نشرت مجلة “بوليتيكو” تقريرا قالت فيه إن الحرب على غزة قد تتوسع، وإن الإدارة الأمريكية جاهزة لها. مشيرة إلى أن هذا سيترك الرئيس جو بايدن وسط نزاع فوضوي في الشرق الأوسط، وفي عام يواجه فيه صعوبات لإعادة انتخابه.
وفي التقرير الذي أعدته أرين بانكو، ولارا سيغلمان، وألكسندر وورد، قالوا فيه إن المسؤولين في إدارة بايدن يعكفون على دراسة خطط للرد على ما يمكن أن يعنيه توسع الحرب في غزة على المصالح الأمريكية. ونقلت المجلة عن أربعة مسؤولين، أحدهم مسؤول بارز، وصْفهم الحوارات الداخلية حول السيناريوهات المحتملة التي قد تجر الولايات المتحدة إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط.
وتعد القوات الأمريكية خططا للرد على الحوثيين الذي يهاجمون السفن التجارية في البحر الأحمر، بحسب ثلاثة مسؤولين على معرفة مباشرة بالنقاشات. ويشمل هذا توجيه ضربات مباشرة للحوثيين داخل اليمن، على حد قول مسؤول، وهو خيار تقدم به المخططون العسكريون سابقا.
وفي الوقت نفسه، قال مسؤول إن الاستخبارات الأمريكية تقدمت بمقترحات عن الطرق التي يمكن من خلالها توقع ومنع الهجمات على الولايات المتحدة من الجماعات المسلحة الموالية لإيران في كل من العراق وسوريا. إلا أن المسؤولين في الاستخبارات لم يلاحظوا أية إشارات عن زيادة مهمة في الهجمات، ويخشون من إمكانية ارتفاع وتيرة العنف في الأيام المقبلة.
وتعلق المجلة أن هذا تصعيد قد ينتج عنه تورط أكبر للرئيس بايدن في الشرق الأوسط، وأثناء عام انتخابي، في وقت تحاول فيه حملته التركيز على الموضوعات المحلية. وتشير المجلة إلى أن احتمالات توسع النزاع عالية بعد سلسلة من المواجهات في العراق ولبنان وإيران التي شهدتها الأيام الماضية. وقد أقنعوا البعض في الإدارة، أن الحرب في غزة توسعت رسميا أبعد من حدود القطاع، وهو سيناريو حاولت الولايات المتحدة تجنبه خلال الأشهر الماضية. وتعتبر التطورات خطيرة ليس للأمن الإقليمي فقط، ولكن لفرص إعادة انتخاب بايدن.
فقد وصل الرئيس الأمريكي إلى السلطة متعهدا بإنهاء الحروب، والخروج الفوضوي من أفغانستان، منهيا بذلك 20 عاما من القتال هناك. وينهي بايدن فترته الأولى في الحكم وهو يحشد الغرب من أجل الدفاع عن أوكرانيا، وكمساعد رئيسي وحافز لإسرائيل في حربها ضد حماس.
وتفاخر الرئيس السابق دونالد ترامب، بأنه كان قادرا على وقف الغزو الروسي لأوكرانيا في ساعات قليلة. وقال إن على الولايات المتحدة أن ترفع يديها عن الحرب بين إسرائيل وحماس. وقال جاستن لوغان، مدير الدفاع ودراسات السياسة الخارجية بمعهد كاتو: “يلام الرئيس في السلطة على كل الأمور السيئة، سواء كانت من صنعه أم لا”. و”ستقوم حملة ترامب على رسالة “تذكروا الأيام المجيدة”، وسيجادل أن روسيا لم تكن لتغزو أوكرانيا، ولم تكن إسرائيل لتشن هجوما، ولم تكن الصين لتضغط على تايوان لو كان في الحكم”. وسيرد بايدن: “نعم، كان سيحدث، وأي منها ليس بسبب خطأ مني”، حسبما يقول لوغان، مضيفا: “ليس موضوعا جيدا لبايدن، وحتى تصبح الأمور أكثر سوءا ويموت الجنود الأمريكيون، فلن تكون السياسة الخارجية عاملا مهما في هذه الانتخابات”.
لكن استطلاعا أجرته جامعة كويننبياك في تشرين الثاني/ نوفمبر، أظهر أن نسبة 84% من الأمريكيين، يشعرون بقلق من تورط الولايات المتحدة في نزاع بالشرق الأوسط بطريقة ما. ومع مرور كل شهر، يشعر المزيد من الأمريكيين بالخوف من أن إدارة بايدن تقدم الدعم المادي الكبير لأوكرانيا.
