بايدن، فلربما صدرت عنها رسائلُ قوية موجهة لنتنياهو، وتطالب بالحدّ من الخسائر بين المدنيين، لكنها بدون أي نتيجة.
ويعرف الإسرائيليون، على ما يبدو، أنهم يستطيعون تجاهل بايدن، وبدون أية تداعيات. وبالتأكيد، فاللوبي الإسرائيلي قويّ في واشنطن، وعلاقة البنتاغون مع إسرائيل عميقة.
وتعزّزت عندما طلبت النصيحة من إسرائيل أثناء حرب العراق، عام 2003، التي خرجت عن مسارها، وتقوّت أكثر مع وجود القوات الأمريكية بشكل دائم في إسرائيل، وتدير منشأة رادارات أكس للإنذارالمبكر.
وساعدت الولايات المتحدة على بناء “البلدة” العربية الدائمة بلاديا لأغراض التدريب العسكري. كما أن تدفق المعدات العسكرية المتقدمة لإسرائيل في الظرف الحالي مربح لآلة التصنيع الحربي الأمريكي. وتعتبر لجنة العلاقات الامريكية- الإسرائيلية (إيباك) فعالة، ولكن هناك منظمات يهودية أمريكية مثل جي ستريت غير راضية عن مسار الحرب.
والشيء الغائب عن فهم موقف بايدن هو المنفعة التي تحصل عليها إسرائيل من دعم الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة. فمن بين حوالي 100 مليون مسيحي إنجيلي في الولايات المتحدة، هناك أقلية جوهرية تؤمن بضرورة قيام إسرائيل كجزء من خطة الرب المسيحي لنهاية الزمن. ويؤمن الكثير منهم بأن أرض إسرائيل ستكون ساحة المعركة الأخيرة بين الخير والشر، وأن خطة الرب تقضي بأن تكون إسرائيل دولة يهودية. ومن المحتمل تصويت الإنجيليين المسيحيين والصهيونيين المسيحيين إلى الجمهوريين، وأكثر من غيرهم. وهذا وحده لا يبشّر بخير لوقف الحرب، وهو ما يعني قيام حلفاء الولايات المتحدة بالحديث عن الحقيقة أمام القوة.
وبالكاد بدأ هذا، فقد قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إنه يجب على إسرائيل “التوقّف والتفكير بجدية” قبل أن تتحرك باتجاه رفح. ولمح مسؤول السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل قائلاً إن على الولايات المتحدة إعادة النظر بدعمها العسكري لإسرائيل، ولكن هناك المزيد يجب عمله، لو أريد منع كارثة أخرى، وأعظم.