حرب الإبادة التي تشنها «إسرائيل» في غزة مستمرة ومتصاعدة، إنها تستهدف الناس، رجالاً ونساءً واطفالاً ومسنين ومباني ومستشفيات ومساجد، ومرافق عامة للماء والكهرباء والاتصالات. أحياء برمتها يجري تسويتها بالأرض، كما لا تتأخر طائرات العدو الحربية في قصف تجمعات النازحين في الشوارع، ومحيط ما تبقّى من مستشفيات ومصحات. ما حدث ويحدث في قطاع غزة كارثة هائلة غير مسبوقة في تاريخ فلسطين وبلاد العرب.
كل ذلك والهجوم البري الموعود لم يبدأ بعد. ما حدث ليلةَ يوم الجمعة الماضي من توغلات في محاور ثلاثة كان مجرد اختبار، حسب مزاعم العدو، لقدرات المقاومة الدفاعية. مهما يكن الأمر، المقاومة أفلحت في صدّها، وإنزال خسائر فادحة بالمهاجمين. حربُ الإبادة مستمرة إذن، ومتصاعدة لدواعٍ ثلاثة تتكرّر على ألسنة كبار قادة العدو:
«طوفان الأقصى» لم يخلّف صدمةً عامة وعارمة في نفوس الإسرائيليين فحسب، بل ولّد في نفوسهم أيضاً، خصوصاً لدى القادة السياسيين والعسكريين، شعوراً بأن كيان الاحتلال بات يواجه خطراً وجودياً، ما يستوجب التخطيط والإعداد لمواجهة استثنائية ضد الأعداء.
هيبةُ «إسرائيل» و»شرفها» انتهكهما «طوفان الأقصى»، وفعل المقاومة الفلسطينية ما يستوجب، في رأي كبار القادة والمسؤولين، ثأراً مدوّيا من مسبّبي هذه الإهانة بغية استعادة ماء الوجه والهيبة.
على مدى تجاوب الحكام العرب مع شعوبهم الغاضبة والمؤيدة بحرارة للشعب الفلسطيني ومقاومته الصلبة. إلى ذلك، فإن المقاربة الثالثة، العنفية، يتوقف تحقيقها على مدى اقتدار حركة «حماس»، أي على مدى امتلاكها صواريخ دقيقة تمكّنها من التركيز والتصويب على المرافق الاقتصادية المهمة داخل كيان الاحتلال. كذلك هي تتوقف على مدى تجاوب «أنصار الله» في اليمن الذين يمتلكون صواريخ بعيدة المدى (عشرون ألف كيلومتر) وما إذا كانت دقيقة لتصيب مرافق ذات اهمية في إيلات وسائر مناطق جنوب فلسطين المحتلة.
أخيراً وليس آخراً، فإن أطراف محور المقاومة، القريب منهم من فلسطين المحتلة، أو البعيد عنها، يبقون مسؤولين أمام شريكتهم «حماس»، كما أمام شعوبهم عن مدى إسهامهم، لاسيما المقتدرين منهم، في دعم المقاومة الفلسطينية، أو الإحجام عن دعمها وإسنادها بالشكل المناسب في هذا المنعطف الخطير الذي تمرّ به القضية الفلسطينية.
كاتب لبناني
issam.naaman@hotmail.com