أفريقيا على صفيح ساخن

سبت, 01/13/2024 - 09:55

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد صورة طبق الأصل لرجل عازم بقوَّة على تعزيز قبضته الحديدية، وبناء إمبراطورية تهيمن على المنطقة برمّتها، وانتزاع تاج الزعامة الأفريقية بالقوة، فهو الآن، وبعد أن شنّ حربًا ضارية ضد التيغراي، ونكّل بالمعارضين السياسيين، وتحايل على قيام الانتخابات في العام 2020، وتخلّص من أبرز منافسيه، بات أخيرًا يفكر بشكلٍ جاد في ابتلاع دول الجوار.

إثيوبيا تهدد السلم الأفريقي
خلال الفترة السابقة بدأت إثيوبيا تُهدد الأمن والسلم الأفريقي، دون أن تخشى تبعات ذلك، فهي تدعم تمرد مليشيا الدعم السريع، وتستضيف المعارضة السودانية المسلحة، وتسعى للانقضاض مرة أخرى، على منطقة الفشقة، التي استعادها الجيش السوداني، في وقتٍ أيضًا أصر فيه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على استكمال كافة مراحل بناء سد النهضة، وقام بملء وتشغيل السد، بصورة أحادية، وضرب بمواقف واعتراضات دولتي المعبر والمصب عُرض الحائط، وشكل تهديدًا مباشرًا لمصالح مصر والسودان، وحقوقهما التاريخية في نهر النيل، وكانت تلك خطوة عدائية، لم يَقدِم عليها أي حاكم إثيوبي من قبلُ.

لم يكتفِ آبي أحمد بهذه الجبهات المفتوحة، وإنما أعلنت حكومته قبل أيام أن استقلال واستفتاء إريتريا، الذي تحررت بموجبهما من تبعية أديس أبابا، كان ذلك خطأ تاريخيًا وقانونيًا، وهذا يعني بالضرورة عدم الاعتراف الإثيوبي بسيادة إريتريا، وعودة الحرب بين الدولتَين.

القتال لأجل الموانئ
ولعل دافع تلك التصريحات أن إثيوبيا تبحث عن منافذ بحرية، بأي ثمن، على اعتبار أنها دولة مغلقة، وفي سبيل ذلك يمكن أن تقوم بغزو دول الجوار، أو تعزيز الانقسامات فيها، لتضعفها وتنقضّ عليها.

وهو ما أقدمت عليه بالفعل عندما أبرمت مذكرة تفاهم وتعاون مع إدارة ‎أرض الصومال – الأقاليم الشمالية من الصومال – وبموجب هذا الاتفاق سوف تحصل إثيوبيا على قاعدة بحرية في الصومال، مقابل أن ينال الإقليم أسهمًا في الخطوط الجوية الإثيوبية، كما ستعترف إثيوبيا بأن إقليم أرض الصومال الانفصالي دولة مستقلة.

وهو الاتفاق الذي رفضته مصر والسودان، باعتباره تعديًا سافرًا على سيادة الصومال، التي هي بالأساس تحمل عضوية الجامعة العربية، وكان ينبغي أن تكون للدول العربية مواقف موحدة وصارمة تجاه هذا الاعتداء، الذي يعني تعزيز الانقسامات والهيمنة على هذه المنطقة بالقوة، وكبح مطامع آبي أحمد في موارد دول الجوار.

فهو بعد أن اعترته مشاعر العظمة، يريد أن يقاتل في كل الجبهات، على طريقة الإمبراطور هيلاسلاسي، وتعزيز القبضة المركزية بالنهج الدموي الذي سلكه من قبل سلفه منليك الثاني.

بين حميدتي وآبي أحمد
رغم أن أطوار تشكُّل شخصية آبي أحمد تختلف عن الطريقة التي ظهر بها حميدتي، فإن وجود رافعة خفية تعمل على تمكينهما من السُلطة، والتنسيق بينهما في مواقف كثيرة، لا تخفى على أحد، وتلك الرافعة تحركها مصالح في السودان وإثيوبيا معًا، وتعني أن المقاول واحد.

وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى.

وقد اتهم السودانُ تشاد بأنها فتحت مطاراتها لجلب الأسلحة للمتمردين عبر الحدود الغربية، ووصل الأمر إلى قطيعة دبلوماسية، ما يعني اتساع دائرة العنف، ووجود قوى خفية تريد أن تشعل منطقة غرب أفريقيا والساحل، لتسيطر بعد ذلك على أكبر مخزون من الذهب واليورانيوم.

بالتزامن مع تلك الشرارة بات واضحًا أن إثيوبيا عينها على بترول جنوب السودان، وعلى أراضي الفشقة الخصبة، وموانئ إريتريا والساحل الصومالي، وتستخدم مشروع سد النهضة لخلق فزاعة خارجية لقمع الأصوات الداخلية المناوئة لهذا التوجه، وتهديد مصالح دول عربية، مثل تلويح آبي أحمد من داخل البرلمان بحشد مليون إثيوبي لمواجهة خيار الحرب مع مصر والسودان.

الفيديو

تابعونا على الفيس