تمادى الاحتلال الغاشم وتَعدى كل الخطوط الحمراء فى بَطشه خلال حَربه الضروس على قطاع غزة، ارتَكَب أبشَع المجازر البشرية، قَتَل الأطفال والمُسنين والمدنيين بدم بارد وبلا رحمة ولا ضمير وبلا إنسانية، قَصف وفَجَر وهَدم المنازل ولم يَفرِق عِندَه قصف مستشفى أو مدرسة أو مقرات للمُنظمات الدولية الإغاثية، قَتَل الصحفيين عمداً ولم يحترم المواثيق الدولية، هَدَم المساجِد ولم يراع حَرمَتها، قطع الكهرباء والماء ومنع الوقود والغذاء والدواء. المُستشفيات تَوَقَفت عن العمل والعمليات الجراحية تُجرى بلا تخدير، سيارات الإسعاف لا تَجِد وقودا، محطات مياه الشُرب لا تعمل نتيجة انقطاع الكهرباء.. إنهم لا يعرفون معنى السلام والإنسانية، هُم بأفعالهم النكراء يَحرِقون أغصان الزيتون.
كُنت أعتقد أن بُكاء ودموع وصُراخ وأنين "طفل" واحد فى قطاع غزة قادر على تحريك إنسانية كل دول العالم، كُنت أعتقِد أن المأساة الإنسانية التى يعيشها ما لا يقل عن 2.3 مليون مواطن فى قطاع غزة ستجعل المنظمات الدولية تَهِب مُسرعة للإغاثة وتقديم المُساعدات الغذائية والطبية، كُنت أعتقد أن ما نُشاهده من دمار وخراب فى قطاع غزة قادر على تحريك السياسيين والإعلاميين والبرلمانيين فى كل البرلمانات فى العالم، للدفاع عن حق الإنسان فى الحياة، كُنت أعتقد أن القَصف الإسرائيلي المُتواصل _ صباحاً ومساء _ لكل مبانى ومُنشآت قطاع غزة سيكون سبباً رئيسياً فى عقد اجتماع طارئ فى مجلس الأمن وتوجيه إدانة لإسرائيل بأشد العِبارات، ومُطالبتها بوقِف هجماتها البربرية على قطاع غزة، كُنت أعتقِد أن دُعاة الحق والعَدل سيقفون وقفة تُكتَب لهم فى تاريخهم وسيتَصدون لغرور وغطرسة المُحتل.. كُنت أعتقِد أشياءاً كثيرة وردود فِعل إقليمية كثيرة وتَحرُكات دولية كثيرة لكن للأسف لم يتحرَك أحد التحرُك المطلوب ولم تَكُن ردود أفعالهم على قَدِر الحَدَث.
يا أحرار العالم أين أنتم؟، هل تعلمون أن أكثر من ثلت سكان قطاع غزة يُعانون من انعدام الأمن الغذائى؟، هل تعلمون أن 80% من سكان قطاع غزة يعتمدون على المساعدات الدولية؟، هل تعلمون أنه فى الأيام العادية قبل نشوب الحرب على قطاع غزة كانت الكهرباء تُقطع لمدة 12 ساعة يومياً والآن تُقطَع طوال الـ 24 ساعة ويعيش أهالى القطاع بدون مياه شُرب وصرف صحى؟، هل تعلمون أن العيش والإقامة فى قطاع غزة يعنى العَزل عن العالم والفقر فى واحدة من أكثر مناطق ازدحاماً فى العالم؟، هل تعلمون أن نسبة النمو فى قطاع غزة مُرتفعة جداً وأصبح كل فرد يعول 6 أفراد؟، هل تعلمون أن نسبة البطالة فى قطاع غزة وصلت إلى 45% وهى أعلى نسبة بطالة فى العالم؟
حتماً، ستعود الحقوق إلى أصحابها ولو بعد حين، وبالتأكيد سينقلِب السِحر على الساحر، وستنفضح أفعال المُحتل وسيحدُث استنفار للمنظمات الدولية وسيعلمون أنهم يضربون عرض الحائط بالمبادئ الدولية والحقوق المشروعة للشعوب.
يا شعب فلسطين اصمدوا، (ولا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ)، فالأرض أرضكم والحق حقكم، وقضيتكم عادلة وسيدور الزمن وستعود أراضيكم وسيُنصِفكم الله _ عزوجل _ وستُعلن دَولتكم المُستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. ثقتى فى نضالكم بلا حدود، ثقتى فى عُنفوانكم شديدة، ثقتى فى تحمُلكم وصبركم وجَلدكم كبيرة لأنكم أهل حق وعلى حق، ثقتى أن الإنسانية المدفونة فى قلوب من يُديرون المُنظمات الدولية ستستيقظ فى يوم من الأيام، وسيأتى اليوم الذى سنرفع فيه علم فلسطين على أراضيكم.