أولى الخلفاء الأمويون بناء القصور اهتماماً بالغاً، وقد شكلت القصور التي بنوها في الصحراء الممتدة بين الأردن وسوريا والعراق معلماً مهماً في العمارة العربية، حيث إنها تحوي المرافق الأساسية للحياة الصيفية الرغيدة إضافة إلى التحصينات التي تتمتع بها. ويعتبر قصر المشتى من أهم وأقدم العمائر المدنية التي ترجع للعصر الأموي، وقد بناه الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك عام 744م، ويقع إلى الجنوب الشرقي من عمان.
بني القصر على أرضية منبسطة، ويتخذ مخططه العام شكلاً مربعاً طول ضلعه 144م، وهو بذلك مشابه للعديد من القصور الأموية التي شيدت في بلاد الشام، كقصر «الحرانة» و«الطوبة»، ويحيط بالقصر جدار خارجي دعم بخمسة وعشرين برجاً معظمها جاءت بشكل نصف دائري، منها أربعة أبراج على زوايا السور تشكل ثلاثة أرباع الدائرة، وخمسة أبراج في كل من الجدار الشرقي والغربي والشمالي، وستة أبراج في الجدار الجنوبي.
يتكون القصر من مجموعة من البنايات والحمامات وقاعات مليئة بالأعمدة الأثرية، وتعتبر الفسيفساء والزخارف والحلي التي تزين جدرانه من الأمثلة الرائعة للفن والعمارة الإسلامية القديمة، وخاصة تلك الماثلة على أرضية الحمامات إلى جانب شجرة الحياة الموجودة في غرفة الضيوف، وهي واحدة من أجمل الأعمال الفنية القديمة في العالم. ويتمركز على جانبي مدخل القصر برجان بشكل نصف مثمن، وقسمت المساحة الداخلية للقصر إلى ثلاثة مستطيلات، والبناء عموما يتألف من ثلاثة أقسام رئيسية، القسم الجنوبي ويشتمل على مدخل القصر، وبعض المنشآت المعمارية غير مكتملة البناء ومسجد القصر، ويحوي القسم الأوسط الفناء المركزي وبركة ماء صغيرة، يبدو أنها كانت لجمع المياه أثناء عملية البناء.
وتعتبر واجهة قصر المشتى إحدى أهم الواجهات المعمارية التي ظهرت خلال العصور الإسلامية، وتكمن أهميتها بأنها منحوتة على الحجارة بشكل غائر يشبه أسلوب التفريغ، وهذا الأسلوب يتطلب جهدا ومهارة عالية، نادراً ما نجده في فن الزخرفة على الواجهات الحجرية في العمارة الإسلامية، وقد زينت الزخرفة الواجهة الأمامية بأكملها، إلا أنه لم يبق في الموقع سوى الجزء السفلي منها، وبشكل عام تقسم الواجهة بحركة يبدو بأنها منكسرة صعوداً وهبوطاً إلى عشرين مثلثاً رأسياً ومقلوباً.ويمكن تقسيم العناصر الزخرفية التي زينت بها واجهة قصر المشتى إلى ثلاثة أنواع رئيسية هي: الأشكال الحية، والأشكال الهندسية، والأشكال النباتية.
كما كانت الأشكال الخرافية أحد أهم العناصر المرئية على الجدران، حيث رسم الفنان بعض المشاهد الحيوانية الخرافية وقد تمثلت بجسد حيوان مجنح، ونفذت هذه الأشكال بدقة وعناية فائقة ضمن الوحدات الهندسية المثلثة الشكل.
نقلا عن الخليج