فلسطين… ما أشبه ما نحن فيه!

أربعاء, 10/25/2023 - 08:32

بشكل ارتجالي، بلا دراسة علمية لحقائق الميدان. في مساء يوم 12 مايو 1948م، أي قبل إعلان انتهاء الانتداب بيومين، وافق المجلس على دخول الحرب. في الجهة الصهيونية كان الأمر مختلفاً، فقد كانت الوكالة اليهودية تمثل القيادة السياسية اليهودية ويرأسها ديفيد بن غوريون، بالتعاون مع القوة العسكرية المتمثلة في الهاغانا الذي شكل لاحقاً جيش الدفاع، وجماعتي إرغون وشتيرن. سارعوا إلى استغلال الوقت استغلالاً كلياً، بتنظيم محكم. وبخرائط حربية كانت جاهزة ولا تنتظر إلا مغادرة الإنكليز. تولى من الجهة العربية، الملك عبد الله مركز القيادة العليا للجيوش العربية في فلسطين، بينما تكلف اللواء المصري محمد أحمد المواوي القيادة العامة للقوات العربية، بالإضافة إلى قوة خفيفة من المتطوعين يقودها البكباشي أحمد عبد العزيز، تعمل على المحور الشرقي من خط العوجا، إلى بئر السبع، إلى الخليل وبيت لحم. وبدأ التفكير في تدبير الأسلحة بعد رفض الإنكليز، ولم تستطع لجنة احتياجات الجيش أن تلبي الحاجات العسكرية. فظهرت بعدها فكرة السلاح الفاسد الذي قيل عنه إنه كان السبب الرئيس في الهزيمة العربية. ربما كان عاملاً ثانوياً. الذي يدخل حرباً مصيرية قبل يومين لا يمكنه إلا أن يهزم أمام عدو شرس ومصمم ومدرب من بريطانيا. انتهت حرب فلسطين بهزيمة مصر والدول العربية، واستيلاء إسرائيل على أرض فلسطين كلها، ما عدا الضفة الغربية والقدس العربية، وقطاع غزة الذي يشكّل اليوم شوكة في حلق إسرائيل المصممة على إذلال العربي وإنهاء أية مقاومة ضد الاحتلال، بتحالف أوروبي ما يزال تحت أزمة ضمير جريمة ارتكبها النازيون بصمت متواطئ من أوروبا التي تعيد اليوم إنتاج نفس الحالة مع غزة التي تتم إبادتها بتزكية أورو-أمريكية إجرامية.. فحصلت إسرائيل بذلك على أكثر مما أعطتها إياها وثيقة التقسيم.
كل المقاومات العربية اللاحقة أخفقت، لأن العرب دخلوا بعقلية المهزوم أو المستهين بالعدو. فقد تشكل جيشهم الأول من المتطوعين وليس من محاربين حقيقيين؛ من لحم المدافع، الذين ذهبوا للجبهات ليس للانتصار لكن للاستشهاد. جيش الإنقاذ الذي أوكلت له مهمة إنقاذ فلسطين، بلا تدريب، كان عليه إنقاذ نفسه تنظيماً من هلاك كان يرتسم في الأفق، ولا مكان للنوايا الحسنة في الظرفيات المصيرية. فطريق جهنم مفروش بالنوايا الحسنة. وعلى الرغم من أن عدد وحدات جيش الإنقاذ كان كبيراً، لم تنفع لا قيادة ولا شجاعة اللواء إسماعيل صفوت، الذي كان وراءه حوالي 4000 متطوع، ولا قيادة وشجاعة فوزي القاوقجي، ولا جرأة 2500 مجاهد فلسطيني، على صناعة قدر آخر غير الهزيمة. الرغبة كانت كبيرة، لكن الفعل كان انتحارياً في النهاية. لم يكن الجيش الإسرائيلي قوياً، ولكن الجيش العربي كان ضعيفاً ومستهيناً بعدو صنعته الصفقات البريطانية والوكالة اليهودية. القادة العرب يتصرفون إلى اليوم تصرف المهزوم. ليست المفاوضات عبر التاريخ هي الإشكال، ولكن كيفية الدخول إلى المفاوضات، بأية أوراق للضغط؟ كانت المقاومة والانتفاضة في وقت من الأوقات، هي تلك الورقة الساحرة، لكنها سقطت بعد اتفاقية أوسلو وأصبح الجسد الفلسطيني عارياً بين مخالب صهيونية مفترسة لا تؤمن إلا بالغطرسة والقوة.

الفيديو

تابعونا على الفيس