وقال شخص على صلة قريبة من حملة بايدن، طلب عدم الكشف عن هويته، إن “الرئيس في السلطة يواجه دائما أحداثا في السياسة الخارجية”، مشيرا إلى أن الرئيس جورج دبليو بوش واجه العراق، فيما أشرف باراك أوباما على نهاية الربيع العربي أثناء حملة إعادة انتخابه. وأضاف الشخص المقرب، إن بايدن سيركز على موضوعات مهمة مثل الاقتصاد ومستقبل الديمقراطية وحقوق الإجهاض. ومع قرب موسم الانتخابات، فقد أُجبرت الإدارة الأمريكية على معالجة نقاط التوتر في الشرق الأوسط.
وفي نهاية الأسبوع، استهدف الحوثيون سفينة تجارية، بشكل أجبر مروحيات البحرية الأمريكية على استهداف وإغراق ثلاثة من قواربهم.
وفي يوم الثلاثاء، اتهمت حماس، إسرائيل باغتيال صالح العاروري في بيروت. كما قُتل العشرات يوم الأربعاء، أثناء إحياء الذكرى الرابعة لاغتيال الجنرال قاسم سليماني. وأعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عن الهجوم.
وتسارعت وتيرة التوتر في المنطقة، بعد استهداف الولايات المتحدة قياديا عراقيا في بغداد، هو مشتاق طالب السعيدي أو” أبو تقوى” مع مسلح آخر، وفق مسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية. وقال مسؤول بارز، إن الرئيس بايدن اجتمع مع مجلس الأمن القومي في أول أيام السنة لمناقشة الوضع في البحر الأحمر والخيارات للتعامل معه.
وإحدى نتائج اللقاء، كانت بيانا مشتركا أصدرته الولايات المتحدة مع عدد من حلفائها، واشتمل على تحذيرات للحوثيين بأنهم سيواجهون “تداعيات” في حال استمرارهم باستهداف الملاحة التجارية في البحر الأحمر وعرقلة حركة السفن.
وأكد مسؤول بارز آخر أن مخاوف الإدارة الأمريكية من مخاطر توسع الحرب في غزة إلى نزاع إقليمي ليست جديدة. وقال إن الإدارة عبرت عن قلقها وعلى مدى أسابيع من التصعيد في غزة، ولكن لا توجد إشارة حول ظهور تهديدات ضد القوات الأمريكية في الخارج.
ومع ذلك، فهناك مخاوف قائمة. فبعد هجوم إيران، انشغل البيت الأبيض والخارجية والبنتاغون بتقييم الوضع وإمكانية استغلال الجماعات الوكيلة لإيران هذا الأمر، كذريعة لاستهداف القوات الأمريكية في الشرق الأوسط. وقال مسؤول إن الخطط الطارئة عادية، خاصة أثناء حالة التوتر في المنطقة. لكن البحث في داخل الإدارة عن خطط حول توسع الحرب وكيفية رد الولايات المتحدة، تظهر أن الأخيرة قد تضطر للتدخل لو توسع العنف.
وواحدة من مناطق القلق هي البحر الأحمر، فقد أدت التهديدات المستمرة للحوثيين على الملاحة التجارية، إلى إجبار الولايات المتحدة الشهر الماضي، على الإعلان عن قوة مهام خاصة من 20 دولة، وسمحت بمرور 1500 سفينة عبر هذه المياه منذ بداية تفعيلها في 18 كانون الأول/ ديسمبر، حسبما أخبر الأدميرال براد كوبر من الأسطول الأمريكي الخامس. مضيفا أنه تم تسجيل 25 هجوما ضد السفن المارة عبر خليج عدن والبحر الأحمر يوم الخميس.
وأجبرت الهجمات الحوثية كبرى شركات الشحن البحري على تغيير مسارها من البحر الأحمر إلى ممرات أطول عبر رأس الرجاء الصالح.
وقال مسؤول أمريكي: “من منظورنا، فإن الخوف هو من قيام الحوثيين بإغراق سفينة، ثم ماذا سيحدث بعد ذلك”. وهناك مخاوف من توسع حرب غزة إلى لبنان والضفة الغربية، حيث يتم تبادل النيران بين حزب الله وإسرائيل، وهناك تقارير مماثلة في الضفة الغربية.
وزادت المخاوف بعد اغتيال القيادي في حماس، صالح العاروري، وإمكانية رد من حزب الله، مع أن الولايات المتحدة لم تر إشارات على هذا الأمر.
وقال ميك مولروي، جندي المارينز والضابط السابق في البنتاغون وسي آي إيه: “مع محاولة الولايات المتحدة تجنب تحول الحرب في غزة إلى حرب إقليمية، فالقرار هذا ليس بأيدينا”.