لا يوجد قرينة أو دليل على أن الحكومة العراقية تقبّلت بسعة صدر التوضيح العلني الأردني الرسمي الذي نفى قطعياً المشاركة الأردنية في عملية القصف الأمريكية على مناطق وبلدات قرب الحدود العراقية السورية، ليل الجمعة/ السبت.
بعد الضجيج الذي أثارته صحيفة “وول ستريت جورنال” بالخصوص لا تعليق، لا في عمان، ولا في بغداد، ولا اتصالات احتواء، الأمر الذي يزيد من القناعة بأن الإعلام الغربي يحاول الزجّ بالأردن ومصالحه في مزيج وخليط الفوضى الأمريكية في المنطقة.
وقفت عمان في مسألة شائعة المشاركة في القصف الأمريكي عند حدود بيانها السيادي.
لفت النظر، بالمقابل، أن الحكومة العراقية لم تؤكد ولم تنف، ولم يصدر عنها أي تعليق رسمي ينفي ما ذكرته تلك الصحيفة وأثار ضجيجاً في عمان وبغداد معاً.
لكن بوضوح؛ حكومة بغداد التي وصلت إلى تفاهمات كبيرة وتعتبر صديقة للأردن برئاسة محمد شياع السوداني لم تبذل أي جهد بالمقابل يحول دون حراك جديد ونشط لإصرار اللوبي الإيراني في برلمان العراق، الذي يحاول بين الفينة والأخرى الاصطياد في مياه العلاقات النشطة المتفاعلة بين البلدين.
تداولت منصات أردنية صورةً عن كتاب رسمي موقّع من عضو البرلمان العراقي البارز في اللجنة المالية مصطفى المرياني، ويتضمن اقتراح بند على جدول الأعمال في الجلسة المقبلة يدفع وزارة النفط العراقية لإعادة تسعير فاتورة النفط التي يتم توريدها للأردن.
تحفيزية، خاصة من 10 آلاف برميل إلى 15 ألف برميل يومياً، وبنفس الشروط القديمة، فيما لاحظ طاقم السفارة الأردنية في بغداد بأن خصوم الانفتاح الاقتصادي يعاودون نشاطهم على إيقاع تلك المعلومة التي نفتْها عمان بعنوان مشاركة طائرات أردنية في القصف.
وأرقام الوزارة الأردنية صادقت على ما ورد في سجلات وزارة النفط العراقية بعنوان وصول 464 ألف برميل من العراق في الشهر الأول من العام الحالي.
ويعني ذلك رقمياً على الأقل بأن العلاقات النفطية متواصلة، لكن لا يعني أن ضمانة ذلك مستمرة أو قد تستمر، لأنَّ ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” بدأ يخلط الأوراق، وقد يؤثر على مناطق متعددة وحساسة في العلاقات الأردنية العراقية، علماً بأن الجانب العراقي كان بنيّة التعاقد، قبل أيام فقط، مع خبرات أردنية في مجال الإصلاح الإداري.
الأهم في الخلاصة السياسية أن اللوبي الإيراني في برلمان العراق يحاول إعاقة العلاقات بين البلدين بناءً على معلومة مسرّبة اعتبرتها عمان شائعة فقط، ولم تقل بغداد رسمياً كلمتها بشأنها، فيما برزت ملامح فضولية عند الرأي العام الأردني تحاول الاستدراك وفهم ما جرى، وتخشى من وجود سياسة أمريكية تحاول خلط الأوراق على الطريق السالكة بصعوبة عملياً بين عمان وبغداد.
خيارات التوازن الأردني في إدارة الموقف من جهة العدوان الإسرائيلي على غزة تصطدم عملياً وضمناً بتكتيكات فصائل محور المقاومة، علماً بأن الفصيل الذي ضرب قاعدة التنف على خاصرة الحدود بين سوريا والأردن هو الذي بدأ المجازفة بتوريط الأردن.
بكل حال؛ الانتظار بين الحكومتين على حافة حبال عصبية الآن، والجميع يترقب والتوقعات أن يزداد حجم التعقيد إذا ما استمر الأمريكيون بقصف مناطق وقوى عراقية رداً على مقتل جنود لهم في قاعدة عسكرية في الأردن، كما تقول كلُّ الروايات الأمريكية الرسمية.