يبتّ مجلس الأمن الدولي، الجمعة، تحت ضغط الأمين العام للأمم المتحدة، في دعوة إلى “وقف فوري لإطلاق النار لدواع إنسانية” في قطاع غزة، في عملية تصويت غير محسومة النتائج في ظل أوضاع دبلوماسية مشحونة.
ووجه أنطونيو غوتيريش، الأربعاء، رسالة إلى مجلس الأمن استخدم فيها المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية التي تتيح له “لفت انتباه” المجلس إلى ملف “يمكن أن يعرّض السلام والأمن الدوليين للخطر”، في أول تفعيل لهذه المادة منذ عقود.
وكتب في رسالته أنّه “مع القصف المستمر للقوات الإسرائيلية، ومع عدم وجود ملاجئ، أو حدّ أدنى للبقاء، أتوقع انهياراً كاملاً وشيكاً للنظام العام بسبب ظروف تدعو إلى اليأس، الأمر الذي يجعل مستحيلاً (تقديم) مساعدة إنسانية حتى لو كانت محدودة”، مجدداً دعوته إلى “وقف إطلاق نار إنساني” لتفادي “تبعات لا رجعة فيها على الفلسطينيين وعلى السلام والأمن في المنطقة
وعلق المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك بالقول: “نأمل أن يأخذ مجلس الأمن بندائه”، مشيراً إلى أن الأمين العام تحدث، منذ الأربعاء، مع وزيري الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، والبريطاني ديفيد كاميرون، ومع عدد من الدول العربية.
وبموازاة حملة القصف المدمر التي باشرتها إسرائيل رداً على هجوم غير مسبوق لحركة “حماس”، في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أوقع 1200 قتيل، غالبيتهم من المدنيين بحسب السلطات الإسرائيلية، تشن الدولة العبرية، منذ 27 تشرين الأول/أكتوبر، هجوماً برياً واسع النطاق في القطاع الفقير والمحاصر تماماً، ما أدى إلى استشهاد 17177 شخصاً، أكثر من 70% منهم من النساء والأطفال.
ويعاني القطاع من نقص المواد الغذائية والماء والوقود والأدوية، في وقت نزح 1,9 مليون شخص، أي 85% من سكانه، وسط دمار وأضرار طالت نصف مساكنه.
وعلى إثر رسالة غوتيريش غير المسبوقة، أعدّت الإمارات العربية المتحدة مشروع قرار يطرح للتصويت على مجلس الأمن، الجمعة، على ما أفادت الرئاسة الإكوادورية للمجلس.
واجب “منع وقوع الفظاعات”
ويطالب مشروع القرار، في نسخته الأخيرة، بـ”وقف فوري لإطلاق النار لدواع إنسانية” في غزة، محذراً من “الحالة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة”.
كما يدعو النص المقتضب إلى “حماية المدنيين” و”الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن” و”ضمان وصول المساعدات الإنسانية”.
غير أن نتيجة التصويت غير مضمونة، بعدما رفض مجلس الأمن، في الأسابيع التي تلت اندلاع الحرب، أربعة مشاريع قرارات.
وخرج المجلس عن صمته أخيراً، في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، باعتماده قراراً دعا إلى “هدنات وممرات إنسانية” في قطاع غزة، وليس إلى “وقف إطلاق نار”.
وتعتبر الولايات المتحدة، أقرب حلفاء إسرائيل، أن إصدار قرار جديد لمجلس الأمن “لن يكون مفيداً في المرحلة الراهنة”، وذلك بعدما عارضت أحد مشاريع القرارات السابقة ورفضت باستمرار فكرة وقف إطلاق نار.
وقال مساعد السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة روبرت وود، الخميس: “موقفنا لم يتغير، نعتقد أن أفضل ما يمكن القيام به من أجلنا جميعاً… هو أن ندع الدبلوماسية المتكتمة تتواصل في الكواليس، نعتقد أن هذا أفضل أمل لمحاولة تحسين الوضع ميدانياً ومن أجل المساعدة الإنسانية وإطلاق سراح الرهائن”.
من جهتها، علقت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار، في بيان، أن “القانون الدولي يرتب على الولايات المتحدة، وكل الدول الأخرى الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، واجباً واضحاً بمنع وقوع الفظاعات”.
وتابعت: “لا يمكن أن يكون هناك أي تبرير لمواصلة عرقلة عمل ذي مغزى في المجلس يهدف إلى وقف إراقة دماء المدنيين والانهيار الكامل للنظام الإنساني وفظاعات أسوأ من ذلك ستنجم عن تفكك النظام العام وحركات النزوح الجماعي”.
من جهته قال السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور: “نأمل حقاً أن يصادق مجلس الأمن على هذا القرار، وينصت إلى الموقف الشجاع والمبدئي للأمين العام”.
في المقابل، ندد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين بخطوة غوتيريش، واتهمه، الأربعاء، بأنه يشكل “خطراً على السلام العالمي”.
(أ ف ب)